على هامش أشغال قمة منظمة التعاون الإسلامي ببانجول: العرباوي يلتقي بالرئيس السنغالي    امتحانا التعليم المتوسط والبكالوريا: تحديد تواريخ سحب الاستدعاءات    معرض المنتجات الجزائرية بنواكشوط: التوقيع على 7 مذكرات تفاهم بين متعاملين جزائريين وموريتانيين    في حملة وطنية أطلقت أمس للتوعية بمخاطرها: تحذير من الاستعمال السيّئ لوسائط التواصل الاجتماعي    الرئيس الصحراوي يؤكد مواصلة الكفاح لغاية نيل الحرية    إجراءات للوقاية من الحرائق بعنابة: تزويد محافظات الغابات في الشرق بطائرات "الدرون"    إعادة فتح جسر كيسير أمام حركة المرور    ما سيسمح بوصول التغطية إلى 100 بالمئة: مساع لربط 467 سكنا بالغاز في بوراوي بلهادف بجيجل    الرئيس تبون يدعو منظمة التعاون الإسلامي إلى تحمّل مسؤوليتها أمام التاريخ ويؤكد: البشرية فقدت في فلسطين المحتلة كل مظاهر الإنسانية    تواصل مساعيها الدبلوماسية لفضح الصهاينة و وقف العدوان على غزة    باتنة على موعد مع الطبعة الرابعة: مهرجان إيمدغاسن الدولي يحتفي بنجوم السينما الجزائرية    اليوم العالمي لحرية الصحافة: عميد جامع الجزائر يدعو للتصدي للتضليل الإعلامي الغربي    البطولة الإفريقية للسباحة: 3 ذهبيات وبرونزية حصاد الجزائر في اليوم الرابع من المنافسات    الرئيس تبون.. جهود كبيرة في تعزيز التعاون الاقتصادي الإفريقي    الجزائر الجديدة.. حركية كبيرة وتدابير تشجيعية    رئيس الجمهورية يهنئ نادي فتيات أقبو    المصادقة بالإجماع على التقريرين الأدبي والمالي    الصحافة الوطنية تلعب دورا كبيرا في المشهد الإعلامي    رؤساء الأندية يطالبون بتعديل متوازن    حقيقةX دقيقة: بعد سنوات الظل..    وسام مالي لمصطفى براف    تحضير المراسيم الجديدة الخاصة ب"عدل 3"    "طوفان طلابي" مؤيد لفلسطين يجتاح أرقى جامعات العالم    الإعلام والمساجد لمواجهة خطر الوسائط الاجتماعية        الجزائر في طريق تحقيق التكامل الإفريقي    وكيل أعمال محرز يؤكد بقاءه في الدوري السعودي    دعوة إلى توحيد الجهود لحماية الحقوق الأساسية    النزاع المسلح في السودان.. 6.7 مليون نازح    قلعة لإعداد الرجال وبناء الوطن    عزلة تنموية تحاصر سكان مشتة واد القصب بتبسة    26 مراقبا في دورة تكوينية    أول وفد لرياضيينا سيتنقل يوم 20 جويلية إلى باريس    المعالم الأثرية محور اهتمام المنتخبين    اقترح عليه زيارة فجائية: برلماني يعري فضائح الصحة بقسنطينة أمام وزير القطاع    حجز سيارات، مهلوسات ومحركات مستعملة    توقيف 15 شخصا أضرموا حريقا عمدا بحي رأس العين    البروفيسور الزين يتوقف عند "التأويلية القانونية"    الالتقاء بأرباب الخزائن ضمانا للحماية    أبواب مفتوحة على التوجيه المدرسيّ والإرشاد المهني    رخروخ: الجزائر مؤهلة أكثر من أي وقت مضى لتعزيز حضورها الاقتصادي اقليميا وقاريا    السيدة كريكو تبرز "المكانة المرموقة" التي تحظى بها المرأة ضمن المشروع المؤسساتي لرئيس الجمهورية    الدرك الوطني يحذر من ظاهرة النصب والاحتيال عبر الانترنت    أم البواقي : افتتاح التصفيات الجهوية لمسرح الطفل بمشاركة 11 ولاية    الأمين العام لحركة النهضة من برج بوعريريج: لا بديل عن الانتخابات الشفافة والنزيهة في اختبار من يقود البلاد    جمعية العلماء المسلمين الجزائريين تنظم لقاء بمناسبة الذكرى ال93 لتأسيسها    منشآت رياضية : بلعريبي يتفقد أشغال مشروع ملعب الدويرة    المنظمة الوطنية