على هامش أشغال قمة منظمة التعاون الإسلامي ببانجول: العرباوي يلتقي بالرئيس السنغالي    امتحانا التعليم المتوسط والبكالوريا: تحديد تواريخ سحب الاستدعاءات    معرض المنتجات الجزائرية بنواكشوط: التوقيع على 7 مذكرات تفاهم بين متعاملين جزائريين وموريتانيين    في حملة وطنية أطلقت أمس للتوعية بمخاطرها: تحذير من الاستعمال السيّئ لوسائط التواصل الاجتماعي    الرئيس الصحراوي يؤكد مواصلة الكفاح لغاية نيل الحرية    إجراءات للوقاية من الحرائق بعنابة: تزويد محافظات الغابات في الشرق بطائرات "الدرون"    إعادة فتح جسر كيسير أمام حركة المرور    ما سيسمح بوصول التغطية إلى 100 بالمئة: مساع لربط 467 سكنا بالغاز في بوراوي بلهادف بجيجل    الرئيس تبون يدعو منظمة التعاون الإسلامي إلى تحمّل مسؤوليتها أمام التاريخ ويؤكد: البشرية فقدت في فلسطين المحتلة كل مظاهر الإنسانية    تواصل مساعيها الدبلوماسية لفضح الصهاينة و وقف العدوان على غزة    باتنة على موعد مع الطبعة الرابعة: مهرجان إيمدغاسن الدولي يحتفي بنجوم السينما الجزائرية    اليوم العالمي لحرية الصحافة: عميد جامع الجزائر يدعو للتصدي للتضليل الإعلامي الغربي    البطولة الإفريقية للسباحة: 3 ذهبيات وبرونزية حصاد الجزائر في اليوم الرابع من المنافسات    الرئيس تبون.. جهود كبيرة في تعزيز التعاون الاقتصادي الإفريقي    الجزائر الجديدة.. حركية كبيرة وتدابير تشجيعية    رئيس الجمهورية يهنئ نادي فتيات أقبو    المصادقة بالإجماع على التقريرين الأدبي والمالي    الصحافة الوطنية تلعب دورا كبيرا في المشهد الإعلامي    رؤساء الأندية يطالبون بتعديل متوازن    حقيقةX دقيقة: بعد سنوات الظل..    وسام مالي لمصطفى براف    تحضير المراسيم الجديدة الخاصة ب"عدل 3"    "طوفان طلابي" مؤيد لفلسطين يجتاح أرقى جامعات العالم    الإعلام والمساجد لمواجهة خطر الوسائط الاجتماعية        الجزائر في طريق تحقيق التكامل الإفريقي    وكيل أعمال محرز يؤكد بقاءه في الدوري السعودي    دعوة إلى توحيد الجهود لحماية الحقوق الأساسية    النزاع المسلح في السودان.. 6.7 مليون نازح    قلعة لإعداد الرجال وبناء الوطن    عزلة تنموية تحاصر سكان مشتة واد القصب بتبسة    26 مراقبا في دورة تكوينية    أول وفد لرياضيينا سيتنقل يوم 20 جويلية إلى باريس    المعالم الأثرية محور اهتمام المنتخبين    اقترح عليه زيارة فجائية: برلماني يعري فضائح الصحة بقسنطينة أمام وزير القطاع    حجز سيارات، مهلوسات ومحركات مستعملة    توقيف 15 شخصا أضرموا حريقا عمدا بحي رأس العين    البروفيسور الزين يتوقف عند "التأويلية القانونية"    الالتقاء بأرباب الخزائن ضمانا للحماية    أبواب مفتوحة على التوجيه المدرسيّ والإرشاد المهني    رخروخ: الجزائر مؤهلة أكثر من أي وقت مضى لتعزيز حضورها الاقتصادي اقليميا وقاريا    السيدة كريكو تبرز "المكانة المرموقة" التي تحظى بها المرأة ضمن المشروع المؤسساتي لرئيس الجمهورية    الدرك الوطني يحذر من ظاهرة النصب والاحتيال عبر الانترنت    أم البواقي : افتتاح التصفيات الجهوية لمسرح الطفل بمشاركة 11 ولاية    الأمين العام لحركة النهضة من برج بوعريريج: لا بديل عن الانتخابات الشفافة والنزيهة في اختبار من يقود البلاد    جمعية العلماء المسلمين الجزائريين تنظم لقاء بمناسبة الذكرى ال93 لتأسيسها    منشآت رياضية : بلعريبي يتفقد أشغال مشروع ملعب الدويرة    