تقترب إتصالات الجزائر من بلوغ عتبة 900 ألف مشترك في شبكة الأنترنت، موزعين عبر 48 ولاية وتتوقع الإدارة الوصية أن تتجاوز هذه الحصيلة بكثير مع برنامج »الأمسان« الذي دخل حيز العمل في الآونة الأخيرة، لما يقدمه من إمتيازات متعددة الخدمات. الإقبال الكبير على قطاع الإتصالات يترجمه المنحى البياني الذي تضبطه الجهة المعنية من حين لآخر بأرقام متفاوتة تؤكدها الزيادة المسجلة في عدد المشتركين خلال كل ثلاثي وبالرغم من أن مشروع »أسرتك« لم يلق الصدى المطلوب في المجتمع الجزائري بفشل برنامج تدعيم كل عائلة بجهاز كمبيوتر إلا أن الإقبال على عالم الأنترنت لم يتأثر كثيرا بتعثر العملية واستطاعت الشبكة العنكبوتية أن تتعدى توقعات المشرفين على القطاع وتصل إلى حد المليون مشترك في المستقبل القريب. فالنّت أصبح يقدم في الفترة الراهنة عروضا تحفيزية متنوعة تشد إنتباه المهتمين بهذا العالم، سواء من فئة المثقفين أو المتمدرسين وحتى عديمي المستوى باختلاف تطلعاتهم والمواقع التي يقع عليها الاختيار ولا نستثني من هاتين الشريحتين فئة الاطفال الأكثر إقبالا على الأنترنت لدرجة الإدمان بالجلوس طويلا أمام جهاز الكمبيوتر إما لولوج فضاء الألعاب أو لإعداد واجب منزلي وهنا تتباين اهتمامات هاته الفئة التي اختارت لنفسها طريقا سهلا خاصة إذا تعلق الأمر بإعداد بحث عن موضوع ما لأنه سيمكنها بكل بساطة من الوصول إلى مبتغاها في ظرف زمني قصير دون بذل جهد فكري ووفق المعطيات المعروضة عليها. وفي كلتا الحالتين فإن النتيجة واحدة تؤكد تلك العوامل السلبية التي أضحت تفرزها خدمة الأنترنت لاسيما بالنسبة للتلاميذ باختلاف مستواهم الدراسي الذين وجدوا ضالتهم في هذا العالم الواسع بإيجابياته وسلبياته بدليل ما تشهده مقاهي الأنترنت من توافد منقطع النظير للشريحة نفسها في غياب رقابة الأولياء من جهة ورقابة الجهات المسؤولة من جهة أخرى وهي الفرصة الوحيدة التي دفعت بأطفالها للإقبال على هذه النقاط حتى وإن كانت أغلبها لا تتوفر فيها المقاييس المنصوص عليها في القانون التجاري. وقبل التطرق إلى ما حققته إتصالات الجزائر في هذه الخدمة بالذات لابد من الاشارة إلى الانعكاسات السلبية والأضرار المعنوية التي تنتجها خدمة النت مادام الحديث عنها مرتبط لا محالة بالحديث عن هذا الجانب وما يهدد أبناءنا فلغة العنف والبحث المستمر عن صديق أصبح شغلهم الشاغل، يكفي فقط اختيار الموقع المفضل لديهم لتحقيق غايتهم وهو ما لمسناه لذا زيارتنا لأحد مقاهي الأنترنت وهو متواجد بوسط المدينة والذي استقطب عددا كبيرا من براعم لايتعدى عمرهم 14 سنة ليس بدافع المعرفة وإنما بغرض استكمال ماتبقى من مقابلة رياضية أو إتمام الحديث مع الطرف الآخر. خسائر وانقطاعات هي مشاهد تتكرر بصفة دورية بكل النقاط التي فتحت أبوابها لشريحة لم تبلغ بعد درجة الإدراك والنضج مادامت تجني من وراء ذلك أموالا كبيرة محققة بذلك هوامش ربح معتبرة تعوضها الخسائر التي تلحقها جراء الانقطاعات المتكررة لشبكة الأنترنت. فاتصالات الجزائر التي ظهرت لأول مرة بالسوق الوطنية في الفاتح جانفي من سنة 2003 بموجب قانون 03-2000 قد فتحت مراكز جهوية ومحلية بمختلف ربوع الوطن