إذا كانت حملة الترحيل تعتبر نعمة لدى البعض فإنها انعكست بالسلب على البعض الآخر، لاسيما المستأجرين الذين وجدوا أنفسهم بين ليلة وضحاها مهددين بالطرد من البيت المؤجر خاصة وأن العلاقة التي تربطهم مع المؤجرين لا تعتمد على أي أساس قانوني وحصلت عن طريق الاتفاق الشفوي من دون الاستناد إلى أي وثيقة رسمية، مما سهل على المؤجرين إخراجهم دون أدنى حماية قانونية في ظل غياب توثيق عقد الإيجار ما أدى إلى نشوب نزاعات فيما بينهم تطورت إلى عراكات، وفيما تحجج بعض المؤجرين بنية استيلاء المستأجرين على البيت القديم والاستفادة من البيت الجديد ذلك ما لا يخدمهم. مما أدى إلى عودتهم إلى البيوت القديمة التي استأجروها بعد حصولهم على سكنات، ومن ثمة تمكنهم من الاستفادة من سكنات أخرى كحق مشروع لهم باعتبارهم الملاك الأصليين لتلك البيوت السكنية، ذلك ما لم يستسغه بعض المستأجرين وعزفوا عن الخروج والاستسلام خاصة وأن هناك من دفعوا تسبيقات، وتمسكوا بإنهائهم المدة التي اتفقوا عليها مع مالك البيت مما أدى إلى نشوب نزاعات بين الطرفين. وقد شهدت أغلب الأحياء التي مستها العملية تلك النزاعات مما ولد أزمات تزامنا مع حملات الترحيل، بحيث تشردت بعض العائلات بين ليلة وضحاها لاسيما وأن إيجارها لا يعتمد على أي أساس قانوني، مما سهل على المؤجرين إخراجهم دون أدنى حقوق، هو حال إحدى العائلات التي سكنت إحدى الشقق بعد أن اتفقت شفويا مع مالك البيت من أجل استئجار الشقة لمدة عام إلا أنه ما لبث أن عاد المالك الأصلي بعد بدء عمليات الترحيل على مستوى الحي، وطالب تلك العائلة بالخروج وديا إلا أنها امتنعت وتمسكت بإنهاء المدة لاسيما وأنها لا تملك مأوى آخر تلجأ إليه بعد خروجها من هناك، أضف إلى ذلك عدم انتهاء المدة المتفق عليها مما أدى إلى نشوب نزاع حاد بين العائلتين، وتمكن في الأخير المؤجر من إخلاء بيته بعد طرد المستأجر، وما ساعده على ذلك هو عدم وجود سندات قانونية ذلك ما يؤثر بالسلب على المستأجر من كل النواحي. يقول أحد المحامين لدى مجلس قضاء العاصمة إن العلاقة الإيجارية يجب أن تكون وفق تحرير عقد إيجار رسمي أمام الموثق يحمي حقوق المستأجر وتتوفر به الحماية القانونية له في كل الأحوال، وأضاف أنه قبل سنة 2008 كانت مدة العلاقة الإيجارية محددة بعامين، أما بعدها فلم تعد محددة، إلا أنه وجب إعذار المستأجر ب15 يوما كاملة قبل انتهاء مدة الإيجار، كما يمنع على المستأجر إخراجه في أيام الأعياد والعطل الأسبوعية. وفي حالة انتهاء المدة ورفض المستأجِر الخروج، على المؤجر رفع دعوى لإخراجه وتسخير القوة العمومية، أما قبل انتهاء المدة القانونية المحددة في العقد فلا يحق له ذلك. وأضاف المحامي أن العقد الموثق يحمي المستأجر من جميع الجوانب على خلاف الاتفاق الشفوي الذي لا يمتّعه بأي حماية، بل يمكّن المؤجر من إخراجه في أي وقت. وعن وضعية المستأجر في حال حصول المؤجر على سكن جديد وفقا لما هو حاصل في هذه الأيام أفادنا الأستاذ أن المؤجر له الحق في الانتقال إلى السكن الجديد لاستكمال مدَّة الإيجار، فعلى المؤجِّر ضمان المحل إذا رفض ذلك أو تعويضه عن المدة المتبقية بإرجاع مبلغ الإيجار، وختم بالقول إن الاتفاقات الشفوية غير المدعمة بعقودٍ مكتوبة لا تخدم البتة المستأجرين ولا تزودهم بالحماية القانونية مهما كنت الظروف، وللأسف ذلك ما هو شائع في الآونة الأخيرة مما أدى إلى نشوب نزاعات بين الطرفين وصلت إلى حد جنح الضرب والجرح العمدي.