المنظمة الوطنية للصحفيين الجزائريين تدعو إلى الاستمرار في النضال في وجه التحديات    مشاركة قرابة 20 ولاية في المعرض الوطني للفنون والثقافات الشعبية بعين الدفلى    الشريعة الإسلامية كانت سباقة أتاحت حرية التعبير    برنامج مشترك بين وزارة الصحة والمنظمة العالمية للصحة    إذا بلغت الآجال منتهاها فإما إلى جنة وإما إلى نار    "الحق من ربك فلا تكن من الممترين"    «إن الحلال بيِّن وإن الحرام بيِّن…»    التوقيع على برنامج عمل مشترك لسنة 2024-2025 بين وزارة الصحة والمنظمة العالمية للصحة    استئناف حجز التذاكر للحجاج المسافرين مع الديوان الوطني للحج والعمرة يوم الأربعاء بالنسبة لمطار الجزائر    القابض على دينه وقت الفتن كالقابض على الجمر    استئناف حجز التذاكر للحجاج المسافرين مع الديوان الوطني للحج والعمرة اليوم الأربعاء بالنسبة لمطار الجزائر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هذا ما دار بين القاضي والمتهمين في ملف "التآمر"

بعد محاكمة دامت أربع ساعات، غادر الجنرال توفيق، مدير جهاز "الدياراس" سابقا، والأمينة العامة لحزب العمال، السيدة لويزة حنون، أمس، محكمة البليدة العسكرية عائدين إلى منزليهما، فيما سيبقى شقيق الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة ومستشاره الخاص، السعيد بوتفليقة، ومنسق المصالح الأمنية لدى رئاسة الجمهورية، الجنرال بشير طرطاڤ، رهن الحبس المؤقت بسبب متابعتهما في قضايا أخرى أمام القضاء العسكري والمدني.
الساعة الثامنة والنصف صباحا، أذن ل"الخبر"، في خطوة تستحق التنويه، بحضور وتغطية أطوار أكثر الملفات القضائية جدلا في الساحة الوطنية منذ عامين.
وبالكاد بزغت أولى خيوط نهار يوم الثاني جانفي، حتى أخذ الجنرال توفيق والسعيد والجنرال طرطاڤ مقاعدهم في قفص الاتهام تحت أعين أفراد من أسرهم، فيما جلست لويزة حنون بجانبها إحدى قريباتها على مقاعد الحضور في القاعة.
وبعد لحظات دخل القاضي، مرفقا بمستشاريه، فيقف الجميع ثم يجلسون بإشارة منه، إيذانا ببدء آخر فصل من فصول قضية "اجتماع مؤامرة فيلا العافية"، يوم 27 مارس 2019.
بثيابهم العادية، جلس الجنرال توفيق والسعيد جنبا إلى جنب في قفص الاتهام، وعلى يسارهما اتخذ الجنرال طرطاڤ مقعده، فيما جلست لويزة حنون على دكّة الحضور.
وكانت ذات المحكمة قضت على حنون بعد الاستئناف عقوبة بثلاث سنوات حبسا منها تسعة أشهر نافذة بسجن النساء بالبليدة.
علامات الارتياح كانت بادية على وجوه المحامين، الذين استبشروا بمحاكمة عادلة ومنصفة بعدما نقضت المحكمة العليا الأحكام السابقة بحق المتهمين، في شهر نوفمبر الماضي، آمرة بإعادة المحاكمة على مستوى مجلس القضاء العسكري وبتشكيلة قضاة جديدة.
القاضي، وبعد تقديمه عرضا مفصلا حول مسار القضية، بداية من التحقيقات وجلسات المحاكمة الأولى، مرورا بالتهم المنسوبة للمتهمين، من اتفاق السعيد معهم على موعد الاجتماع في فيلا العافية بحيدرة، وتجهيزها من طرف منسق المصالح الأمنية، الجنرال عثمان طرطاڤ (المدعو بشير) حتى استدعائهم إلى المحكمة العسكرية.
ويذكر أنه في المحاكمة السابقة، رفض السعيد الإجابة على أسئلة القاضي السابق، أما طرطاڤ فقد آثر التغيب عن الجلسة بسبب ما اعتبره غياب ظروف المحاكمة.
وفي جلسة 25 سبتمبر 2019، وبعد إنكار المتهم السابق الجنرال توفيق ولويزة حنون التهم المنسوبة إليهم، نطق القاضي حضوريا على الأربعة بعقوبة 15 عاما سجنا.
