وقعت إجراءات الحكومة الخاصة بتنظيم التجارة الخارجية، عبر تسقيف استيراد عدد من المواد، وربط دخولها السوق الوطنية بنظام "الكوطة"، شهادة وفاة أزيد من 3000 شركة مختصة في الاستيراد، معظمها مرتبطة بقطاعات الخشب والسيارات واللحوم المجمدة والإسمنت، ورغم الأثر الإيجابي لهذه القرارات وتراجع فاتورة الواردات نسبيا، إلا أن العجز في الميزان التجاري بقي مرتفعا طيلة السنتين الأخيرتين، كما تشهد عملية تموين السوق بعدد من المواد تذبذبا ملحوظا، بسبب تأخر صدور رخص الاستيراد، وفقا لتقرير جمعية الجزائر استشارات للتصدير. ويؤكد رئيس جمعية "الجزائر استشارات للتصدير" إسماعيل لالماس، في تصريح ل"الشروق" أن قرار الحكومة بضبط التجارة الخارجية بداية من جانفي 2016، عبر فرض رخص الاستيراد لعدد من المواد تتقدمها السيارات والإسمنت والمنتجات المدرجة في اتفاقية "فيفو" من قبل، مع الاتحاد الأوروبي، أدت إلى اختفاء عدد كبير يعادل الآلاف من شركات الاستيراد من السوق الوطنية، أين كان عددها قبل سنتين يناهز 45 ألف سجل للاستيراد، وبات اليوم يعادل 42 ألفا، فضلا عن شركات الاستيراد التي توقفت عن النشاط من دون إلغاء سجلها التجاري. وفضلت تسريح العمال الذين يقدرون بالآلاف والبقاء في حالة ترقب وانتظار إلى غاية اتضاح الرؤية بالنسبة لاستيراد عدد من المواد، وحتى لا تضطر إلى إعادة تفعيل سجلها التجاري بعد تجميده. ورغم إيجابيات قرار الحكومة الذي تشرف على تطبيقه وزارة التجارة، بالتنسيق مع لجنة ممثلة لمختلف القطاعات من صناعة ومالية وبنوك وجمارك، يقول لالماس، إلا أن تموين السوق الوطنية بعدد من المواد شهد تذبذبا خلال الأشهر الأخيرة، يرجع إلى تأخر صدور رخص الاستيراد لعدد من المواد، على غرار الحديد وإلغاء رخص استيراد السيارات عبر تجميد استيرادها نهائيا، وهو ما ساهم في إلهاب الأسعار بالسوق الوطنية، مشددا على أنه رغم أن قرارات الحكومة تهدف إلى ترشيد النفقات والتحكم في الميزانية وضبط فاتورة الواردات، إلا أن غياب رؤية واضحة حول مستقبل إنتاج هذه المواد في السوق الوطنية وحجم استيرادها ساهم في رفع أسعارها وإحداث ندرة في السوق. وشدد المتحدث على أن المواد المعنية بالندرة وارتفاع الأسعار هي الحديد والإسمنت والخشب والسيارات، وحتى اللحوم المجمدة، داعيا إلى إعادة تنظيم سوق الاستيراد والتخلي عن القرارات الارتجالية، ومنح كافة التسهيلات للمستثمرين لتشجيع الإنتاج المحلي الذي يبقى الحل الوحيد لتقليص العجز في الميزان التجاري وخفض فاتورة الواردات إضافة إلى أهمية تحسين مناخ الاستثمار، ومنح امتيازات أكبر للمنتجين والمصدرين.