جرّاء العزلة والتهميش تجمّعات سكانية تعاني الأمَرَّين في السويدانية مليكة حراث تتواصل معاناة أكثر من 500 عائلة بحي 05 جويلية الجديد ببلدية السودانية جرّاء العزلة التي فرضها موقعها الجغرافي ورغم أنها لا تبعد عن مقرّ العاصمة سوى ب 25 كيلومترا إلاّ أنها بعيدة كلّ البعد عن اهتمام المسؤولين المحلّيين. زرنا المنطقة وحاولنا الوقوف على المعاناة اليومية وما يتكبّده هؤلاء السكّان جرّاء جملة النقائص على رأسها غياب الماء الأمر الذي يضطرّهم إلى قطع مسافة لجلب هذه المادة الحيوية من الأماكن العمومية متحمّلين جهد حملها على سلالم عماراتهم الذي زادت معاناتهم وأرهقت كاهلهم. وفي ذات السياق عبّرت السيّدة (راضية) إحدى قاطنات بذات الحي التي وصفت لنا وضعيتهم بالمزرية في ظلّ غياب أهمّ متطلّبات الحياة الكريمة كما أبدت تذمّرها من جملة المشاكل التي يتكبّدونها في ظلّ غياب ابسط الضروريات إضافة إلى معاناتهم من مشكل الغاز الطبيعي لا سيّما في فصل الشتاء أين يواجهون متاعب في رحلة البحث عن قارورات غاز البوتان ضف إلى ذلك مشكل الإنارة العمومية الذي زاد من مخاوف السكّان وحوّل حياتهم إلى جحيم لا يطاق خوفا من السطو والاعتداءات. من جهة أخرى أشار السكّان إلى مشكل النقل خاصّة وأن الحي يبعد عن موقف النقل الوحيد المتواجد على مستوى البلدية بكيلومتر ونصف غير أن هذه المسافات تقطع وبشكل يومي مشيا على الأقدام أمام غياب وسائل النقل. ورغم ما قدّم من شكاوى إلى المسؤولين إلاّ أن ذلك لم يجد نفعا. نفس المعاناة اليومية يتجرّعها العديد من الأحياء كحي 146 مسكن أين يعيش قاطنوه ظروفا مزرية وكارثية للغاية في ظلّ غياب أهمّ متطلّبات العيش الكريم من مياه صالحة للشرب الغاز والإنارة العمومية فضلا عن القمامات المنتشرة والمتراكمة في كلّ ركن من أركان الحي المذكور ممّا أعطى لمسة مخزية للحي لا سيّما تلك المركونة تحت شرفات ونوافذ العمارات الثماني بالحي والتي أكثرها من مخلّفات البناء مع موعد اقتراب مناسبات الأعراس حيث لم تقم المؤسّسة المسؤولة عن الحي برفع مخلّفات البناء مسبّبة بذلك الكثير من المخاطر خاصّة لدى الصغار مثلما حدث للطفل (نزيم) الذي تلقّى إصابة بالغة على مستوى الرِجل إثر سقوطه هذا ما قالته (أُمّ نزيم) عندما كانت تسرد لنا معاناتها. هذه المعاناة لا تختلف كثيرا عن الحي (بودربالة) الذي هو الآخر يتخبّط سكّانه في أوضاع أقلّ ما يقال عنها إنها كارثية خاصّة وأن معظم بناياته يعود تشييدها إلى الخمسينيات فهذه البنايات أقلّ ما يمكن وصفها بأنها بنايات مهترئة جدرانها مهدّدة بالانهيار في أيّ لحظة بغض النّظر عن الضيق الذي يميّزها. وأمام هذه الوضعية الحرجة يقول السيّد (عدلان) أحد قاطني الحي إنهم يعيشون هاجس الخوف والهلع داخل تلك البيوت المهدّدة بالسقوط في أيّ وقت ناهيك عن ضيق الشقق وسرد لنا معاناته مع المشاكل الداخلية بسبب الضيق وفي ظلّ غياب أهمّ شروط العيش الكريم خاصّة وأنه يتحمّل مسؤولية عائلته ووالديه المريضين بعد سقوط سقف بنايتهم بعد تهاطل كمّيات معتبرة من الأمطار خلال الآونة الأخيرة متسائلا في ذات السياق عن جدوى تواجد المسؤولين في مصالح البلدية دون إعارة المواطنين أدنى اهتمام أو الوقوف على حجم المعاناة اليومية التي يعيشونها مكتفين بالوعود الزّائفة التي لا تتحقّق أبدا على حدّ تعبير محدّثينا. في السياق ذاته ونحن نتجوّل في الحي صادفنا سكنات هشّة مشيّدة بالطوب والصفيح على منحدر معرّض للسقوط في أيّ لحظة حاولنا التقرّب منه غير أن أحد السكّان منعنا من ذلك محذّرا إيّانا من المخاطر التي سنواجهها عند دخولنا إلى تلك السكنات لكن للأمانة تطلّب منّا عملنا الميداني الوقوف عند مثل هذه الصعوبات فدخلنا إلى الحي رفقته ووجّهنا إلى أوّل عائلة وهي عائلة (بوجدية) التي عانت إبّان العشرية السوداء فبعد هروبها من ويلات الإرهاب وقعت في ويلات الطوب والصفيح الذي قهر حياة أفرادها وحوّل حياتهم إلى جحيم فخطر الموت يحدق بهم في كلّ لحظة خاصّة وأن بيتهم يقع على مستوى منحدر مائل قابل للانجراف وهي حالة أكثر من 42 عائلة في نفس الحي تحاصرها مخاطر الانزلاق من جهة والوضعية المأسايوية من جهة أخرى خصوصا في ظلّ انعدام أبسط متطلّبات الحياة الكريمة.