للصحفيين الجزائريين تدعو إلى الاستمرار في النضال في وجه التحديات    مشاركة قرابة 20 ولاية في المعرض الوطني للفنون والثقافات الشعبية بعين الدفلى    الشريعة الإسلامية كانت سباقة أتاحت حرية التعبير    برنامج مشترك بين وزارة الصحة والمنظمة العالمية للصحة    إذا بلغت الآجال منتهاها فإما إلى جنة وإما إلى نار    "الحق من ربك فلا تكن من الممترين"    «إن الحلال بيِّن وإن الحرام بيِّن…»    التوقيع على برنامج عمل مشترك لسنة 2024-2025 بين وزارة الصحة والمنظمة العالمية للصحة    استئناف حجز التذاكر للحجاج المسافرين مع الديوان الوطني للحج والعمرة يوم الأربعاء بالنسبة لمطار الجزائر    القابض على دينه وقت الفتن كالقابض على الجمر    استئناف حجز التذاكر للحجاج المسافرين مع الديوان الوطني للحج والعمرة اليوم الأربعاء بالنسبة لمطار الجزائر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



متعة وأمن بليل الجنوب
"الجمهورية" تشد الرحال إلى الصحراء على متن قطار وهران - بشار
نشر في الجمهورية يوم 19 - 07 - 2010

كانت الساعة تشير إلى السادسة مساء من يوم الخميس 15 جويلية من الشهر الجاري، حيث قمنا في البداية بحجز تذاكر السفر للقطار المتوجه من وهران إلى بشار بمحطة السكك الحديدية لسيدي البشير (بلاطو سابقا) بوهران، وبما أن هذه الرحلة كانت تبدو منذ الوهلة الأولى طويلة المسافة وشاقة طلبنا من القابض أن يحجز لنا تذاكر عربات من الدرجة الأولى، وهو ما كان لنا هذا دفعنا 1690 دج ثم توجهنا إلى أحد الكراسي تنتظر الضوء الأخضر المتمثل في بدء عملية اركاب المسافرين في هذا القطار الجديد، لم ننتظر طويلا، حتى بدأ أحد الموظفين العاملين بهذه المحطة ينادي بأعلى صوته »يا الله وين راهم الناس لي راهم رايحين لبشار« وقتئذ حملت متاعي وأظهرت تذكرتي لأحد المراقبين الذي كان يشرف على إدخال الركاب إلى محطة توقف القطارات، عدد المسافرين الذين كانوا ينتظرون بداخل المحطة لم يكن كبيرا وقد كان هذا الأمر متوقعا بإعتبار أن هذه السفرية هي الأولى من نوعها بعد سنوات من انتظار تجسيد هذا المشروع الحلم على أرض الواقع، ركبنا القطار وعلى الفور وضعنا المتاع في إحدى المراقد ثم قمنا بجولة خفيفة في عربات القطار لمعرفة الأجواء السائدة وأحاسيس المسافرين من هذه الرحلة إلى بشار.
فرحة وغبطة لا توصف
لا نخفي عنكم شيئا أن جميع الركاب أبدوا سعادتهم وغبطتهم بهذا القطار الجديد، حيث لمسنا فيهم ارتياحا كبيرا بهذا المشروع الجديد الذي جاء ليخفف من معاناة المواطنين ولا سيما سكان مناطق الجنوب الذين اشتكوا في الكثير من الأحيان من ندرة وسائل النقل المتوجهة إلى المناطق الشمالية والعكس صحيح، لاحظنا كذلك ونحن نتجول عبر عربات القطار الخمس ( واحدة درجة أولى، عربتين ثانية وعربتين عبارة عن كراس لأربعة أشخاص) فرحة الأطفال الصغار بهذه الرحلة على متن القطار، حيث كانوا يركضون بعفوية في رواق العربات وينظرون من النوافذ المسافرين وهم يركبون القطار، ويغيرون الأماكن والمواقد بل ويختارون الأكثر راحة علّ وعسى لا يحسّون بتعب الرحلة وشقائها كما شد انتباهنا كذلك الإستقبال الحسن والإبتسامة المتوجهة للموظفين والعمال المجندين من قبل المديرية الجهوية للسكك الحديدية في هذا القطار لضمان راحة وسلامة الركاب المتوجهين إلى ولاية بشار، حيث كانوا في كل مرة يرشدون المواطنين ويقدمون لهم النصائح التي يحتاجون إليها طيلة سفريتهم إلى مناطق الجنوب.
