11 سنة، هو عمر المحنة التي تعيشها عائلتا "فنطازي" و"بلعقون" في قلب مدينة الشّهيد زيغود يوسف بولاية قسنطينة، قَلّ أن يُعرف لها نظيرٌ في جزائر 2017م؛ محنة جعلت العائلتان ترفعان نداء استغاثة عاجل إلى السّلطات المحلية والولائية، لأجل التدخّل لإخراجهما من الوضع الذي تعيشانه، قبل أن تتحوّل محنتهما إلى مأساة. العائلتان تقطنان بقايا سكن، بُني في عهد الاستعمار بالحجارة والطّين، لا تتوفّر فيه أدنى شروط الحياة. تزاحمهما فيه الجرذان والثّعابين، ولا يقيهما الحرّ ولا يردّ عنهما البردّ.. مهدّد بالانهيار على ساكنيه في أيّ لحظة، بسبب تشقّق وميل جدرانه واهتراء سقفه الذي تهاوى قسم كبير منه على إثر الهزّات الأرضية التي عرفتها المدينة والمناطق المجاورة لها في الآونة الأخيرة.. معاناة كلّ من عائلة "بلعقون" المكوّنة من أمّ مطلّقة وابنتيها، وعائلة "فنطازي" المكوّنة من أب وأمّ وابنيهما، مع الأمراض تتفاقم عاما بعد عام، بسبب الغبار النّاجم عن تشقّق الجدران وتآكل السّقف، وتبلغ المعاناة ذروتها في فصل الشّتاء، بسبب الشّقوق والفتحات التي تملأ المسكن، وبسبب الرطوبة التي أدّت إلى إصابة أفراد العائلتين، خاصّة الأطفال، بأمراض لم يجد أمامها السيّد عاشور فنطازي، ربّ إحدى الأسرتين سوى أن يقول: "حسبنا الله ونعم الوكيل"، وهو يتحدّث عن معاناته ومعاناة زوجته وابنيه، ليضيف قائلا إنّ كلّ يوم يمرّ عليهم في هذا المأوى يدفع أبناءه فاتورته غالية بسبب تفاقم الأمراض التي أصيبوا بها، وبسبب الخوف الدّائم الذي يعيشونه من انهيار السّكن على رؤوسهم. ولم ينس السيّد فنطازي الذي تحدّث بعض الشّباب المهتمّين بقضية العائلتين عن معاناته مع الفقر الذي حال بينه وبين توفير ضروريات العيش التي أصبحت من أمانيه التي يرجو تحقّقها؛ لم ينس أن يتحدّث بكلّ مرارة وحسرة كيف أنّ المأوى وعلاوة على الوضعية الكارثية التي آل إليها، غير مربوط بشبكة المياه! ولا بشبكة الكهرباء! ولولا الله أولا، ثمّ كرم بعض الجيران لكانت المعاناة أشدّ وأعظم. هي إذن مأساة حقيقية تعيشها العائلتان في قلب دائرة زيغود يوسف، وعلى مرآى ومسمع المسؤولين المحليين الذين عاينوا الوضع وشهدوا بأنّه مأساويّ وغير إنسانيّ، ووعدوا بالتدخّل لدى والي الولاية لإيجاد حلّ عاجل للقضية، لكنّ السّنوات تمرّ والمعاناة تتفاقم، ولا حلّ في الأفق، خاصّة وأنّ العائلتين وفي كلّ مرّة يتمّ استقبالهما في مقرّ الدّائرة تسمعان الردّ نفسه، بأنّ عليهما انتظار المشروع "الوهميّ" الذي وُعدا بالاستفادة منه! مشروع 200 سكن لا وجود له على أرض الواقع، ولم تنطلق به الأشغال بعدُ، ولا يُنتظر أن تنطلقّ، لأنّه لا يملك وعاءً عقاريا حسب ما تقول العائلتان. حسرة العائلتين على الوضع المأساوي الذي تعيشانه ازدادت بعد توزيع 330 سكنٍ اجتماعيٍّ في مدينة زيغود يوسف بمنطقة "الفجّ" في الآونة الأخيرة، من دون أن تكون عائلة فنطازي ولا عائلة بلعقون ضمن المستفيدين، على الرّغم من أنّ الجميع يشهد بأنّ وضعيتهما مستعجلة، وكان يفترض أن تكون لهما الأولوية في الاستفادة. في الأخير يقول السّيد فنطازي والسيّدة بلعقون إنّ أملهما في الله كبير بأن يسخّر لهما من ينتشلهما من هذه المعاناة، ويوجّهان نداء استغاثة إلى السّلطات المحلية للنّظر بجدية في وضعية العائلتين، وآخر إلى السيّد والي ولاية قسنطينة يلتمسان تدخّله العاجل لأجل انتشالهما من هذا المأوى الذي يتهدّد حياة أفرادهما في كلّ لحظة.