نحن بحاجة إلى ماء السماء، ولأننا لا نعرف التصرف فإن الماء حين ينهمر علينا من السماء تفيض الوديان والمجاري والسدود، قاتلة من تقتل ومشردة من تشرد، وحين تشح السماء نموت بالجفاف، وكأن هذه البلاد وحدها من تنهمر فيها الأمطار، رغم أن كمية الأمطار التي تتساقط في بلدان أخرى أكثر بكثير منها عندنا ولأن من يسير تلك البلدان يسيرها بالحكمة والعمل الجاد فإن كل قطرة من مياه الغيث تجد مكان لها في السدود ومياه السقي ولا يضيع منها إلا النزر القليل والقليل جدا. عندنا بعض الملمترات تحدث حالة طوارئ وتجعل الناس يقضون لياليهم في العراء خشية فيضانات الوديان والسدود او انهيار أسقف المنازل عليهم، وفي المدن الكبرى تسد الأشياء التي تجرفها السيول البالوعات وتصبح طرقاتنا أشبه بخطوط بحرية تسبح فيها المركبات و يمكن حتى لسفينة التيتانيك أن تبحر في الطريق السيار شرق غرب حين يغرق في مياه المطر التي صارت مشكلة حين تهطل ومشكلة حين لا تهطل، حتى أن الأئمة باتوا في حيرة من أمرهم هل يصلون صلاة الاستسقاء فيستجيب لهم رب السماء فتهطل عليهم الأمطار فتغرق الناس وتهلك الحرث والنسل بسبب سوء التدبير والتسيير أم يتركون الأمر على حاله فيهلك الزرع والنسل عطشا، وحدنا في هذه البلاد من نعيش في أزمة مياه وأزمة جفاف ووحدنا من يغرقنا الخير فيقتلنا لا لشيء سوى لأننا أمة لا تحسن التسيير ولا التدبير .