بتخصصات مختلفة وبآفاق متعددة عبر 16 نقطة من بينها 5 بولاية وهران وهذا بزبائن مشتركين في شبكتي الهاتف السلكية واللاسلكية والنت. أحصت المديرية الإقليمية لاتصالات الجزائر لحد الآن 41 ألف مشترك في خدمة الأنترنت فقط موزعين عبر أحياء ولاية وهران ومقسمين حسب الرزنامة التي ضبطتها الادارة الوصية والتي تعتمد بالدرجة الأولى على نوعية الخدمات المقدمة من قبلها وإن كان العدد الإجمالي لزبائن اتصالات الجزائر لايمكن تقسيمه حسب العروض التي فتحتها المؤسسة إلا أن الانطلاقة الرسمية واقتحامها عالم الانترنت سجل في سنة 2005 أين تعاقدت مع مؤسسة صينية لفتح خط »فوري« ثم تلتها بعد ذلك وبالضبط في شهر فبراير من سنة 2006 خدمة »إيزي« وبفارق سنة تقريبا بين العرض الثاني والثالث استطاعت أن تدخل مرة أخرى فضاء جديدا أطلقت عليه »أنيس« في شهر سبتمبر من سنة 2007 وهذا عبر وكالتين تجاريتين فقط كمرحلة أولى لتوسع بعدها من نطاق اختصاصاتها. واعتمادا على الحصيلة التي أعلنت عليها المديرية الاقليمية لاتصالات الجزائر فإن الامكانيات المتوفرة حاليا والخاصة بخدمة الأنترنت لا تغطي سوى 17 ألف زبون فقط من العدد الإجمالي للخطوط التي خصصتها لزبائنها والعروض التي وفرتها لمتعامليها علما أن شبكتها الحالية موجهة ل58 ألف زبون بعدما استنزفت من طاقتها 41 ألف خط، فالحصيلة المتبقية ستطرح حتما نقصا ملحوظا على مستوى هذه الشبكة وستزيد من إشكالية التدبدب في التوزيع رغم أن الإدارة قد استبعدت تماما هذه الفرضية معتمدة على مشاريعها الجديدة التي ستغطي من العجز المسجل في الخدمة ذاتها. نفس المصير سيشترك فيه زبائن الجهة الغربية، حيث سجلت المديرية الإقليمية 79 ألف زبون ب 4 ولايات تابعة لها إقليميا مقابل 41 ألف خط متوفر فقط وهذا من مجموع 120ألف قادرة على توفيره في الوقت الذي تعاني فيه شبكة الأنترنت من إضطرابات عديدة ومشاكل تقنية. قدم شبكة الهاتف، معضلة لم ترق بعد خدمة الأنترنت الى المستوى المطلوب بولاية وهران، حيث لا تزال ترفل لحد الآن في جملة من المشاكل لها علاقة بقدم شبكة الهاتف أكثر من الجانب التقني الذي تسجله بصفة ضئيلة جدا، فالأعطاب والإنقطاعات المتكررة لم تقاطع بعد هذه الخدمة وهذا على مستوى أحياء عديدة حتى المناطق الراقية لم تسلم من هذه المعضلة هي الأخرى، ففي الكثير من المرات تجد نفسها معزولة لعدة أيام رغم الشكاوي المتكررة. عجز ملحوظ يعاني منه زبائن المؤسسة العاديين منهم والمهنيين ولا شك أن الأكثر تضررا من ظاهرة الأعطاب مقاهي الأنترنت التي تتحول الى محلات شبه فارغة يقاطعها كل زبائنها طيلة فترة الإنقطاع حتى وإن إستغرق ذلك مدة طويلة، ضف الى ذلك ثقل التدفق الذي هو الآخر يعكس نوعية الخدمات المقدمة وأمام هذه الوضعية يضطر الزبون إنتظار مدة إضافية لإستغلال النت من جديد. عيوب ومشاكل لم يتوان مشتركو إتصالات الجزائر في طرحها وإبراز مدى حدتها، خاصة أنها أضحت تتكرر بإستمرار وتسبب لهم عائقا كبيرا مع كل عملية بحث ويجبرون في بعض الأحيان على التخلي عن أعمالهم العودة من جديد الى نقطة البداية. هذا بالنسبة لزبائنها المسجلين على مستوى المديرية، أما فيما يخص الإدارة فحصرت الخلل في عاملين