وقفة مع الذكرى ال56 لعيد النصر عندما أجبر المجاهدون فرنسا على وقف إطلاق النار ن. أ تخلد الذكرى ال56 لعيد النصر المعلن عنه غداة التوقيع على اتفاقيات إيفيان نهاية حرب تحريرية طويلة الأمد وكفاح الجزائريين الباسل والبطولي ضد الاستعمار الإرهابي الفرنسي الذي أجبره المجاهدون على وقف إطلاق النار والتسليم بحق الجزائريين في تقرير المصير. وفي يوم 19 مارس 1962 المكرس لعيد النصر بالجزائر تم التوقيع على نهاية حرب التحرير التي كسبت بقوة السلاح وبإرادة الملايين من الجزائريين الذين عانوا لأكثر من قرن من ويلات النظام الاستعماري بدفعهم ثمنا باهظا من مليون ونصف مليون شهيد والآلاف من الأرامل واليتامى ومئات الآلاف من السجناء والمعتقلين والمعطوبين ناهيك عن تدمير الآلاف من القرى والمداشر. وتلقى مجاهدو جيش التحرير الوطني بالجبال والشعب الجزائري بأكمله بسعادة وغبطة كبيرتين خبر الإعلان الرسمي عن وقف إطلاق النار المبرم في 18 مارس بمدينة ايفيان والذي مكن الشعب الجزائري من استعادة حريته وسيادته. وقبل التوصل إلى التوقيع بالأحرف الأولى لاتفاقات ايفيان في 18 مارس 1962 المكرسة لاستقلال الوطن رفض الوفد الجزائري طوال هذه المفاوضات كافة الاقتراحات المقدمة من قبل فرنسا التي ترهن السيادة الوطنية بعد الاستقلال حسب شهادة الراحل رضا مالك الناطق باسم وفد الحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية بقيادة كريم بلقاسم. وتميزت مفاوضات إيفيان التي انطلقت يوم 20 ماي 1961 والتي تم تعليقها مرارا بتعنت الجانب الفرنسي الذي قدم ثلاث اقتراحات رفضها الوفد الجزائري. وتخص هذه الاقتراحات الاحتفاظ بالصحراء الجزائرية وكذا بالقاعدة البحرية لمرسى الكبير (وهران) تحت السيطرة الفرنسية وكذا مسألة مليون فرنسي مقيم بالجزائر. ولكن أمام الاقتراحات الفرنسية تمسك الوفد الجزائري بموقفه فيما يخص الصحراء حيث أبدى عزما كبيرا للدفاع عن هذه المسألة بأي ثمن قبل الاتفاق مع الوفد الفرنسي بالاحتفاظ بالاستثمارات الفرنسية في الصحراء لمدة ثلاث سنوات لاسيما بعد اكتشاف النفط. وفيما يخص وضع فرنسيّي الجزائر بعد الاستقلال توصل الجانبان إلى اتفاق يمنح أجل ثلاث سنوات للفرنسيين للاختيار بين الجنسية الجزائرية أو الاحتفاظ بالجنسية الفرنسية ومعاملتهم طبقا للقوانين المسيرة للأجانب في الجزائر. وبخصوص القاعدة البحرية مرسى الكبير فإن اقتراح الطرف الفرنسي بأن تستغل فرنسا القاعدة لمدة 99 سنة واجهه رفض الوفد الجزائري القاطع ليتم الاتفاق على منح فرنسا حق امتياز لمدة 15 سنة. وفي خضم أجواء الاستقلال كان على البلاد الشروع في مسار تاريخي جديد وطويل وهو معركة البناء والتشييد يستمد قوته من الروح التي ميزت مسار استرجاع السيادة الوطنية لتحرير الوطن من الاحتلال الأجنبي. ومن هذا المنطلق حث رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة بمناسبة الذكرى ال55 لعيد النصر الجزائريين على أن يكونوا صناع الأحداث والانتصارات مثل آبائهم وأسلافهم صناع جزائر قوية اقتصاديا وأمنيا. وأكد بنفس المناسبة يقول إنه يوم أنهى فيه شعبنا البار حقبة طويلة من الاستعمار ووقف فيه وقفة عز ومجد وانتصار بعد ثورة نوفمبر المجيدة التي صنعها أبناؤه بما وهبهم الله من إرادة وإيمان لا يصدهما عن بلوغ الغاية الحديد ولا النار وبما قدموا من تضحيات جسام ملايين من الشهداء والمعطوبين ومن الأيامى واليتامى فضلا عن الخراب والدمار وما خلف كل ذلك من وضعيات مأساوية مست كل أسرة في كافة أنحاء البلاد . وأضاف رئيس الجمهورية يقول وإذا كان 19 مارس 1962 تاريخ وقف إطلاق النار جاء بفضل تضحيات الشهداء والمجاهدين فقد كان أيضا نتيجة مفاوضات شاقة قادها وفد الجزائر المكافحة الذي استطاع أن يحاور المستعمر بعبقرية وكفاءة ملؤهما الإخلاص والوفاء للوطن وعلى الرغم مما كان لدى الخصم من مراجع ومصادر فقد استطاع الوفد الجزائري أن يفتك حق شعبنا كاملا في حريته وسيادته على أرضه دون أن ينقص منها باع أو ذراع . واعتبر رئيس الجمهورية أن بهذه الملحمة حربا ومفاوضات أعطى شعبنا وثورته الخالدة الصورة الرائعة لمسيرته التي نفتخر بها اليوم وغدا .