وعقب الاستئناف في العاشر فبراير 2020، تم تأييد الحكم الأول بالنسبة للسعيد وطرطاڤ وتوفيق، فيما جرى تعديله بالنسبة إلى لويزة حنون بالسجن 3 سنوات منها 9 أشهر نافذة، مع تكييف القضية من جناية إلى جنحة.
وبعد الطعن لدى المحكمة العليا، أعيدت أوراق القضية إلى البليدة مجددا.. لكن هذه المرة بحضور إعلامي نادر.
القاضي ينادي على المتهم الأول في القضية السعيد بوتفليقة.
وقف السعيد، واثقا من نفسه، يتبادل الابتسامة مع زوجته وشقيقه ناصر في القاعة، التي اقتصر الحضور فيها على أقارب المتهمين فقط، يحيط به فريق دفاعه.
السعيد: بكل احترام، قبل أن تطرحوا الأسئلة عليّ أود أن تمنحوني دقيقتين فقط لأوضح بعض الأمور.
القاضي: تفضل.
بسم الله الرحمن الرحيم
سيدي الرئيس، السيد النائب العام، السادة القضاة، الحضور الكريم.. أمثل أمامكم اليوم بتهم خطيرة، وأصرّح أمامكم مرة أخرى، والله شاهد على ما أقول: إنّي بريء، إنّي بريء، إنّي بري.. لم أكن متآمرا ضد وطني وشعبي وجيشنا الأبي..
القاضي مقاطعا: لقد استبقت الأحداث..
السعيد: اسمح لي، سيدي القاضي، امنح لي دقيقتين فقط..
القاضي: كلامك سابق لأوانه، لديك محام يدافع عنك.
السعيد: دقيقتان سيدي الرئيس.. أعيد: لا ولم أكن يوما متآمرا ضد وطني أو شعبي أو جيشنا الأبي..
"بلادي وإن جارت عليّ عزيزة، وأهلي وإن ضنوا عليّ كرام"، أمّا عن تفاصيل الوقائع، فإنني أتركها للتاريخ، لكنّي أريد القول.. هناك شخص مسؤول واحد ألا وهو فخامة الرئيس المجاهد عبد العزيز بوتفليقة الذي كرّس وأفنى حياته.
القاضي مقاطعا: من فضلك..
السعيد: هناك مسؤول واحد هو فخامة الرئيس المجاهد عبد العزيز بوتفليقة، أفنى شبابه وحياته لخدمة الجزائر دون تهاون ولم يبخل بصحته ثانية واحدة لفائدة شعبه.. الحقد والبغض والكراهية غير موجودين في قاموسه، ولا الانتقام من شيمه، فقد كان دوما متسامحا ومتفهما..
القاضي: مرّت الدقيقتان..
السعيد: لم تنته، (يواصل كلامه): (...) متفهما، يسعى للتآخي، والآن عند رد القليل والقليل من الجميل له، أصبح هو وذويه، ولاسيما العبد الضعيف (يقصد شخصه) الذي تحول إلى قائد لعصابات التدمير والفساد من دون أن يرتفع صوت واحد، ولا حتى من رفاق الدّرب الذين أصبحوا أمواتا ساجدين.. يجدون أنفسهم في نهاية المطاف في إقامة جبرية وأخيه في السجن.. أقولها في إقامة جبرية وأخوه في السجن، ظلما وتعسفا في قضايا مفبركة ووهمية.. ومثلما بقي صامتا لعشرين سنة لكي لا يسيء إلى وطنه، صامتا مسلّمًا أمره للقضاء والقدر بصمت رهيب ووقار.. استنادا إلى ما قتله أترجاكم أن تعفونني من الأسئلة حتى لا نجرح أحدا، أحكموا بضمائركم وإن قررتم إنصافي فليكن ذلك كاملا غير منقوص، لأن التهمة الخطيرة الموجة إليّ ليست المؤامرة، بل الاستيلاء على صفة الرئيس وكل ما صاحبته والتصرف باسمه.. إن فخامة الرئيس أطال الله في عمره، لا يزال حيّا يرزق وما قلته من البداية وأول يوم، من السّهل الاستفسار معه.. سأقبل قراركم مهما كان بصدر رحب كلنا سنفنى وسنقف أمام قاضي القضاة الذي يمهل ولا يهمل، والذي ينصف كل عباده.. حسبي الله ونعم الوكيل، شكرا والسلام عليكم..
القاضي: السعيد..
السعيد: أنا لا أريد تلقي أسئلة حتى لا نجرح أحدا.
أنا ناكر، جملة وتفصيلا، للتهم المنسوب إليّ، أنا بريء، إذا أردتم أسئلة مرحبا، إذا عندكم أسئلة أنا حاضر.. أوضح لكم مرة أخرى لست خائفا من الأسئلة، كل ما في الأمر أنا لا أريد أن أجرح أحدا، لأننا سنذهب بعيدا (نروحو بعيد).