حان وقت الإقلاع
لم ننتظر طويلا حتى دوّت صفارة قطار وهران - بشار، سماء محطة سيدي البشير (بلاطو سابقا) مؤذنة بقرب انطلاق الرحلة، وقتئذ راودتني عدة أسئلة واقعية ومنطقية، هل نتمكن فعلا من اجتياز هذه المسافة المقدرة بأزيد من 700 كلم في وقتها المحدد؟ وهل المسلك الذي يسير عليه القطار آمن وعملي وهل سنتأثر بالحرارة الشديدة التي عادة ما تميز المناطق الجنوبية لبلادنا؟ وهل سنحس بالراحة والطمآنينة في مختلف مراقد القطار وكراسيه أم أننا سنندم على هذا الإختيار المهم أن الرحلة انطلقت رسميا في حدود الساعة السادسة والنصف مساء، حيث أقلع القطار، وبدأ رويدا رويدا يغادر محطة سيدي البشير (بلاطو سابقا) ولكن آمل أن نصل بسلام ونعود بأمان من وإلى وهران، التي غادرناها قاصدين عاصمة الساورة بشار.
34 مسافرا في أول رحلة تدشينية
كما كان متوقعا منذ البداية، وباعتبار أن هذه الرحلة التي قادتنا إلى بشار لمدة 15 ساعة كاملة، فلم يكن عدد المسافرين كبيرا حيث تأكد لنا فيما بعد وتحديدا لما اقتربنا من الوصول إلى سيدي بلعباس أنهم كانوا فقط 34 راكبا بين كبار، كهول وصغار السن، وقد لاحظنا أن غالبيتهم قام بحجز أسرة للنوم فيما فضل القليل منهم المبيت على الكراسي، لا سيما وأن هذه السفرية تمت في الليل، وقد كان معظم الذين حجزوافي المراقد من العائلات التي كانت برفقة أبنائها، حيث يفضل الآباء المبيت في هذه الغرف مستلقيا على سريره عوض أن ينام على كرسي لا تتوفر فيه شروط الراحة المطلوبة في مثل هذه السفريات الطويلة والشاقة، وما شد انتباهنا كذلك هو أنه ومع بدء غروب ليل الجنوب قام عونان عاملين بهذا القطار بمنح جميع المسافرين الذين حجزوا في المراقد سواء الدرجة الأولى أو الثانية، أغطية وأوسدة زرقاء اللون للمبيت في أسرتهم بشكل مريح ولائق، فيما اكتفى القليل ممن حجزوا على الكراسي المبيت بمستلزماتهم الخاصة التي جلبوها معهم من منازلهم.
30 دركيا لضبط الأمن
صحيح أن العديد من الركاب الذين رافقناهم في هذه الرحلة كانوا متوجسين من الجانب الأمني، حيث ظلت العديد من العائلات التي حجزت في قطار وهران - بشار تتساءل عن توفر الأمن في هذه الرحلة، ولكن ومباشرة وبعد أن أقلقت الماكنة، حتى لمحنا مجموعة من أفراد الدرك الوطني مدججين بأسلحتهم وهو يقومون بتفتيش كراسي العربات وكذا أسرة الركاب، وكذا التطمين عل أموال المسافرين وما شد انتباهنا هو قيام رجال الدرك بالسهر على راحة المواطنين طيلة تنقلهم معنا إلى ولاية النعامة، حيث هناك يقوم أفراد الدرك بالرجوع مع القطار القادم من بشار والمتوجه إلى وهران، وأما الفصيلة الأخرى القادمة من عاصمة الساورة فقد عادت معنا في القطار المتوجه من الباهية وهران إلى بشار، وما أراح المواطنين كثيرا هو بقاء رجال الدرك مستيقظين طيلة الرحلة التي قادتنا إلى النعامة، حيث لم ينم لهم جفن ولم ترهقهم حرارة أو يتعبهم طول الرحلة وشقاءها...
