أحداث جسام التي تحاصر أمتنا في كل مكان سلامٌ في يوم الأرض على أرض السلام.. قال الشيخ عبد الحميد بن باديس رحمه الله في افتتاحية مجلة الشهاب في عددها الصادر في شهر جمادي الثانية 1357ه الموافق لشهر (أوت 1938م): رحاب القدس الشريف مثلُ رحاب مكة والمدينة وقد قال الله في الآية الأولى من سورة الإسراء: سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ . الإسراء:1 ليعرفنا بفضل تلك الرحاب فكلُّ ما هو واقعٌ بها كأنه واقعٌ برحاب المسجد الحرام ومسجد طَيْبَة . ا.ه وإن الواحد منا في خضم الأحداث الجسام التي تحاصر أمتنا في كل مكان أصبح لا يدري أيّ الأحداث يتابع؟. وأيّ المآسي ينازع؟. تعددت الجراحات التي تُفتّت كبد الحجر قبل بني الإنسان!. ولا يجد المؤمن الصادق بُدًّا من متابعتها وإلقاء السمع إلى أحداثها ليرجع البصر والفؤاد خاسئا كسيرا وهو حسير.. كانت فلسطين موّالاً لأمتنا * ما بالها لم تعد للناس مّوالا؟ تعددت يا بني قومي مصائبنا * فأقفلت بابنا المفتوح إقفالا كنّا نعالج جرحا واحدا فغدت * جراحنا اليوم أشكالا وألوانا ولكن في وقت تصاعد المؤامرات الداخلية والخارجية الرامية إلى تصفية القضية الفلسطينية وزيادة الإعتداءات الإحتلالية وخاصة في القدس وجمود أي حلول سياسية بسبب الواقع المحيط العالمي والإقليمي تأتي ذكرى يوم الأرض لتعبّر عن تمسّك الشعب الفلسطيني والأمة الإسلامية بأرضهم وهويتهم الوطنيّة. ففي الثلاثين من شهر مارس من كل عام تأتي ذكرى يوم الأرض المعلم البارز في التاريخ النضالي للشعب الفلسطيني باعتباره اليوم الذي جدّد فيه الفلسطينيون تمسكهم بأرض آبائهم وأجدادهم.. فلسطين تلك البلدة التي سالت من أجلها العيون ورخصت في سبيلها المنون. تَعود أحداث اليوم لشهر مارس 1976 حين قامت السّلطات الصهيونية بمصادرة آلاف الدّونمات من الأراضي ذات الملكيّة الخاصّة أو المشاع في نطاق حدود مناطق ذات أغلبيّة سكانيّة فلسطينيّة وقد عم إضراب عام ومسيرات من الجليل إلى النقب وبادرت قوات الإحتلال إلى الردّ بدموية على الإحتجاجات وأطلقت النار بشكل عشوائي مما أدى إلى ارتقاء ستة شهداء من الداخل الفلسطيني وسقوط عشرات الجرحى. ومنذ ذلك اليوم (30 مارس 1976) ما فتئ الفلسطينيون في الداخل والشتات والعرب ومعهم المتعاطفون بالدول الأجنبية يحتفلون بذكرى يوم الأرض لتجديد تشبثهم بأرضهم المحتلة وبحق العودة. وتبقى فلسطين اليوم وكل يوم هي القضية الأهم في العالم وتمثل الحد الفاصل في التاريخ الحديث بين السلام والدمار والحب والكراهية وكشف حقيقة الأنظمة الكاذبة لأنها أوضح قضية لأرض مغتصبة ولشعب مسلوب من حقه العيش على أرضه وأرض أجداده شعب وجد نفسه على هذه الأرض ووجد رفات أجداده داخل أرضها لم يأت إليها من أي مكان. وهي أكبر من أولئك العرب الذين باعوها بدون ثمن إلا البقاء في الحكم... هذا.. والتاريخ قاض عادل إلى حد بعيد ولا توجد هزائم غير مستحقة والناس يغادرون مسرح التاريخ مع المصير الذي يستحقونه.. والشواهد التاريخية موعودة بالنصر لفلسطين وتجاوز العسر عن المضطهدين.. والله غالب على أمره.. فالسلام لا يولد في القمم ولا في المؤتمرات الدولية بل في قلوب الناس وأفكارهم فالسلام ليس غياب الحرب إنما هو حضور الحب.. وستبقى فلسطين حية لا تموت وسيرفض الشعب الفلسطيني والعربي الحر الشريف المساومة على فلسطين وإن فلسطين ستبقى لكافة الفلسطينيين من كافة العروق والأديان أنها بلد الأمن والسلام. فسلامٌ في يوم الأرض علي أرض السلام فلسطين التي لم تر يومًا ما السلام من احتلال غاصب مجرم فاشي لا يؤمن بالسلام!. فاللهم سلاما.. سلاما داخليا دون مدد من أحد بل منك يا ألله يُسكَب في القلوب. وسلام الله علينا وعليكم وعلى أهل فلسطين وعلى محبي السلام أجمعين..