القاضي يطلب من السعيد العودة إلى قفص الاتهام وينادي على محمد مدين، الذي رد على أسئلة القاضي بهدوء وثقة كبيرة في النفس، قائلا عن وقائع اجتماع فيلا العافية:
نحن متهمون بمؤامرة والوقائع ليست سوى لقاء بسيط جمعنا، نحن أشخاص اجتمعنا وتكلمنا عن وضعية البلاد وقتئذ، سي السعيد كان يمثل السلطة، طلب منا آراء حول ما كان يجري.. أنا أعطيت رأيي، الشيء الذي جعلني أقبل اللقاء به هو أنه كانت لدينا فرصة لنساهم ونشارك برأي يخرجنا من وضعيتنا الصعبة.
القاضي: هل الوضع كان يتطلب ذلك.
توفيق: طبعا من حقكم القول ما الذي دفعك لذلك.. (وتقولو واش داك، واش دخلك).. كل واحد مهتم بالبلاد ويستطيع تقديم شيء من أجل تسوية الأوضاع (ما تقدروش تمنعوني باش نخمم في لبلاد).
القاضي: الاجتماع كان خارج إطار رئاسة الجمهورية وجرى في السر؟
توفيق: لم يكن سرّيا أو خارج إطار المقر الرئاسي، الاجتماع جرى في مكان رسمي وتابع للرئاسة، تلقيت اقتراحا لنلتقي هناك، لماذا أخفيه ولماذا السرّية !
القاضي: وماذا كان الهدف منه؟
توفيق: تبادل الآراء. الشخص الذي كنا معه مسؤول في الرئاسة (يقصد السعيد).
القاضي: لماذا يطلب منكم ذلك؟
توفيق: يطلب رأي أناس بالنسبة إليه بإمكانهم تقديم الرأي والمشورة والتنوير وليس بغرض توجيهه، وهذا الأمر معمول به وطبيعي والناس يتناقشون فيما بينهم..
القاضي: ووقع التشاور؟
توفيق: تكلمنا عن الأمور التي كانت تعيشها البلاد، رأيي كان أنه ينبغي أن ترحل الحكومة وتعيين رئيس جديد للحكومة بصلاحيات كاملة من الرئيس وأن يكون وجها جديدا ومقبولا.
القاضي: وكان هذا الشخص هو الرئيس السابق اليامين زروال؟
توفيق: نعم، أنا اقترحت الاتصال بزروال، وقدّرت أنه كان باستطاعته أن يلعب دورا في تجنيب البلد الأزمة، واتصلنا بزروال.
القاضي: لكن زروال رفض؟
توفيق: لا أستطيع أن أقول لك أنه رفض، ولكن سيدي الرئيس هذا أمر ثانوي، ويبدو لي أن الحديث عن هذا الأمر، أي رفض أو لم يرفض، ليس هذا هو مكانه المناسب.
القاضي: أنت أمام القضاء ولك أن تتكلم بكل حرية؟
توفيق: بالنسبة إلي، زروال لم يرفض، لكن في آخر المطاف رفض وهذا ليس له دخل، كان ذلك رأيي وكان مقبولا.
القاضي: لماذا رفض؟
توفيق: لا أعلم، لم ألتق به كي أعرف منه السبب، وبالتالي لا أقدر أن أقول لك لماذا رفض، المهم أنه كان اقتراحي الرئيسي، هذا كل ما في الأمر.
القاضي: ولماذا حضرت لويزة حنون الاجتماع؟
لويزة حنون سياسية دعاها ممثل الدولة للحضور، والفرق بيني وبين حنون، أنا كنت في الدولة، ولويزة حنون رئيسة حزب، والحزب مؤسسة سياسية معترف بها.
القاضي: لماذا لم يُدعَ رؤساء أحزاب آخرين للحضور؟
توفيق: ممكن كان سيحدث ذلك لكن الوقت لم يكن سانحا، وممكن كانوا سيحضرون ما دام أنه لم يكن نشاطا رسميا.
القاضي: قلت إن الاجتماع كان من أجل مصلحة البلاد؟
توفيق: (ما كانش حاجة أخرى).
القاضي: لا مؤامرة ولا شيء من هذا القبيل؟
توفيق: المؤامرة بالإثبات.. ممثل الدولة كان حاضرا في الاجتماع! لم نكن نعمل حاجة في السر أو ضد أحد، هذا أمر واضح.