ً الوصول إلى سيدي بلعباس
صراحة وبغض النظر عن طول المسافة بين وهران وبشار وتعب الرحلة إلا أننا استمتعنا بالمناظر الطبيعية الخلابة التي كانت فعلا لوحات فنية من صنع الخالق الرحمان، حيث كانت الحرارة معتدلة نوعا ما في الخارج، والجو لطيفا والهواء نقيا وعليلا، وقد أنستنا هذه المناظر الطبيعية الجميلة صخب المدينة المزعج، وكنا كلما مررنا على أحد القرى والدوائر المترامية على طول مسلك وهران - بلعباس إلا وقام المواطنون من كبار وصغار بتحيتنا بأيديهم وكأنهم أفراد من عائلاتنا أو أقاربنا حيث أنستنا هذه الصور الجميلة طول الرحلة وتعبها، وحسب ما علمنا من بعض التقنيين العاملين بهذا القطار فإن السرعة التي كان يسير بها، هذا الأخير كانت في حدود ال 100 إلى 140 كلم/سا وهذا بحكم أن السكة الحديدية التي كان يمشي فوقها قديمة وصالحة للسير بهذه السرعة المرتفعة لكنهم سرعان ما أكدوا لنا فيما بعد أن سائق القطار سوف يقوم بتخفيضها إلى معدلات دنيا وهذا بحكم أن السكة الحديدية جديدة ولا تزال في طور التصليح والتعديل، وهكذا وبعد ساعتين إلا 10 دقائق وصلنا إلى محطة القطار لسيدي بلعباس، حيث دخلناها في حدود الساعة السابعة و50 دقيقة، ومباشرة بعد توقفه صعدت عائلة متكونة من 5 أفراد إلى القطار قاصدة ولاية بشار وفي حدود الساعة السابعة و55 دقيقة أقلعت هذه الماكنة متوجهة إلى الطابية، وهذا بدأ الظلام يرخي سدوله على المنطقة التي كانت فعلا سعيدة برؤيتها هذا القطار يصفر من جديد...
الجرائد والقهوة لنسيان التعب
ونحن نتوجه إلى الطابية ثم رجم دموش التابعتين إلى ولاية سيدي بلعباس، حاولنا أن نستطلع الأجواء في هذا القطار السريع، حيث لاحظنا ونحن نتنقل من عربة لأخرى أن جميع الركاب كانوا منهمكين في قراءة الجرائد وكذا ارتشاف كأس من القهوة والشاي، حيث وبعد أن أصبحت الرؤية من النوافذ مستحيلة ومتعسرة بسبب الظلام الدامس الذي كان يخيم على المنطقة أخرج العديد من الركاب جرائدهم وشرعوا في مطالعتها وقراءة الأخبار التي جاءت ووردت فيها كما قامت عائلات أخرى، لا سيما تلك التي جلبت معها أبناءها بارتشاف أكواب من القهوة وتناول قطع من الحلويات علّ وعسى تهدأ أعصابهم وتزيل أتعابهم.
شاي أدرار بقطار بشار
من محاسن الصدف ونحن نعود إلى المرقد الذي وضعنا فيه متاعنا التقينا بأحد الركاب من توات ولاية أدرار ولكنه قاطن ببشار، وجدناه يرتشف كوبا من الشاي، ودون أن نشعر جذبتنا رائحته العطرة والزكية، وعلى التوّ دققنا باب مرقده واستسمحناه أن نجلس إليه، وبابتسامة عريضة رحب بنا وطلب منا الجلوس، وقد دفعنا فضولنا أن نسأله عن المنطقة التي يقطن فيها وسبب تناوله الشاي في القطار، فأجابنا أنه يقطن ببشار ولكن أصله ينحدر من توات ولاية أدرار، وكشف لنا بأنه قام بطهي الشاي في وهران التي قضى فيها عطلة لمدة 3 أيام، وقال لنا بأن الشاي يساعده على تحمل مشاق الرحلة وتهدئة الأعصاب وأنه اعتاد في كل رحلة كان يقوم بها من وهران إلى بشار في الحافلة على جلب الشاي معه باعتباره أحد الأعشاب الصحية الفعالة في محاربة التعب والنعاس وآلام المعدة. وأوضح لنا بأن هذا الشاي صحراوي 100 بالمائة، حيث قام بطهيه لمدة ساعة كاملة فوق النار، وأنه رفيقه وخير جليسه في هذه السفريات الشاقة، وقد قام هذا الكهل البالغ من العمر 40 سنة، باستضافتنا عنده في مرقده وقدم لنا كأسا من الشاي العطر أنسانا فعلا تعب الرحلة وطولها وهكذا وبعد ساعات من السير وصلنا إلى الطابية في حدود الثامنة و25 دقيقة ليلا ورجم دموش في حدود الساعة العاشرة وخمسة وعشرين دقيقة ليلا.
