خطة ترامب لإنهاء الحرب: بقلم: أ. د. محسن محمد صالح إن الشعب الفلسطيني هو الشعب الأكثر تعلماً في العالم العربي، وهو ضمن الأعلى عالمياً، ويملك مئات الآلاف من الكفاءات والخبرات في كافة المجالات العلمية والتكنولوجية والاقتصادية والإدارية والسياسية... وهو لا يحتاج من أحد درهماً ولا دولاراً... ولا طعاماً ولا غذاءً... مشكلته الأساسية هي الاحتلال... وحل مشكلته هي في إنهاء الاحتلال. الاحتلال هو الذي يُصادر أرضه ويقمعه ويخنق حريته ويطمس إبداعه، ويقتله ويهجره ويدمر بناه التحتية ومدارسه ومستشفياته ومصانعه... وما يفعله ترامب هو مكافأة الاحتلال وليس إنهاءه. خطة ترامب تُقدّم لحماس وقوى المقاومة وصفه "انتحار وتدمير ذاتي"، فهي تخرجها من المشهد السياسي الفلسطيني، وتلغي مقاومتها وتدمر بناها التحتية، وتنزع أسلحتها، وتطلب منها الموافقة على الوصاية الأمريكية والخارجية على القطاع، وتلزمها بالموافقة على بقاء الاحتلال الإسرائيلي على أجزاء واسعة من القطاع بحيث يكون انسحابه مزاجياً وكيفياً ووفق ما يرتئي من معايير... هي باختصار عملية استسلام في مقابل السماح بتوفير الاحتياجات الأساسية لأهل غزة. وهي تحاول أن تُظهر (بشكل مخادع) حماس وقوى المقاومة وكأنها هي سبب تعطيل حصول الشعب الفلسطيني على احتياجاته الأساسية، وتحاول أن تضعها في مواجهة البيئة العربية والدولية، وكأنها هي سبب استمرار الحرب والدمار في غزة؛ وتحاول قلب جوهر السردية الفلسطينية، بعد أن اتسعت دائرة التعاطف العالمي مع الشعب الفلسطيني وقضيته وانكشف التوحش الصهيوني وغطرسته، من خلال تنفيس وإضعاف وتفكيك الدعم العالمي وامتصاصه وإفراغه من محتواه، وإعادة تصويب سهام اللوم والغضب تجاه حماس والمقاومة الفلسطينية. خطة ترامب توجد كياناً وظيفياً له مهام أمنية أساسية، حيث سيقوم بالنيابة عن الاحتلال الإسرائيلي بمتابعة اجتثاث حماس والمقاومة، وبتتبُّع خلاياها العسكرية واعتقالها وتصفيتها وتحييدها، كما سيلاحق مؤيدي حماس في الدوائر والمؤسسات الحكومية التعليمية والصحية والاقتصادية والخدماتية للتخلص منها، كما حدث ويحدث في الضفة الغربية. وسيتم ربط الانسحاب الإسرائيلي التدريجي من القطاع بمدى نجاح هذا الكيان الوظيفي في تحقيق الأهداف الإسرائيلية. وبالتالي، فسواء وافقت حماس على الخطة أم لم توافق فإن رأسها مطلوب، واجتثاثها بالطرق الخشنة أو الناعمة سيستمر. معظم بنود الخطة تتسم بالهلامية وانعدام الوضوح، خصوصاً عندما يتعلق الأمر بالالتزامات الإسرائيلية، والعديد منها يحتاج كلّ بندٍ منه مساراً تفاوضياً خاصاً لوضعه على سكة التنفيذ. وهذا يوفر للاحتلال الإسرائيلي مساحة كبيرة للمراوغة والتهرُّب ولفرض الأمر الواقع