القاضي: أنت تقدّر بأن الأمور كانت عادية؟
توفيق: بالنسبة إلي نعم كانت عادية.
القاضي: كان من المفروض الرئاسة هي التي تدعو إلى ذلك، فهل فوضت السعيد وهل ذلك من صلاحياته؟
توفيق: أنا أعتبر أن هذا عمل طبيعي بالنسبة إليه، لم تكن المرة الأولى التي يتصل بي فيها، هذا عمل طبيعي.
القاضي: وماذا عن بيانات الرئاسة التي صدرت باسم المستشار بوغازي والأمين العام السابق حبة العقبي؟
توفيق: لا علم لي بالأمر.
القاضي: الاجتماع درس مؤامرة إقالة رئيس أركان الجيش الوطني الشعبي (الراحل أحمد ڤايد صالح) وتعويضه وإعلان حالة الطوارئ؟
توفيق: (لم نتكلم عليها خلاص)، فيما يخص إقالة قائد الأركان لم تكن واردة أبدا.
القاضي: هل لديك إضافة؟
توفيق: (مانقدرش نهدر للنهار هذاك، كاين أمور كثيرة ليس وقتها باش نتكلم عليها الآن، ويجي وقت نتكلم عليها في حينها).
يعود الجنرال توفيق إلى قفص الاتهام، وينادي القاضي على منسق مصالح الأمن التابعة لرئاسة الجمهورية، اللواء بشير طرطاڤ، فقد بدأ كلامه بتهيئة مكان الاجتماع في فيلا العافية، حيث قال:
بالنسبة لفيلا العافية، فهي تابعة لرئاسة الجمهورية، عندما تم حل الدياراس انتقلت مصالح الأمن إلى الرئاسة.. قلتم أنني لم أحضر الاجتماع، نعم.. (ما عنديش خلافات مع سي توفيق)، لو أردت أن أحضر الاجتماع لحضرت، لكن أنا قررت أنا لا أحضر. لقد قالوا التآمر على سلطة الجيش والدولة، هذه الكلمة (صعيبة بزاف)، أنا لست مدرس للمؤامرات، المؤامرة الوحيدة التي حدثت في البلاد كانت في 1967.. الذي قال بأنني تآمرت..( أنا ملفي نظيف ومعروف في الميدان وعمرنا ما خربنا بلادنا وعملنا من أجلها.. في نهاية المطاف وفي نهاية مسيرتنا يتهمونني بالتآمر، (هو اللي دار الكومبلو)، هل سي توفيق (يدير الكومبلو)...
يقاطعه القاضي: دافع عن نفسك وليس عن غيرك؟
طرطاڤ: سي السعيد موجود هنا معنا، هو الذي طلب مني كي أحضر لقاء وليس اجتماعا ولم يكن اللقاء سريا، الشرطة عند الباب 24/24، طلب مني أن نهيئ له الفيلا، هو مستشار الرئيس، يقرر ما يشاء وقمت بتعيين من قام بالأمر.. ووقع اللقاء مع حنون التي هي مسؤولة سياسية وتوفيق وهذه كل الحكاية.
القاضي: لم تحضر وتدافع عنهم؟ لماذا لم تحضر المحاكمة الأولى؟
طرطاڤ: شفت التهم المنسوبة إليّ، وشفت بلي تآمر علينا، اليوم أنا جيت لأن ظروف المحاكمة مهيأة، في المرة الأولى لم تكن مهيأة.
القاضي: وهل الظروف مهيأة اليوم؟
طرطاڤ: نعم، اليوم الظروف مهيأة.
يطلب القاضي من طرطاڤ العودة إلى مقعده في قفص الاتهام، وينادي على لويزة حنون التي بدأت دفاعها عن نفسها بالتعريف بحزبها، قائلة:
حزب العمال، حزب اشتراكي ونشأ من أجل الديمقراطية وتجسيد سيادة الشعب، ويرفض التدخل الأجنبي في شؤون بلادنا.
القاضي: لماذا حضرت الاجتماع؟
لويزة حنون: حزبنا مستقل عن السلطة هذا لا يعني أنه يتجاهل التطورات في بلاده، بالعكس هو غيور على مصلحة الجزائر، منذ خرج الحزب إلى العلن في 1990 وهو يسعى للتعددية لإيجاد الحلول الوطنية وللمشاكل..