مكيفات تعمل وجوع يقتل
الجميل في هذه الرحلة، هو توفر المكيفات الهوائية في جميع عربات القطار حتى تلك التي تتوفر على الكراسي، وقد كانت حرارة الطقس في تلك الليلة في أوجها، حيث كانت في حدود 35 درجة، وقد ساعدت هذه المكيفات الركاب على تجاوز هذه الحرارة المرتفعة، لاسيما الأطفال الصغار منهم الذين لا يقدرون على تحمل هذا القيظ الخانق، وما لاحظناه طيلة هذه الرحلة، هو المراقبة المستمرة لأحد أعوان المديرية الجهوية للسكك الحديدية بوهران لجميع مكيفات العربات الخمس، حيث وبعد أن شعر الركاب في حدود منتصف الليل أن المكيفات لم تكن تعمل بشكل قوي، قام هذا التقني مرة أخرى بالرفع من استطاعة هذه المكيفات الهوائية الأمر الذي ارتاح له المسافرون الذين عادوا لمراقدهم للخلود الى النوم من جديد، ولكن النقطة السوداء التي سجلناها خلال رحلتنا التي قادتنا من وهران الى بشار، هي عدم جلب الأعوان العاملين في هذا القطار الأكل الخفيف معهم، حيث كان الكثير من المواطنين ممن لم يجلب معه عشاءه يشتكي من الجوع وقرقرة البطن، وهكذا فقد ظل العديد من الركاب يترقب محطة توقف بمحطة علّ وعسى يشتري شيئا يأكله ولكن هيهات هيهات فقد كانت جميعها خالية على عروشها ولا تتوفر على محلات لبيع الأكل الخفيف، ولم يجد العديد من المسافرين بُدا سوى شراء علب من الحلويات و»الڤوفريط« لمجابهة الجوع وألم الطوى...
* تصفيقات وترحيب حار بالمشرية
كانت الساعة تشير إلى الواحدة و25 دقيقة عندما وصلنا الى المشرية، كنا وقتها قد أخذنا قسطا من الراحة ولكن وبمجرد دخولنا إلى محطة المشرية حتى سمعنا تصفقيات وأهازيج حارة اعتقدنا في البداية أنها كانت منبعثة من القطار، ولكنها كانت لمجموعة من الشباب القاطن بالمشرية الذي كان ينتظر وصول القطار لتحيته والترحيب بضيوفه وعلى التو خرجنا من المرقد وتوجهنا الى خارج القطار، وقد تفاجأنا بوجود العشرات من الأشخاص وهم مجتمعين بالمحطة يحيوننا ويتمنون لنا رحلة سعيدة وكان مع هولاء الشباب مسؤولين من بلدية المشرية كانوا ينتظرون فيما بعد حسب ما علمناه من بعض المصادر وصول قطار بشار وهران الذي كان على متنه وزير النقل السيد عمار تو، لم نطل التوقف كثيرا في هذه المحطة حيث وبعد ثلاث دقائق أقلع القطار من جديد متوجها إلى النعامة.
* تقاطع القطارين في النعامة
بعد قرابة نصف الساعة من السير، وصلنا الى محطة النعامة في حدود الساعة الثانية صباحا، كان في انتظارنا العديد من الأشخاص وكذا قوات الأمن لم نفهم في البداية سبب تواجدهم الكثيف بهذه المحطة، ولكن فيما بعد علمنا أن هؤلاء المسؤولين كانوا ينتظرون وصول قطار بشار - وهران والذي كان على متنه وزير النقل السيد عمار تو، حيث وفي حدود الساعة الثانية وعشر دقائق وصل القطار قادما من بشار وكان على متنه الوزير، وبعين المكان نزل السيد عمار تو ووجد في إنتظاره والي ولاية النعامة السيد محمد حميدو، حيث بدا عليه علامة الرضا بهذا المشروع التاريخي الذي عاد من جديد ليخفف العبء عن سكان مناطق الجنوب وأكد في عين المكان بأن قطاع السكك الحديدية يشهد في السنوات القليلة المقبلة تحسنا ملحوظا الأمر الذي سيساعد المواطنين على تجنب ومجابهة الندرة في وسائل التنقل من الجنوب الى الشمال والعكس صحيح..
