صادق أعضاء مجلس الأمة أمس بالإجماع، على آخر المشاريع القانونية المبرمجة في الدورة الربيعية قبل يومين من اختتامها، وشملت هذه المشاريع القانون المتعلق بالحالة المدنية، القانون المتعلق بالخدمة الوطنية وكذا القانونين المتصلين بالتمهين والموارد البيولوجية. واستهل المجلس الجلسة العامة التي خُصصت للمصادقة على مشاريع القوانين الأربعة، والتي ترأّسها عبد القادر بن صالح رئيس المجلس وشارك فيها 123 عضوا منهم 105 أعضاء بالحضور و29 بالوكالة، استهل بالمصادقة على نص القانون الذي يعدل ويتمم الأمر رقم 70/20 المتعلق بالحالة المدنية، حيث حظي هذا القانون بثقة كافة الأعضاء الذين ثمّنوا التدابير الجديدة التي تضمنته، والتي تصب في مجملها في إطار مساعي الدولة لعصرنه الإدارة والتخفيف من حدة البيروقراطية التي يعاني منها المواطن. قانون الحالة المدنية: رفع الغبن والمشقة عن المواطن وقد أثنى وزير الدولة وزير الداخلية والجماعات المحلية الطيب بلعيز، عقب التصويت، على إسهام أعضاء الأمة في الجهود التي تبذلها الدولة من أجل إصلاح الخدمة العمومية ومحاربة البيروقراطية، مشيرا إلى أن هذا القانون يُعد وثبة ولبنة أخرى تضاف إلى سابقتها، والتي تهدف كلها إلى تأهيل المرافق العامة ومكافحة البيروقراطية ورفع الغبن والمشقة عن المواطن، كما أشار إلى أن هذه الإجراءات المتضمنة في القانون تأتي تنفيذا للتعليمات الصارمة لرئيس الجمهورية، الذي شدد على ضرورة الوصول في أقرب وقت ممكن، إلى إقامة إدارة شفافة، عمادها خدمة عمومية عصرية عالية الجودة وخالية من الآفات البيروقراطية، يحظى فيها المواطن بخدمة عمومية ذات نوعية عالية". من جهتها، اعتبرت لجنة الشؤون القانونية والإدارية وحقوق الإنسان بمجلس الأمة، مشروع القانون المصادق عليه "إنجازا كبيرا للحكومة، وقفزة نوعية للإدارة الجزائرية، التي انتقلت، حسبها، من خلال هذا القانون، من مرحلة الركود والبيروقراطية إلى التحديث والعصرنة. وأوصت اللجنة في المقابل بمتابعة تنفيذ الإجراءات المتضمنة في القانون، ومعاينة تسيير مصالح البلدية والدائرة والولاية، للوقوف عن كثب على تطبيق الإصلاحات وتحسين الخدمات، كما دعت إلى الإسراع في تعميم تكنولوجيا الوثائق المؤمّنة غير القابلة للتزوير. وتجدر الإشارة إلى أن القانون الجديد المتعلق بالحالة المدنية، يتضمن عدة تدابير جديدة تندرج في إطار استكمال الإصلاح الإداري، منها تمديد صلاحيات شهادة الميلاد إلى 10 سنوات بدل سنة، عدم تحديد صلاحية شهادة الوفاة، تمديد آجال التصريح بالولادات والوفيات بالنسبة للمواطنين القاطنين بالجنوب إلى 20 يوما بدلا من يوم واحد، تحديد سن الرشد ب19 سنة بدلا من 21 سنة لمطابقته للقانون المدني، فضلا عن تمكين الأمين العام للبلدية في حالات معيّنة، من صفة ضابط الحالة المدنية، لتحرير عقود الزواج والوفيات وشهادات الوفيات. قانون الخدمة الوطنية: مكسب هام لمؤسسة الجيش وللشباب الجزائريين كما حظي مشروع القانون المتعلق بالخدمة الوطنية بالثقة الكاملة لكافة أعضاء مجلس الأمة، واعتبره خليل ماحي الوزير المكلف بالعلاقات بين الحكومة والبرلمان، نيابة عن الفريق قايد صالح نائب وزير الدفاع الوطني، مكسبا هاما لمؤسسة الجيش الوطني الشعبي وللشباب الجزائريين عامة، مشيرا إلى أن المصادقة على هذا القانون من قبل أعضاء مجلس الأمة، وضعت حدا للكثير من الإشكالات المطروحة فيما يخص الملف، لاسيما تقليص مدة التجنيد، التي تعهّد بها رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة أثناء الحملة الانتخابية لرئاسيات أفريل 2014. وتجدر الإشارة إلى أن أبرز التعديلات التي تضمّنها قانون الخدمة الوطنية الذي جاء في 8 أبواب، تشمل إجراءات تنظيمية جديدة تحدد مبادئ هذه الخدمة المستمَدة من المفهوم الجديد لدور الجيش، وتؤكد الطابع