القاضي يقاطعها.. سؤالي واضح؟
لويزة حنون: ليست المرة الأولى التي التقي فيها مع المسؤولين في هرم الدولة، التقيت جميع الرؤساء ما عدا بومدين، مسؤولي الأمن الوطني، كما التقيت أحمد ڤايد صالح في جانفي 2014، وفي عدة مرات التقيت مع وزراء وولاة ورؤساء حكومات، أنا مناضلة ونائب في البرلمان ومسؤولة سياسية تطرح الانشغالات، وكنت ألتقي بعبد العزيز بوتفليقة، ولما مرض صرت ألتقي مع مستشاره الخاص السعيد، لأنه ينوب عن أخيه وكنت أطرح عليه الانشغالات. وفي 27 مارس 2019 شاركت في لقاء تشاوري لأني بدأت أرى..
القاضي يقاطعها: من اقترح اللقاء؟
لويزة حنون: المستشار.. لديه صلاحية، وهو يمثل الرئيس وكان اللقاء رسميا في عز النهار وليس في السر وأمام الملأ، بالإضافة إلى أنه كان قصيرا جدا، بالكاد دام ما بين 50 دقيقة وساعة وعشر دقائق.
القاضي: يعني أنك حضرت اللقاء؟
لويزة حنون: نعم كان عندي انشغال ثورة في البلد والمسيرات وبوادر الانسداد والانحراف، وخشيت على بلادي، وكان من واجبي كمسؤولة سياسية أن أسعى من أجل تجنيب البلاد الأوضاع غير المتحكم فيها، نعم شاركت في اللقاء وكان لزاما علي أن أسمع موقفي وهو أن يقوم بوتفليقة بالتعجيل بالإعلان عن استقالته كرئيس.
القاضي: ولكن لماذا حزب واحد فقط يحضر الاجتماع؟
لويزة حنون: المستشار التقى عدة أحزاب من قبل، تلقيت مكالمة هاتفية منه يوم 26 مارس، والجميع كانوا خائفين من الانحرافات وأحداث غير متحكم فيها.
القاضي: هل هو اجتماع مؤامرة؟
لويزة حنون: كان مجرد لقاء تشاوري لا ركن فيه للمؤامرة، (ما عنديش علاقات في الجيش، كنت نشوف الأزمة من باب التحليل السياسي)، ولم نخرج من الأزمة، عندما شاهدنا تلفزيونات خاصة تنشر أخبارا كاذبة وتتهمنا بتهم خطيرة وبمؤامرة وأن المخابرات الفرنسية ومسؤولي المخابرات، توفيق وطرطاڤ، ومسؤولي أحزاب والمستشار الخاص للرئيس، ولا تحرك مؤسسة الجيش ساكنا، أنا لم أفهم مثل هذا الأمر، لأن التصريحات وتلك الأخبار كانت إهانة للجيش والدولة قبل أن تكون إهانة لي وللمشاركين في اللقاء.. لم تكن هناك أي مؤامرة، أنا أناضل من أجل تغيير نظام الحكم وتجسيد الإرادة الشعبية.
القاضي: هل كان للاجتماع أي تأثير؟
لويزة حنون: كان ممكنا أن يعجل الرئيس السابق بالاستقالة ويأخذ معه البرلمان والحكومة، تلبية للمطالب الشعبية، وحسب اعتقادي لو تجسد ذلك يوم 28 مارس، لكنا تجنبنا ما حدث.
القاضي: شكرا لك عودي إلى مكانك؟
لويزة حنون: شكرا لكم.
يلتفت القاضي ناحية ممثّل النيابة، ويمنحه الكلمة..
ممثل النيابة ملتمسا (بعد التذكير بمسار القضية من بدايته حتى أمس السبت): سيادة الرئيس، لا أذكركم بدلائل وقرائن وما تم التوصل إليه من قناعة الجلسة، لكنني من هذا المنبر أدعو سيادتكم وهيئة المجلس للنظر من روح القانون والتطبيق الصحيح للقانون، من حيث الإدانة أو غيرها، أطالب بتطبيق القانون وصحيحه طبقا للمادة 307 من الإجراءات الجزائية ولكم في ذلك واسع النظر.
ينادي القاضي على فريق الدفاع عن المتهمين الأربعة، للمرافعة والدفع لفائدة موكليهم.