* تأخر كبير في الرحلة والسبب تقني
في حدود الساعة الثانية والنصف غادرنا النعامة قاصدين مدينة عين الصفراء، وأهم ما لاحظناه على القطار هو سيره بسرعة منخفضة لم تكن أحيانا تتجاوز ال 20 كلم في الساعة..؟! وقد انتهزنا صراحة توقف القطار في النعامة لنسأل أحد سائقي القطار عن سبب قيادته بهذه السرعة المنخفضة فأجاب بأن السبب تقني محض، حيث أوضح لنا بأن السكك الحديدية التي قامت بإنجازها مؤسسة »أنغرافير« الجزائرية لم يتم تشييدها بشكل جيد بخلاف المقاطع والأشطر التي أنجزها الإيطاليون وأضاف بأنه لايريد المغامرة ورفع السرعة خوفا من وقوع أي مكروه، وكشف لنا في نفس السياق بأنه لاحظ خلال قيامه بعملية رفع معدلات سرعة هذه الماكنة تأرجح القطار وفقدان توازنه الأمر الذي دفعه الى تخفيضها الى معدلات دنيا كما علمنا كذلك فيما بعد أن عدم اكتمال عملية تنصيب
إشارات المرور على طول مسلك وهران بشار أعاق كذلك من عملية سير القطار وتحركاته وهذا بخلاف مسلك وهران الطابية الذي كان جيدا وسمح للسائق بالسير بسرعة تقدر ب140 كلم /سا .
وادي مڤرار قد يغرق القطار
وصلنا إلى عين الصفراء في حدود الساعة الثالثة صباحا كانت المحطة خاوية على عروشها بعدها بخمس دقائق أقلع القطار من جديد وكانت وجهة هذه المرة مڤرار هذه المنطقة الجبلية الوعرة قيل بشأنها الكثير سمعنا أن سكة القطار التي يسير عليها شيدت في مكان صعب بل وحتى خطير وفعلا وقفنا بأم أعيننا على هذا الأمر حيث وصلناها في حدود الساعة الخامسة صباحا الأهم ما لاحظناه على هذه المنطقة أنها عبارة عن وادي طيني ومليئ بالصخور وبمحاذاتها طريق معبر للسيارات والحافلات المتوجهة إلى بني ونيف وبشار وقد تساءلنا صراحة هل هذا المسلك الذي يسير عليه القطار آمن وقادر على مقاومة مياه الوادي ي فصل الشتاء وهل تم تشييد السكة الحديدية بشكل يمكنها من عدم التأثر بإنحرافات التربة والصخور ؟ وهل كان بالإمكان تشييدها بعيدا عن هذه المنطقة الخطيرة أم لا ؟ لاحظنا وقتها أن الوادي كان جافا والقطار كان يسير بسرعة منخفضة لم تتجاوز ال 20 إلى 60 كلم في الساعة الأكيد أن الأجابة ستظهر في فصل الشتاء
الوصول إلى بني ونيف
بعد قرابة الساعتين من السير وصلنا إلى بني ونيف كنا جد متأخرين حيث دخلناها في حدود الساعة السابعة وخمس دقائق وعند مدخل المدينة لاحظنا فرحة السكان وغبطتهم بمشاهدة هذا القطار الذي عاد أخيرا لصفر في سماء هذه المدينة الصحراوية الهادئة حيث كانوا يحيوننا بأيديهم والإبتسامة لاتفارق محياهم كنا في قمة العياء والتعب بسبب طول هذه الرحلة
وما أزعجنا وأزعج جميع الركاب هو إهتزاز القطار وإرتجاجه كلما زاد السائق في السرعة وهو مايطرح تساؤلات عن كيفية إنجاز هذه السكة وكذا نوعيتها.
أخيرا القطار يصل بشار
كان متوقعا أن يصل القطار في حدود الساعة السادسة والنصف صباحا ولكن بسبب هذا التأخر الفادح وصلنا بشار في حدود الساعة التاسعة صباحا كانت الحرارة على طول مسلك بني ونيف بشار شديدة وحارة صراحة لم نكن نصدق أننا سندخل هذه الولايةالمضيافة بسبب بعد المسافة وكذا السرعة المتدينة للماكنة حيث فضل سائق القطار أن يسير من بني ونيف إلى بشار بسرعة 20 كلم/سا وهو ما زاد من إرهاق المسافرين الذي لم يكن همهم سوى الوصول إلى هذه الولاية التي ستحقق العديد من المزايا الإقتصادية والتجارية بسبب إعادة تشغيل هذا القطار الذي كان في السابق ممتدا من المحمدية إلى بشار... وهكذا انتهت هذه الرحلة المغامرة التي دامت 15 ساعة وعلى مسافة ممتدة بحوالي 700 كلم من وهران إلى بشار.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.