بقلم: إسماعيل بوزيدة* خطوة بخطوة ونجاحا تلو النجاح كانت تركيا تتقدم إلى الأمام وتبني تجربتها الناجحة والمتكاملة في المجال الاقتصادي والسياسي والديمقراطي والإصلاحي بدأ ذلك منذ 2002 تاريخ وصول حزب الحرية والعدالة إلى الحكم والذي أبان عن أنه حزي إسلامي قوي ومتوازن وصاحب مشروع متكامل وحضاري كبير هذا الحزب لم تكن انجازاته في مجال واحد بل كانت في كل الاتجاهات وعلى كل الأصعدة فأين العرب من تجارب جيرانهم وهل اخذوا بأسباب النجاح كما أخذ بها غيرهم هل استفادوا منها وهل حاولوا الأخذ منها لفائدة شعوبهم ولفائدة منطقتهم ولفائدة التاريخ والأجيال القادمة؟ آخر نجاحات التجربة التركية التي نتمنى لها كل التوفيق والنجاح هي الانتخابات الرئاسية والبرلمانية الأخيرتين واللتان جدد فيهما الشعب التركي ثقته في حزب الحرية والعدالة حيث فاز بأريحية تامة وتم انتخاب اوردوغان رئيسا للجمهورية التركية ليتم بذلك قيام الجمهورية التركية الجديدة وفق النظام الرئاسي وأجمل ما في التجربة التركية الديمقراطية أنها فعلا ديمقراطية حقيقية تتم وفق قواعد العملية الديمقراطية بشفافية وبنزاهة تؤهلها لأن تكون من أرقى التجارب في العالم بأسره هذا النجاح السياسي سبقته نجاحات كبيرة وعلى كل الأصعدة تحققت بفضل العمل والجهد اللذان بذلهما حزب العدالة والرئيس رجب اردوغان نجاح اقتصادي مشهود حيث أصبحت تركيا تنتج ما تحتاجه بل وتصدر كل المنتوجات ومن جميع الأنواع حتى الطائرات والسفن والغواصات وكل التكنولوجيات المتقدمة ساعدها في نجاحها الاقتصادي الإصلاحات الكبيرة في المجالات الإدارية والقضاء على البيروقراطية وتوفير مناخ جد ملائم للاستثمارات حيث تدفقت الاستثمارات على الدولة التركية طوال سنوات وارتفع الدخل من 45 مليار دولار سنة 2002 إلى 200 مليار عام 2018 ومن أكبر الانجازات هو النجاح الأسطوري لشركة الطيران التركية التي تحولت إلى المرتبة الأولى أوروبيا والرابع عالميا وهو نجاح واكب النجاح الاقتصادي لما للطيران من دور في جلب المستثمرين والسياح من كل أنحاء العالم النجاح التركي الآخر كان على المستوى الإصلاحي حيث نجح حزب العدالة في إعادة تركيا إلى هويتها الإسلامية ومنطقتها المشرقية وعلاقتها بجيرانها وتفعيل دورها الإقليمي تم ذلك بخطوات مدروسة ومتتالية ودون تسرع ودون اضطراب وبمساندة شعبية بعد سنوات طويلة من محاولات سلخ تركيا من هويتها ودينها ومكانتها الطبيعية كسند للأمة العربية وجزء لا يتجزأ من الأمة الإسلامية الكبرى كذلك لابد أن نشير إلى أن نجاحات تركيا انعكست كثيرا على استقلالية قراراتها ودورها الإقليمي حيث ما فتأت تركيا تدعم كل جيرانها في قضاياهم وتسعى لمساعدة المنطقة على استعادة الاستقرار وتقليم أظافر العدو الصهيوني المتغول في فلسطين واتخاذ مواقف رائعة في مساندة الفلسطينيينوغزة مواقف عجز عن اتخاذها العرب الأشقاء في حد ذاتهم الذين لم يعجزوا عن المساندة بل يتورطون الآن في خيانة القضية فيما يسمى صفقة القرن وآخر المواقف المشرفة لتركيا في مساندة غزة هو طردها للسفير الإسرائيلي بعد المجازر التي ارتكبها العدو الصهيوني في حق المتظاهرين السلميين خلال مسيرات العودة الأخيرة. فأين العرب من نجاح التجربة التركية العتيدة؟ إنهم هناك في قيلولة عند الظل بل منهم من يعادي تركيا ومنهم من يحمل لها العداء ويكيد لها ليل نهار لمحاولة إفشالها وإسقاطها وقد تجلى ذلك من خلال المحاولة الانقلابية الأخيرة التي تورطت فيها دول عربية حسب ما صرح به المسؤولون الأتراك وهناك من العرب من له تجربة صداقة مع تركيا ولكن لا يأخذ منها ولا يقتبس من نجاحاتها الاقتصادية والديمقراطية والاصلاحية ولا يعتبر ولا يأخذ الدروس فمازال العرب ينسلخون من هويتهم وتركيا تنجح في العودة إلى هويتها دون حياء ودون خوف ودون كلل مازالت التجارب الاقتصادية العربية تفشل وتكشف كل يوم عن رداءتها في حين تحقق تركيا النجاحات بفضل رصانة واحترافية ونصاعة منتوجها ومازال العرب يتدهورون ديمقراطيا ويتدحرجون في المجال الديمقراطي ويتسببون في الحروب في بلدانهم على غرار ما يحدث في سوريا التي يتمسك رئيسها بالسلطة ويسقط مئات الآلاف من شعبه بين قتيل وجريح جراء الصراع في حين لم يأخذوا العبرة من جارتهم الشمالية تركيا التي تقدم أروع النماذج في التداول السلمي على السلطة. ختاما لابد أن نشير إلى موقف الشعوب العربية من التجربة التركية حيث أن النجاحات التركية على جميع الأصعدة تحظى بإعجاب الشعوب العربية ومساندتها وهي متأثرة كثيرا بما حدث ويحدث في تركيا وتطمح إلى أن تتجسد مثل تلك النجاحات في أوطانها نعم فمن طبيعة الإنسان إن يحب النجاح ويحب الناجحين ويتخذهم قدوة ويأخذ منهم ويقتبس من نجاحاتهم ولكن للأسف هناك من النفوس المريضة التي تسعى لإفشال الناجحين وتدمير منجزاتهم ومن هنا لابد أن نعجل بالإصلاح وبمحاولة بناء تجاربنا والأخذ من تجارب غيرنا وأن نشرع في بلورة أفكارنا والشروع في الإصلاح والإقلاع الاقتصادي وأن نكون شعوبا ذات قضايا ولها مشاريع وأهداف استراتيجية كبرى لا أن نبقى تافهين وعاطلين عن المواكبة والتقدم والتطور.