بمسؤولية عالية وحنكة دبلوماسية قوية ومتقدمة، جاء رد حركة المقاومة الإسلامية "حماس" على مقترح الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، لوقف إطلاق النار في غزة بالموافقة في مفاجأة صادمة لرئيس حكومة الاحتلال والمتواطئين معه في حرب الإبادة الصهيونية، التي خلفت في ظرف عامين أكثر من 66 ألف شهيد في القطاع المنكوب. أبدت "حماس" في ردها، الذي جاء بصيغة متزنة، موافقتها على الإفراج عن جميع أسرى الاحتلال أحياء وجثامين وفق صيغة التبادل الواردة في مقترح الرئيس ترامب مع توفير الظروف الميدانية لعملية التبادل، مؤكدة في هذا السياق استعدادها للدخول فورا من خلال الوسطاء في مفاوضات لمناقشة تفاصيل ذلك. وجدّدت في بيانها، الذي أصدرته ليلة الجمعة إلى السبت، موافقتها على تسليم إدارة قطاع غزة لهيئة فلسطينية من المستقلين "تكنوقراط" بناء على التوافق الوطني الفلسطيني واستنادا للدعم العربي والإسلامي. أما فيما يتعلق بما ورد في مقترح الرئيس ترامب من قضايا أخرى تتعلق بمستقبل قطاع غزة وحقوق الشعب الفلسطيني الأصيلة، فقدت أكدت "حماس" أن ذلك "مرتبط بموقف وطني جامع واستنادا إلى القوانين والقرارات الدولية ذات الصلة، ويتم مناقشتها من خلال إطار وطني فلسطيني جامع ستكون حماس من ضمنه وستسهم فيه بكل مسؤولية". وجاء قرار "حماس" بعد إجرائها مشاورات معمقة مع قيادتها ومشاورات واسعة مع القوى والفصائل الفلسطينية ومع الوسطاء والأصدقاء، للتوصل لموقف مسؤول في التعامل مع خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وذلك كما جاء في البيان، حرصا منها "على وقف العدوان وحرب الإبادة التي يتعرض لها أهلنا الصامدون في قطاع غزة وانطلاقا من المسؤولية الوطنية وحرصا على ثوابت شعبنا وحقوقه ومصالحه العليا". وأوضحت أنها اتخذت هذه القرارات بعد دراسة مستفيضة وسلمتها للوسطاء، مقدرة الجهود العربية والإسلامية والدولية وجهود الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، الداعية إلى وقف الحرب على قطاع غزة وتبادل الأسرى ودخول المساعدات فورا ورفض احتلال القطاع ورفض تهجير الشعب الفلسطيني منه. وبذلك تكون "حماس" قد أبانت عن مسؤولية عالية وحنكة سياسية يرى كثيرون أنها أعادت تشكيل المشهد وقد أثار ردها المدروس بدقة نقاشا واسعا بين المحللين الذين رأوا فيه تحوّلا أربك المشروع الأمريكي وقلب التوقعات في المنطقة. فحتى مع تقلبات ومزاج الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، لم يتوان هذا الأخير في نشر رد "حماس" على منصته الخاصة على مواقع التواصل الاجتماعي في تطوّر يؤكد مدى الجدية التي يتعامل بها مع هذه الحركة الفلسطينية التي أراد الكيان الصهيوني تشويه صورتها بإلصاق تهمة "الإرهاب" بها لكنها عرفت كيف توضح حقيقتها المقاومة للعالم أجمع.