جميل جدّا أن نتحدّث عن الاحتراف في الجزائر والأجمل من كلّ هذا مواصلة منتخبنا الوطني الأوّل تألّقه في المنافسات الرسمية وتتويج وفاق سطيف مؤخّرا بدوري أبطال إفريقبا على حساب فيتا كلوب الكونغولي، لكن في نظرة متأمّلة إلى واقع كرة القدم الجزائرية وحال أنديتنا ووضع ملاعبنا والعنف داخل وخارج الملاعب والاتّهامات الخطيرة الموجّهة لأصحاب الصفّارة والاتّهامات العلنية لساسة كرتنا بتناولهم رشاوي مالية، كلّ هذا يجعل الاحتراف في الجزائر أشبه بالخرافة. أربع سنوات مرّت على تطبيق الاحتراف في الجزائر، لكن ما يزال المعنى الحقيقي للاحتراف حبرا على ورق، وقد لا يتجسّد على أرضية الواقع لا لشي إلاّ لأن ما بني على باطل فهو باطل. الاحتراف.. الوهم في الدول المتقدّمة وحتى الدول التي تطبّق الاحتراف تخضع النوادي لشروط من أجل انضمامها إلى البطولة الاحترافية، أمّا في الجزائر فكلّ نادي يمكنه اللّعب في البطولة التي تسمّى (المحترفة). فمنذ تطبيق الاحتراف في الجزائر تحوّلت بطولتنا إلى كلّ من هبّ ودبّ، لكن المضحك في الأمر أن كلّ الفِرق الصاعدة من بطولة القسم الثاني هواة تتحوّل إلى محترفة بين عشية وضحاها، واتحاديتنا الموقّرة تبارك صعودها بإقامة عرس كبير تدعو إليه أصحاب (البطون) المنتفخة. الاحتراف الحقيقي الاحتراف الحقيقي هو في المستوى والفكر الثقافي للمسيّرين، وفي طريقة التسيير العقلانية، أمّا أن نتباهى بأن بطولتنا بقسميها الأوّل والثاني محترفة فهذا الذي يزيد الطّين بلّة. تطبيق الاحتراف في الجزائر وسط فوضى عارمة في نظري الخاص -وقد يشاطرني الكثيرون الرأي- سابق لأوانه، كيف لا وجلّ رؤساء الأندية يفتقرون إلى النضج الاحترافي. الاحتراف الحقيقي هو وضع النوادي تحت (مجهر) مراقبة الدولة، فيجب مساءلة كلّ رئيس نادي مهما كانت طبيعته، أين صرف كلّ دينار حصل عليه، أمّا أن تواصل الدولة ضخّ الملايير في خزائن الفِرق دون حسيب أو رقيب فهذا الذي يجعل الاحتراف في الجزائر (أضحوكة). احتراف روراوة من العشب الطبيعي إلى الاصطناعي من المتعارف عليه أن أيّ تطوير للعبة كرة القدم لن يمرّ إلاّ من خلال اللّعب على الملاعب ذات العشب الطبيعي، وقد بيّنت جميع التجارب العالمية التي قام بها اختصاصيون في مجال الرياضة أن ما يقدّمه لاعب كرة القدم في تسعين دقيقة على ملاعب ذات العشب الاصطناعي أقلّ بثلاث مرّات ما يقدّمه نفس اللاّعب على الملاعب ذات الميادين الطبيعية. أكثر من ذلك أن 70 في المائة من الإصابات الخطيرة التي يتعرّض لها لاعبو كرة القدم الذين يزاولون لعبتهم على ملاعب ذات الميادين الاصطناعية أكثر بأربع مرّات من نظرائهم الذين يمارسون نفس اللّعبة في الميادين ذات العشب الطبيعي. نتيجة أخرى بيّنت أن عمر اللاّعب قد يتواصل إلى ما دون ال 35 سنة على ملاعب ذات العشب الطبيعي، فيما لن يفوق ال 32 في الملاعب ذات العشب الاصطناعي. أمّا في مجال تهيئة الميادين فنتوقّف عن نقطة مهمّة، فتغطية ملعب واحد من بالعشب الاصطناعي تقابله تغطية ثلاثة ملاعب بالعشب الطبيعي، الأمر الذي يجرّنا إلى الحديث عن الواقع المُرّ لملاعبنا. فمادامت الأرقام هي التي تتكلّم أين هو دور الاتحادية في الجريمة المرتكبة في حقّ العديد من الملاعب؟ فبأيّ حقّ يتمّ نزع العشب الطبيعي في الكثير من الملاعب، منها ملعب الوحدة المغاربية ببجاية وملعب (زبانة) بمدينة وهران شأنه شأن ملعب (الحبيب بوعقل) بوهران وملعب (العقيد شابو) بمدينة عنابة والإخوة (براكني) في مدينة البليدة والقائمة طويلة؟ فلو لم تكن هناك نيّة (خبيثة) لمرتكبي هذه الجريمة في حقّ ملاعبنا التي كانت مغطّاة بالعشب الطبيعي لما حوّلت ميادينها إلى العشب الاصطناعي، والكلّ يعلم علم اليقين أن العشب الاصطناعي لن يزيد من كرتنا إلاّ سوادا ولن يوصلها إلى المستوى العالمي طالما أن لاعبينا سجناء العشب الاصطناعي.