"النحلة" تلسع الأطفال وتحقنهم بقيم العمل والحب والاجتهاد استقطبت مسرحية "النحلة" أزيد من 1200 طفل إلى دار الشباب ببلدية أم الطوب /سكيكدة/ وشدت أذهانهم لعالم أمتزج فيه الخيال بالواقع والحلم بالحلم والأمل والألم، ووضعتهم وجها لوجه أمام تحديات الطبيعة وقساوتها بعواصفها وزمهريرها المشاكلة للواقع وعوائق النجاح وعوامله، فالحصول على عسل مصفى يقتضي عملا دؤوبا وتضحيات جساما وتنظيما محكما للأدوار داخل المجتمع وتحكما في الزمن وكذلك النجاح في مسيرة الحياة وتحقيق الطموح وتجسيد الأحلام يقتضي الأسباب ذاتها ضد الطفولة. مسرحية "النحلة" التي قدمتها جمعية البسمة الثقافية لسكيكدة بدار الشباب لأم الطوب ألفها سعد روانة عزالدين وأخرجها ومثلها فؤاد بن أحمد رفقة البراعم سمية وأيمن وأسماء (النحلة) ظهر أمس داخل ديكور بستاني على ركح قاعة دار الشباب بألوان الطيف وأزهار وورود وأشجار الحدائق الفيحاء، يقف داخله شيخ كبير أفنى شبابه وسواد شعره في العمل بخلايا نحل تدر عليه كل موسم زاد من العسل غذاء وشفاء، لكن المرض ينهك قواه فيسعى ليورث المحنة والاجتهاد لابنه، لكن الطفل يعتريه الكسل والغرور واللامبالاة فلم يقدر المسؤولية حق قدرها فينعكس ذلك سلبا على البستان وخلايا النحل، وتهب عواصف ورياح عاتية تحول المكان المزهر إلى صحراء جرداء قاحلة. تنذر بالخراب. مما شكل بعدئذ كابوسا للطفل الذي لم يأخذ بنصيحة أبيه، ولم يتخذ من العمل منهجا ومن الاجتهاد عادة، فأصبح يتوجس ويعيش أحلاما ويدخل في عالم الخيال وفي هذا الواقع المخيالي الجديد تهاجمه أشجار البستان وأزهاره ووروده وتجابهه لينتقذها وينقذ بستانه ونفسه، حيث تجسدت في أشخاص من البراعم تخاطبه جماعات وفرادي بحكم وأناشيد وأغاني ومواعظ وحكم يجمعها غرض واحد هو العمل، إذ لا مناص من العمل لتحقيق النجاح واستعادة الأمل على طريق النجاح في صناعة الطبيعة. إن هذه المشاهد التي تألقت البراعم في تجسيدها وتفاعل معها الأطفال رغبا ورهبا تعاطفا واستهجانا سواء مع أناشيدها أو حكمها أو حركاتها المعبرة وبنائها الدرامي الذي يأخذ بألباب الطفولة، استطاعت أن تبني جسرا بينهم وبين الطبيعة والايكولوجية، ويغرس في نفوسهم حب العمل والاجتهاد وحب المحيط، لأن التكاسل يفضي كما يرون إلى الخراب والدمار. كما يطلعهم على أهمية التواصل ونقل الخبرات بين الأجيال، فالأباء لم ينجوا ويعمروا الأرض إلا بالعمل. كما أن النحلة لا تصل إلى العسل الذي يعد أغلى وأحلى وأنقى منتوج طبيعي إلا بالعمل والتنظيم وتناقل الخير وتوزيع الأدوار. وهي قيم حري نقلها للطفولة بالمدارس وكهذا دور شباب.