عاش المتتبعون للحدث الليبي، عشية أمس، مظاهر تكاد تكون مشابهة لما عاشه العراق بسقوط بغداد قبل قرابة العشر سنوات مع تغيير في الديكور وهو عدم وجود قوات التحالف على الأرض، فكانت المشاهد سيناريو العراق بإخراج جديد. ويبدو أن التحالف في هذه الحالة قد فهم الدرس من تدخله المباشر والميداني في الأنظمة التي يريد إسقاطها فاكتفى بإسناد المعارضة جوا، حيث دك معاقل قوات معمر القذافي واستنزف قوتها وإمكانياتها القتالية المادية والمعنوية، والمؤسف في هذه الأزمة أن الدول الغربية التي أعلنت حربها على نظام معمر القذافي حالت دون الحلول السلمية المقترحة حقنا لدماء الليبيين وحفاظا على شعرة معاوية في علاقاتهم مع بعضهم تفضي في نهاية المفاوضات إلى اتفاق إما بتسليم السلطة أو إجراء انتخابات يختار فيها الشعب من يحكمه ومن ثم النظام الذي يروقه. أما وقد وقع الفأس في الرأس وأخذت الأحداث مجرى لم تترك فيه أية فرصة للعودة إلى الوراء فإن ليبيا بعد اليوم هي أقرب منها إلى سيناريو العراق منها إلى سيناريو تونس أو مصر، حيث لم ينته إسقاط النظامين فيهما بمعارك مسلحة لعب فيها الحلف الأطلسي الدور الحاسم. وهو الوضع الذي قد يحول دون استقرار الأوضاع داخليا وتكون له انعكاسات أمنية على الجوار، الذي سعى دبلوماسيا إلى احتواء هذا النزاع لإدراكه خطورة تداعياته.