إثنين أولها قدم شبكة الهاتف وثانيا سوء الإستعمال وأكثر تفصيلا فإن السبب الأول قد أثر كثيرا على نوعية الخدمات التي لم تعد قادرة على تخطي هذه العقبة دون أن تسجل خسائر مادية كبيرة ومصاريف إضافية لصيانة الشبكة من جديد وبلغة الأرقام فإن 80 ٪ من التركيبة المالية المخصصة للأنترنت موجهة لمشاريع التهيئة وهي نسبة كبيرة تقتطعها المديرية من ميزانيتها سعيا منها لحل مشكل الأعطاب الذي أضحى يلازم هذا الفضاء. ونظرا لإهتراء أغلب الخطوط فقد تحولت بعض الأحياء الى نقاط سوداء تتطلب التدخل المستمر لأعوان إتصالات الجزائر وعلى سبيل المثال وسط المدينة وحي البدر بإعتبارهما الأكثر تسجيلا لمثل هذه المشاكل، أما بالنسبة للخلل التقني الثاني فأرجعته الإدارة الى غياب ثقافة الأنترنت لدى أغلب مشتركيها الذين لا يحسنون إستعمال الجهاز وليست لهم الدراية الكافية للإستخدام الأمثل. سرقة الكوابل تكبّد الإدارة خسارة ب 525 مليون في شهر وإن كانت المديرية تسجل إنقطاعات متكررة للأنترنت للسببين السالفين، إلا أنها يواجهها مشكل ثالث قد يكون له إنعكاس مباشر على هذه التقنية، حيث تكبّدت في شهر واحد خسارة مالية تساوي 525 مليون أسفرت عن عزل 439 مشترك وهي أعلى معدل سجلته إتصالات الجزائر منذ بداية السنة الماضية، وإذا ما حاولنا تحديد المناطق المتضررة من سرقة الكوابل فيمكن حصرها في عدة نقاط من بينها المنطقة الصناعية بالنجمة، حاسي عامر، حاسي بونيف، وادي تليلات، سيدي الشحمي، سيدي بن عقبة، الكرمة، عين البيضاء، السانيا، أرزيو، سان ريمي، مرافال، المقري، مرسى الحجاج، إيسطو، حي الشهداء ووسط المدينة. عروض وتسهيلات أما بالنسبة للنقاط التي تتكرر بها الظاهرة بإستمرار فتنحصر في المناطق الصناعية المتواجدة بالنجمة، حاسي عامر والسانيا، بالمقابل فقد أحصت المديرية أكبر حصيلة للإنقطاعات خلال شهر أكتوبر الفارط بتسجيل 4319 خط وبخسارة تساوي 525 مليون سنتيم، أما بالنسبة للأشهر المتبقية فتراوح عدد الزبائن الذين حرموا من خدمة الهاتف ما بين 238 و5155 مشترك بمصاريف إضافية تكبدها الإدارة ما بين 87 مليون و515 مليون سنتيم ومع ذلك يحاول أعوانها تسجيل أكبر عدد ممكن من التدخلات بأقل التكاليف عن طريق برامج تضبطها الوصاية لتحفيز مشتركيها. وفي إطار ترقية القطاع ومواكبة التكنولوجية سطرت إتصالات الجزائر مشاريع عديدة من بينها التسهيلات الموجهة لزبائنها كتسجيل تخفضيات بنسبة 25٪ للصحفيين المهتمين بعالم النت الى التعديلات الجديدة التي طرأت على هذه الخدمة وهذا بتحديد تسعيرة خاصة بكل تدفق بعدها حذف الرسم على القيمة المضافة وهذا بالنسبة لسرعة التدفق 256 كيلوبيت، 512 كيلوبيت و1 ميڤا أما فيما يخص عرض "سهلي" فيقتصر على مستحقات الهاتف والديون المتأخرة حيث يستفيد الزبون من عملية الدفع بالتقسيط مع تحديد خدمة الهاتف بداية من الفترة المممتدة ما بين سبتمبر 2010 والفاتح مارس المقبل وهذا في حالة ما تعدت قيمة الدين 2000 دج. مشاريع أخرى أدرجتها الوصاية ضمن أجندتها من بينها مشروع "الأمسان" الذي سجلت ولاية ال شلف الإنطلاقة الرسمية له من بين 4 ولايات معنية بالعملية كالجزائر العاصمة، وهران، سطيف وقسنطينة.