الإجباري لها، وتشمل، على وجه الخصوص، تخفيض مدة الخدمة الوطنية من 18 شهرا إلى 12 شهرا، مع تقديم منحة شهرية للمجنّدين حسب الرتبة، وتعويضهم مصاريف النقل عند الانتقاء الطبي والتجنيد، علاوة على احتساب مدة الخدمة في التقاعد، واستفادة المجنّد من فترة تكوين مهنية. كما يتضمن القانون إعادة إدماج المواطن المؤدي للخدمة في منصب عمله الأصلي، مع استفادته من كامل حقوقه المكتسبة وقت التجنيد. القانون المتعلق بالتمهين: تكييف التكوين مع الاحتياجات الاقتصادية وصادق أعضاء مجلس الأمة بالإجماع أيضا، على مشروع القانون المعدل والمتمم للقانون المتعلق بالتمهين، والذي يندرج، حسب وزير التكوين والتعليم المهنيين نور الدين بدوي، في إطار إصلاح القطاع وتثمين أنماط التكوين المهني التي لها صلة بالمحيط الإنتاجي، ومنها نمط التكوين عن طريق التمهين. وقد تم بموجب التعديلات التي أُدرجت تمديد السن الأقصى للالتحاق بالتمهين إلى 35 سنة بالنسبة للشباب من الجنسين، بعد أن كان شرط السن لا يتجاوز 25 سنة بالنسبة للذكور. كما يرمي النص الجديد إلى تثمين وظيفة معلم التمهين أو المعلم الحرفي، وإخضاع التمهين للتقييم والمراقبة التقنية والبيداغوجية. وقد أوضح الوزير بالمناسبة أن التعديل الأول المتعلق بتمديد السن الأقصى للاستفادة من التمهين إلى غاية 35 سنة، يهدف إلى تكريس المساواة في فرص الالتحاق بالتكوين عن طريق التمهين بالنسبة للشباب من الجنسين دون تمييز، وكذا إلى المساهمة في إعادة الإدماج الاجتماعي والمهني للشباب من خلال التأهيل ورفع تعداد الشباب في التكوين عن طريق التمهين، مشيرا، من جانب آخر، إلى أن التعديلات الجديدة التي أُدخلت على القانون تأتي لتعزّز التدابير الاجتماعية المعمول بها لصالح الأشخاص المعاقين جسديا، المعفيين من السن الأقصى للالتحاق بالتكوين عن طريق التمهين. أما بخصوص تثمين وظيفة مهام معلم التمهين أو الحرفي، فقد أوضح السيد بدوي أنه يهدف إلى تكريس السند القانوني لهذه الوظيفة، وتحديد تدابير تحفيزية، مؤكدا في الأخير، أن نمط التكوين عن طريق التمهين، يُعتبر النمط الأقل تكلفة بالنسبة للدولة؛ على اعتبار أنه يتم في الوسط المهني، كما يُعد الأكثر تكيفا مع احتياجات المؤسسة الاقتصادية. قانون الموارد البيولوجية: تثمين التنوع البيولوجي وحمايته من القرصنة وشكّل مشروع القانون المتعلق بالموارد البيولوجية آخر المشاريع التي صادق عليها أعضاء مجلس الأمة أمس بالإجماع، ليتم بالتالي تمرير هذا القانون وإقراره بصفة رسمية، بعد أن تعذّر تمريره مرتين في 2004 و2007. وقد أبرزت وزيرة تهيئة الإقليم والبيئة دليلة بوجمعة، في كلمتها الختامية عقب جلسة التصويت، أهمية هذا النص الذي يرتبط، حسبها، بمستقبل البلاد؛ كونه يضع حدا نهائيا للاستغلال العشوائي وقرصنة الموارد البيولوجية، ويرمي إلى تثمين المواد الجينية واستغلالها بصفة مستدامة، مشيرة، في سياق متصل، إلى أن من يملك القدرة على تسيير هذه الموارد وحمايتها وتطويرها، له الحظ الأوفر في التغلب على التخلف والفقر. كما اعتبرت السيدة بوجمعة القانون المصادَق عليه بمثابة لبنة جديدة تضاف إلى الترسانة القانونية الموجودة في مجال حماية البيئة وتحقيق التنمية المستدامة. وقد جاء القانون المتعلق بالموارد البيولوجية في ثلاثة فصول، خُصص الأول منها لشروط الحصول على الموارد البيولوجية وطرق منح رخص استغلالها، بينما يتناول الفصل الثاني آليات تسيير وتثمين هذه الموارد، ويحدد الفصل الأخير الإجراءات العقابية ونقاط الرقابة وضبط قائمة العقوبات في حال الإخلال بالالتزامات المتعلقة بالاستغلال العقلاني للموارد البيئية. تجدر الإشارة في الأخير إلى أن مشاريع القوانين الأربعة التي صادق عليها مجلس الأمة أمس، تمت المصادقة عليها بالغرفة البرلمانية السفلى، في جلسة 9 جويلية الجاري.