مراصد إعداد: جمال بوزيان من مقالات أهل القلم تواصل أخبار اليوم رصد مقالات الكُتاب في مجالات الفكر والفلسفة والدِّين والتاريخ والاستشراف والقانون والنشر والإعلام والصحافة والتربية والتعليم والأدب والترجمة والنقد والثقافة والفن وغيرها وتنشرها تكريما لهم وبهدف متابعة النقاد لها وقراءتها ثانية بأدواتهم ولاطلاع القراء الكرام على ما تجود به العقول من فكر متوازن ذي متعة ومنفعة. مقدمة كِتاب شروط نجاح الحَراك مسودة أفكار حول عقد اجتماعي جزائري جديد لمؤلفه: الأستاذ الجامعي الدكتور محمد عبد النور إن التأسيس لسيادة حقيقية على الذات الوطنية سيمر بالضرورة بحدثين واقعي وفكري فالواقعي هو الحاصل من الحراك في الجزائر والفكري هو ما يجب حصوله من اجتهادات نظرية وتأصيلية تنطلق من إدراك حقيقي لطبيعة الاجتماع الجزائري كما يجب أن يكون الحدثان امتدادا لما حصل في الماضي أعني الثورة السياسية التي حصلت أثناء الحقبة الاستعمارية (معركة التحرير الوطنية) والثورة الفكرية التي حصلت بعدها (مشروع النهضة الحضارية). فمن الناحية الواقعية يمكن عدّ بيان أول نوفمبر رمزا إلى العقد الاجتماعي الأولي الذي تسبقه اتفاقيات ومعاهدات سابقة ودساتير وطنية جاءت من بعده فبيان أول نوفمبر يشكل خلاصة الوضع الثوري الذي أسس لمفهوم السيادة على الذات والتحرر من الهيمنة الاستعمارية فضلا عن كونه حقق الاجتماع الضامن للوحدة السياسية والثقافية لكل أمة تسعى للتجدد أو تحضر لميلادها مجددا. أما من الناحية الفكرية فيمكن عد كتاب ميلاد مجتمع رمزا إلى العقد الاجتماعي الممكن في الجزائر فهو الكتاب الذي ناقش فكرة التحول من المجتمع الطبيعي الغفل إلى تأسيس المجتمع التاريخي الواعي بما هو انصهار لبناءات متعدّدة في كيان اجتماعي موحد ذو غايات وأهداف مشتركة فلاشك أن الاجتهاد البنّبوي (نسبة لمالك بن نبي) جاء استئنافا لاجتهادات سابقة سعت للتأسيس العلمي والنظري للأمة في ظروف مستجدة فقد جاءت خلاصة وضعها بين يدي الأجيال اللاحقة لتكون مرجعا ومنطلقا لاستئناف السير ضمن ذات المنطق الوحدوي العام للجزائريين ضمن أفقهم الحضاري. من جهة أخرى لابد من بيان الدافع الظرفي الذي جعلني أتصدّى لهذه المحاولة ألا وهو المعضلة الهوياتية التي صارت تشكل أساسا للفعل السياسي والثقافي الراهن والذي لم يخل منه الحراك ما يدلّ على أنه أصبحت واقعا صريحا سيحول تجاهله دون علاج حقيقي يطأ الجرح فيداويه فأولا لابد من الإشارة إلى أن عودة الهويات ظاهرة كونية انبثقت بعد نهاية الحرب الباردة فبعد هيمنة شبه مطلقة للأيديولوجيتين المتصارعتين (الاشتراكية والرأسمالية) كان البديل بعد نهاية الحرب الباردة طبيعيا وتقليديا وذلك باستعادة الهويات الثقافية والدينية ووجودها عالميا كطبقة أوتوكتونية خفية كانت خامدة تحت طبقات الصراع الأيديولوجي. وكان من نتائج عودة الهويات في الجزائر حصول حدثين أساسيين هما: 1- الربيع الأمازيغي بداية الثمانينيات عودة هوية ثقافية. 2- ظهور التيار الإسلامي بداية التسعينيات عودة هوية دينية. وفي الواقع فإن التيارين ونقيضيهما هما الموضوع الأكثر جدلا اليوم في الحراك الجاري الجزائري. الأمازيغية مقابل العروبة والإسلامي مقابل العلماني وهي تقابلات وهمية بمنطق إمكان تدامجها كلها معا ولكونها لا تتنافس على موضوع واحد: الأمازيغية ثقافة العروبة لسان الإسلام دين وحضارة والعلمانية واقعية وعقلانية. إذن لاشكّ أن روح العقد الجزائري ستكون نفعية صرفة تسمو إلى رشد مصلحة الجميع داخل الجغرافيا الواحدة التي تطمح أن تتحدد داخلها وقائع الأمن الشامل وعدالة القضاء والرفاه الاقتصادي لذلك فستكون أولوية تأسيس العقد الاجتماعي أسبق من أي خطوات سياسية أو قانونية في تدبير الشأن العام وذلك من حيث قيام العقد الاجتماعي على مجريات وطبيعة الاجتماع البشري راهنا فضلا عن معرفة عميقة بطبيعة الاجتماع الوطني لكن ما فائدة التأسيس النظري لوقائع جد متسارعة ومتحركة باستمرار بلْه وزئبقية؟ أولا: إن الكلام عن أسبقية النظر العلمي على الممارسة الواقعية مجازية وليست حقيقية فالمعلوم أن استيعاب الوقائع الاجتماعية لا يكون بخطط قبلية أصبحت من كلاسيكيات التنظير الاجتماعي بقدر ما يكون برؤية تفاعلية تتعامل مع اللحظي لتحاول استيعابه ضمن جهاز نظري يكون هو الآخر مستعدا للتحيين وفهم الوقائع بشكل آن . وثانيا: أسبقية التنظير على الممارسة (سياسية وقانونية) يُقصد به المتابعة الحثيثة للوقائع والقدرة على وضعها في أطرها الصحيحة ذلك أن الواقع المجتمعي الراهن في الجزائر يمور في حالة من التقلبات تتتالى بسرعة الضوء وأعني بها تحديدا تقلّبات المواقف داخليا بين: 1-من يشدّد على استحالة التغيير وأنه يكفي ما حدث من رجّة تفيد العمق الاجتماعي والتحول البطيء. 2-من يريد تغييرا جزئيا يطال ظاهر السلطة واستبدال الأشخاص. 3-من يريد انقلابا جذريا في نظام الحكم يتحقق على مدى متطاول بالكر والفر. بينما على المستوى الخارجي صراع المصالح ما يزال هو الآخر حائرا بين أن يبقى الحال كما هو ب: 1-سيطرة تقليدية للأوروبيين على إفريقيا وفي مقدّمتها فرنسا خصوصا الجزء الشمالي منها. 2-تغيير واقع الهيمنة من طرف إلى آخر حيث يبقى الثابت هو التبعية لقوة خارجية. 3-أن تغرق في الصراع الأهلي على الطريقة بعض بلدان الربيع العربي. وكل السناريوهات المقترحة خارجيا تخالف الطموح الشعبي الأهلي ومن يتعاطف معه من الأصوات على المستوى الخارجي وهو استعادة الشعب للسلطة دون حصول تراجع في مكتسبات الدولة الحديثة في الجزائر وتلك هي أصعب المعادلات على الإطلاق لأنها الحالة المثالية التي تتحقق ضمنها المعادلة التالية: 1-التحرر التام باستعادة السيادة على الذات. 2-الاحتفاظ بكيان الدولة وعدم التراجع عن المكاسب المؤسسية. وذلك ما أصبح من النوادر في منطق هيمنة المنظومة العالمية وموازين القوى الدولية سياسيا واقتصاديا حيث تحتفظ الأنظمة التقليدية لنفسها باحتكار الاستفراد بالعالم أعني أن تحقيق التحرر في ظل دولة كاملة الأركان في الجزائر سيعني ظهور دولة مستقلة في إرادتها السياسية وذلك بقدر ما هو حدث تاريخي بقدر ما سيزعج الأطراف الدولية جزئيا أو كليا. لكن سعيي هنا ودون الدخول في التكهن ومحاولة الاستبصار هو محاولة فهم المنطق الداخلي للحراك وإجلائه للعيان لأنه وباتضاح خلفية الحراك ودوافعه سيمكن التأسيس لرؤى جامعة مانعة تكون هي ذاتها البنود العريضة الأولية للعقد اجتماعي ممكن لجزائر اليوم والغد. ومع ذلك يبقى سؤال مركزي متعلّق بالمعادلة المثالية المتقدّمة الذكر وهي الجمع بين (التحرر الذاتي التام) و(حفظ مكتسبات الدولة) أولا هل هي معادلة ظرفية أم مطلقة؟ وثانيا هل يوجد علاقة بين التبعية ومكتسبات الدولة في حدّ ذاتها؟ بعبارة أخرى هل تحررنا التام يعني بالضرورة القضاء على مكتسبات الدولة الحديثة أو التخلي عنها انطلاقا من أن الدولة الحديثة ليست معطى ذاتي للمجتمعات التي لم تعش مخاضات التحول من المجتمع التقليدي إلى المجتمع الحديث وبالتالي فإن المنظومة السياسية للأمم غير الغربية تقوم على مجرّد تبني وليست مولود طبيعي نشأ من رحمها. فهل مكتسبات الدولة الحديثة تناقض بشكل مباشر روح الشعوب الغربية التي عاشت وتعيش مخاضات الحداثة والتحديث وبالتالي تحتاج إلى معاهدة سياسية جديدة تنظم بها علاقاتها من الصفر على أن تُطوّر معاهداتها حتى تصل إلى الشكل الحالي للنظام الدولي؟ أم هل أن الأمر متعلق بالتفكير في نماذج أكثر تحقيقا للأمن وتلاؤما مع روح الشعوب؟ أم هل أن طبيعة المرحلة تتطلب الاكتفاء حاليا بالنموذج الحديث للدولة وأن المرور إلى التفكير في نماذج أخرى للدولة الحديثة والنظام الدولي السائد يقتضي مراحل متدرجة؟ المحصّلة هي أن الأفق الحالي للتغيير في الجزائر ومحيطها الحضاري والإقليمي يقوم على هذا الأساس وأعني به أفق الخروج إلى منظومة جديدة وطنيا ودوليا لكن دون القفز على المعطى الموضوعي المتمثل في الدولة فلا يعقل أن يحصل المسعى بالارتكاس إلى رؤى انقلابية تعمل بمنطق الضربة القاضية والتردّي إلى حالة اللادولة. لذلك علينا هنا التمييز بين مفهوم الدولة الذي هو مكسب لا يمكن للاجتماع الإنساني أن يقوم من دونه وبين خصوصيات الدولة الغربية الحديثة التي تفرض بعض المنطق الذاتي لمجتمعاتها أو نخبها السياسية على البقية بما هو استبداد أقلية قارية أو حضارية على الأغلبية البشرية فالواضح أن الحضارة العالمية المتحققة راهنا للمرة الأولى في التاريخ البشري ما تزال تعمل بمنطق الأخ الأكبر المستغل لقصور الإخوة الصغار. الانتحار في سن المراهقة مقال مشترك بين الدكتور محمد فتحي عبد العال باحث وكاتب والدكتورة بثينة أسعد عطور اخصائية طب الأطفال على الرغم من عدم شيوع هذه الظاهرة في الفئات العمرية الأقل من ثمانية عشر عاما إلا أن الدراسات الحديثة تشير لتزايد معدلات الانتحار في هذه الفئات أخيرا بشكل لافت. وتتنوع الأسباب التي تقف خلف هذه الرغبة لدى الأطفال والمراهقين فبعضها نتيجة للاكتئاب وتناول المخدرات والكحوليات وبعضها يرجع للألم النفسي للفقر والحرمان وبعضها نتيجة لفقد شخص مقرب من العائلة أو من محيط الأصدقاء. القلق من الاختبارات ومواجهة الضغوط العائلية خاصة في الشهادات العامة أو الإخفاق المتكرر في الامتحانات هو سببا آخر لإقدام المراهقين على الانتحار وكذلك الفشل في العلاقات العاطفية والجو الأسرى الملتهب والمتأزم وغير المستقر في المنزل والعزلة الاجتماعية والتنمر في محيط الاهل والأصدقاء كلها عوامل تدق ناقوس الخطر. وتشير الدراسات الحديثة لاحتمالية أعلى للانتحار مع بدء استخدام مضادات الاكتئاب ولهذا ألزمت إدارة الغذاء والدواء الأمريكية شركات الأدوية بوضع عبارة تحذيرية على مضادات الاكتئاب بأنها تزيد من خطر الانتحار لدى الأطفال والمراهقين والشباب. الوسائل التكنولوجية كالإنترنت أصبحت أيضا من أسباب الانتحار الشائعة عن طريق الترهيب أو الابتزاز أو عبر صفحات فيسبوكية تناقش الانتحار باعتباره فكرة شجاعة للخلاص والتطلع إلى عالم أفضل أو الوصول إلى المجهول إضافة لاستحداث ألعاب إلكترونية تفضي بمستخدمها للانتحار ومن أشهرها لعبة الحوت الأزرق والتي تطلب من لاعبيها القيام بمهام يومية مثل مشاهدة أفلام مخيفة أو نحت حوت في الساعد بآلة حادة أو الاستيقاظ في ساعات متأخرة من الليل أو الجلوس في أماكن شاهقة وتكون آخر مهمة بعد تطويع اللاعب وسلب إرادته هي الانتحار وحينما قبض على مخترع هذه اللعبة وهو طالب علم نفس روسي يدعى فيليب بوديكين وسئل لماذا فعل هذا بضحاياه؟ أجاب:إنهم حفنة من النفايات البيولوجية وإنهم كانوا سعداء للموت وقد فعل هذا لتطهير المجتمع منهم!. والأسرة تعد اللاعب الأول في حماية أبنائها من الانتحار عبر كسر عزلتهم والمكاشفة والاستماع لمشكلات المراهقين بإنصات وطمأنتهم والعمل على حل مشكلاتهم وتشجيعهم على الانخراط في الرياضة وتمضية الوقت في القراءة وإبعاد كافة الأدوات والأدوية التي يمكن أن تكون وسيلة للانتحار من المنزل ويمكن الاستعانة بطبيب نفسي للعلاج من السلوك الانتحاري.