المحامي ميلود ابراهيمي (حاضر عن موكليه الجنرال توفيق والسعيد بوتفليقة): لقد حانت لغة الحقيقة، كم كنت أتمنى أن يصدر قرار النائب العام بتطبيق القانون، لم أنتظر مفاجأة غير إيجابية، إنه مشكور على التماسه وكمحامي دفاع عن السيدين محمد مدين (توفيق) والسعيد بوتفليقة، فإنني أضم كلامي إلى كلام النائب العام وشرف لنا في العدالة الجزائرية أن يكون التماس الدفاع منسجما مع التماس النائب العام، ونقف جميعا على نفس الخط، لن أطيل عليكم سيدي الرئيس، (الأمور واضحة باش نهدرو نفس اللغة في 2021، لسنا في حاجة لقضية من هذا النوع، الدول الأجنبية تكلمت عنها، وهم يتشفاو فينا، وفي عدالتنا وأن مواطنينا يتمرمدو، حان الوقت باش ترجع الأمور إلى مكانها وكل واحد يدي حقه، زوج كلمات فقط عن المؤامرة.. توجد المادة 284 في القانون العسكري والمادتان 77 و78 من قانون العقوبات لا أكثر ولا أقل، وهي مواد لا تتعلق بما نسب للمتهمين من تهم، هذا الأمر غير جدي.. تقول المادة 77: يعاقب مرتكب اعتداء وليس مؤامرة، اعتداء بقنبلة.. أين هذا الاعتداء أو العملية العسكرية التي تجعلنا نتحدث عن مؤامرة.. وفي المادة 78: المؤامرة يقف وراءها أناس يفكرون في تحضير اعتداء كما هو منصوص عليه في المادة 77، وهو ما لم يحدث ولا نتيجة، كل نص يقصي الآخر في القضية الحالية. (واش نقولو) ولا مادة تنطبق على المعنيين.
أتأسف على بلادي، التي سمحت بإقحام رجل مثل الجنرال توفيق في قضية من هذا النوع، ماذا أقول لكم عن السعيد وتوفيق، لن أنطق بكلمة، وأترك الجواب الأخير بين أيديكم، وأضم صوتي إلى صوت النائب العام ملتمسا تطبيق القانون وفقط.
من جانبه، قال المحامي مقران آيت العربي، الحاضر عن موكلته لويزة حنون، إنه لأول مرة يحدث توافق حول تطبيق القانون وفقط. ورافع آيت العربي متسائلا: من هم المتهمون وما هي التهم؟ من هو السعيد بوتفليقة، مستشار الرجل الأول في الجمهورية، ومن هو توفيق مدين، قائد المخابرات منذ 25 عاما، وهو يعمل من أجل الجزائر ومصلحة الجزائر، وهما اليوم أصبحا يتآمرين عليها.
ومن هو طرطاڤ، منذ 45 سنة لم يظهر عليه شيء، وبقدرة قادر، أصبح هو أيضا يتآمر ضد الدولة وسلطة الدولة !
ولويزة حنون، من هي؟ لن أطيل عليكم، باختصار هي مناضلة يسارية منذ 45 سنة، والسؤال لماذا لا تفعل هذه المرأة مثل بعض رؤساء الأحزاب، أن تنسحب تحت الظل وتنتظر، بل وجدناها تسعى وتجتهد منشغلة بشؤون الدولة وبكل ما يخدم الجزائر، بل وجدنا من السياسيين من ينتقدها.. امرأة لم يسمح لها نضالها بالبقاء دون حركة وهي تشاهد بلدها يغرق في الأزمة ولم تبق جالسة في مكتبها غير مكترثة لما كان يطبخ ويحضر لوطنها في السياسة وفي الشارع الجزائري.. حضرت لقاء دام ساعة على الأكثر فوجدت نفسها تحت طائلة عقوبة السجن 15 سنة ثم الحبس 3 سنوات مع 9 شهور نافذة.
وماذا حدث في الاجتماع، التآمر على سلطة الدولة، شيء غريب.. لو كانوا ناس مش معروفين خارج المجال السياسي والعسكري لقلنا كاين مؤامرة، لكن الناس هاذوا لن نتصور لحظة واحدة أنه بعد 45 سنة أن يتآمروا ضد الجزائر.. وكل ما في الأمر الرئيس بوتفليقة كان ينوي الاستقالة والناس اجتمعوا لمدة ساعة لإيجاد حلول للجزائر وللشعب الجزائري للخروج من الأزمة السياسية ويفتح المجال لرئيس غير منتخب مدة معينة لنرجع إلى الانتخابات.. كنا نظن أن الاجتماع وقع في مقر رئاسي وليس في ثكنة وبإذن من المسؤول عن المقر.. لويزة حنّون طول حياتها تناضل من أجل الشعب الجزائري
وهذه السيدة مكانها ليس في الحبس أو في المحكمة العسكرية.. ولكن ذاك وقت واليوم وقت آخر وكلام النائب العام يصب في هذا الاتجاه..
ويختم آيت العربي مرافعته لموكلته بالقول: أطلب النطق ببراءة المتهمة لأنها تستحق أكثر من البراءة ورد الاعتبار إليها.
