أكد وزير السكن والعمران السيد نورالدين موسى أمس أن سياسة الدولة في معالجة فوضى البناءات تقوم على أساس إيجاد حلول تقنية لمشاكل تقنية، مبتعدة بذلك عن خيار الهدم الذي لا يتم اللجوء إليه إلا إذا كان في مصلحة المواطن، مشيرا إلى أن قانون مطابقة البنايات وإنهاء بنائها، يأتي بالدرجة الأولى لتسوية وضعية البنايات المنجزة دون رخص أو شهادات مطابقة بشكل يسمح لأصحابها ووارثيهم بحق الاستفادة والتصرف فيها. ويقصد السيد موسى بالهدم الذي يكون في مصلحة المواطن، حماية أصحاب بنايات مبنية على أراض غير صالحة أو التي تمثل تهديدا على الساكنة، حيث تضطر السلطات العمومية في هذه الحالات إلى التدخل لتهديم هذا النوع من البنايات التي عادة ما تكون غير مطابقة لقوانين معمول بها لدى عدة قطاعات، كما هو حال البنايات المبنية فوق المنشآت النفطية أو في أراض غير مؤهلة من الناحية الجيوتقنية. وبغرض شرح النصوص التطبيقية الثلاثة للقانون رقم 08 - 15 المتعلق بمطابقة البنايات واستكمال بنائها، والتي صدرت في 2 ماي الماضي في الجريدة الرسمية في انتظار صدور المراسيم الأربعة الأخرى المتبقية، اجتمع الوزير أمس بمدراء البناء والتعمير لل48 ولاية والمدراء العامين لدواوين الترقية والتسيير العقاري، حيث تم التأكيد على ضرورة القيام بحملات جوارية لتحسيس السلطات المحلية من جهة وكذا المواطنين المعنيين بالقانون من جهة ثانية بأهمية هذا الأخير في إنهاء الوضعية الموروثة من حالة الفوضى في البناء وتسوية وضعية أصحاب البنايات غير المطابقة للقانون أو الذين لايملكون رخص بناء وشهادات مطابقة، بما يسمح لهم ولأبنائهم الوارثين من الاستفادة منها. كما يهدف هذا القانون الجديد إلى إضفاء الجانب الجمالي على الإطار المبني وخلق تجانس في النسيج العمراني، مع الإشارة إلى أن إحدى النصوص التطبيقية التي تعمل الوزارة على تحضيرها في إطار نفس القانون يشمل إدراج الطابع الجمالي في البناء ضمن المنفعة العامة. وتتعلق المراسيم الثلاثة التي صدرت مؤخرا الكيفيات التطبيقية لمطابقة البنايات وإتمام إنجازها وتنظيم سير لجان الدوائر ولجان الطعن على مستوى الولاية، علاوة على تنظيم فرق التحقيق والمتابعة. وحث الوزير بالمناسبة مديري التعمير والبناء إلى جانب مسؤولي دواوين الترقية والتسيير العقاري على اتخاذ التدابير ميدانيا للتنفيذ السريع لآلية تسوية وإنهاء المباني غير المكتملة داعيا إلى ضرورة تحسيس منجزي المباني وإنشاء فرق التحقيق والمتابعة وتبليغ طلبات تسوية البنايات التي يقدمها المواطنون المعنيون بشكل إرادي. من جانب آخر تناول الاجتماع تقييم مدى تقدم برنامج التحسين الحضري الذي خصصت له الدولة خلال الخماسي الممتد من 2009 إلى 2015 غلافا ماليا ضخما يقدر ب396 مليار دينار، واستفادت منه نحو 22 مليون نسمة موزعين على 12 ألف حي من مختلف مناطق الوطن. وهو البرنامج الذي يرمي بالأساس إلى إعادة التأهيل الكامل لكل الفضاءات المبنية، وتوفير إطار معيشي ذي نوعية تجتمع فيه كل المتطلبات الوظيفية والجمالية. وفي سياق متصل شدد الوزير على ضرورة التكفل مستقبلا بعمليات تهيئة الشبكات القاعدية للأحياء السكنية قبل الشروع في إنجاز البنايات، مبرزا أهمية استكمال عملية مراجعة أدوات التعمير لتجنيد العقار القابل للتعمير وتشخيص المساحات الجاهزة لبناء المشاريع المستقبلية، ولا سيما منها تلك التي تندرج في إطار البرنامج الخماسي الجديد 2010 - 2014، المتضمن إنجاز مليون وحدة سكنية أخرى. وحسب العرض المتضمن مدى تقدم عمليات مراجعة أدوات التعمير، فقد تمت الإشارة إلى أن العمليات الجارية تشمل مراجعة 1046 مخططا توجيهيا للتهيئة العمرانية من مجموع 1541 بلدية، ويتم إنجاز 4977 مخططا لشغل الأراضي من مجموع 12000 مخطط، فيما تمت برمجة إعداد 495 مخططا توجيهيا للتهيئة العمرانية وكذا مخططات شغل الأراضي الناجمة عنها خلال البرنامج الخماسي القادم. وأبرز الوزير من جانب آخر أهمية مراعاة المميزات المناخية للمناطق التي تحتضن المشاريع السكنية مع تقليص آجال الإنجاز واللجوء إلى الطرق الناجعة والفعالة لضمان نوعية البنايات ولا سيما من خلال تنويع مواد البناء المستخدمة وإيلاء مزيد من الأهمية للمواد التي تساهم في اقتصاد الطاقة.