وجاء الدور في المرافعة على المحاميين خالد برغل ومراد زقير مراد الحاضرين عن موكلهما الجنرال بشير طرطاڤ، حيث أكد الأستاذ زقير على أن المحاكمة هذه المرة تجري في جو هادئ ومليء بالطمأنينة، لافتا النظر إلى أن مجمل الوقائع المعروضة لا تتكون إلا بمجرد لقاء في فيلا العافية التابعة لرئاسة الجمهورية وبطلب من السعيد بوتفليقة المستشار الرسمي والوحيد للرئيس السابق.
وتابع: تم اللقاء في ظروف كانت البلاد تمر فيها بعاصفة سياسية، وكان من واجب الأشخاص محل المتابعة تقديم حلول للأزمة، وأظن لا يمكن بأي حال أن نجد في ملف القضية ما يضعهم تحت طائلة تهم غير قائمة، ومن دون شك فإنكم عندما تدخلون للمداولة فلن تجدوا العناصر التي تكوّن الجرائم المتابعين بها، وهي التآمر من أجل تغيير نظام الحكم والخروج عن سلطة الجيش.
وبدوره أثنى المحامي زقير على التماس النائب العام الجديد لمجلس الاستئناف العسكري واصفا إياه بأنه عين الصواب، مثبتا بأن طرطاڤ لم يكن له دور في الاجتماع سوى تنفيذ طلب مستشار الرئيس لتهيئة مكان الاجتماع بفيلا العافية كما أنه لم يحضر، إنها قضية مفبركة من شخص واحد ونطلب تبرئة موكلي بشير طرطاڤ.
من جانبه، دخل المحامي خالد بورايو على خط المرافعة عن السعيد، مؤكدا على ضرورة تطبيق القانون في كافة المحاكم وفي كل القضايا المعروضة على العدالة.
وقال: نسمع اليوم عن تطبيق القانون، نحن نريد تطبيقه في كل محاكمة وقضية، وليس اليوم فقط، أذكّر ممثل النيابة بالصور البشعة التي قدمت للرأي العام للمتهمين وهم يدخلون المحكمة في صيف 2019.. إنها صور مأساوية.. وعندما تطالبون بتطبيق صحيح القانون يجب أن يكون ذلك واردا من الوقائع وليس من رغبات شخص معين، إننا نريد في هذا البلد أن تكون العدالة خادمة للقانون وليس لرغبات الأشخاص والذين كانوا آنذاك على مستوى الحكم.. علينا أن نطبق القانون في كل قضية ومحاكمة ونزاع ويعني القانون في هذا البلد.. أنا مسرور جدا لأني أسمع ممثل النيابة وأتمنى أن طلبات النيابة تكون الرمز الذي يبرر تطبيق القانون خدمة للقانون فوق الجميع وليس خدمة القانون لأشخاص.. إننا نطالب بالبراءة.
وقبل الانسحاب إلى المداولة، ينادي القاضي على المتهمين الأربعة ليقفوا من مقاعدهم وإن كانت لهم كلمة أخيرة.
السعيد بوتفليقة: كلمتي الأخيرة هي نفسها، أنا بريء من كل التهم.
توفيق: (ماعنديش) أكتفي بما قلت.
طرطاڤ: أنا لم أهضم كلمة المؤامرة، المؤامرة الحقيقية انطلقت من ثكنة في الناحية العسكرية الرابعة.. أطلب إعادة الاعتبار إلينا.
حنون: تعرضت للسجن ولتشويه مساري النضالي وتعرض حزبي لهجمة شرسة من قبل السلطة. أطلب من مجلسكم الموقر أن ينصفني وينصف الضحايا في القضية، وذلك بإعادة الاعتبار للعمل السياسي والتعددية، ورد الاعتبار للعدالة حتى ننطلق في مسار جديد.. أما كشخص، فإن كلمتي الأخيرة أن تبرئتي كليا والنطق ببطلان الملف ككل.
يعلن القاضي رفع الجلسة والانسحاب للمداولة.. وبعد نصف ساعة بالتمام، عادت هيئة المجلس، وينطق القاضي بمايلي:
إلغاء الحكم المستأنف بتاريخ 25 سبتمبر 2019 ضد السعيد بوتفليقة وعثمان طرطاڤ ومحمد مدين ولويزة حنون، والقضاء بتبرئة من التهم المنسوب إليها مع إرجاع المحجوزات إلى مالكيها عثمان طرطاڤ ولويزة حنون مع إبقاء المصاريف القضائية على عاتق الخزينة العمومية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.