ما أكثر الإشاعات التي تُعجَن بماء الكذب وتُخبَز بأفران الصفحات إذا صُمتَ فتحفّظ.. روى البخاري رحمه الله في الأدب المفرد بإسناد ثابت عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قيل للنبي صلى الله عليه وسلم إن فلانة تقوم الليل وتصوم النهار وتفعل وتصَّدق وتؤذي جيرانها بلسانها؟. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا خير فيها هي من أهل النار قالوا: وفلانة تصلي المكتوبة وتصَّدق بأثوار – أي بشيء زهيد -ولا تؤذي أحدا؟. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هي من أهل الجنة . والأحاديث في هذا المعنى كثيرة ومن يتأملها يستجمع قلبُه خوفاً من أن يضيع صيامُه وقيامُه وأن تضيع طاعاتُه بما يكون منه من تجنِّيات وتعديات وقول زور وجهل وسباب وشتائم وغير ذلكم من السيئات التي يجني بها على نفسه ويفوِّت خيراً عظيما وأجراً عميما ولربما ذهبت أجوره كلها في صلواته وصيامه وصدقاته وغير ذلك من طاعاته إلى مَن تجنَّى وتعدَّى عليهم. ومما يروى في اجتهاد سلفنا الصالح في حفظهم لصيامهم وعنايتهم به ما رواه أبو صالح الحنفي عن أخيه طَليق بن قيس قال: قال أبو ذر: إذا صمت فتحفَّظ ما استطعت فكان طليق إذا كان يوم صومه دخل فلم يخرج إلا للصلاة. وعن أبي المتوكّل أن أبا هريرة وأصحابه كانوا إذا صاموا جلسوا في المسجد.. فيا أيها الصائمون: لا تخرجوا بأقلامكم وتجعلوا صفحاتكم مجالا لسوق الإفلاس من الحسنات واحذروا سلبيات الشبكة العنكبوتية فلقد كثرت فيها المهازل التي يتداولها (خفافيش الإنترنت) عن أفراد من المجتمع بغرض التشهير بهم وهزّ صورتهم أمام الآخرين.. واحذروا الأكاذيب.. فما أكثر الإشاعات التي تعجن بماء الكذب وتخبز بأفران الصفحات على الملأ ثم يوزعونها زاعمين أن صنيعهم هذا من باب النصيحة والغيرة العامة على الأخلاق والدين!. ألا إن الكّيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت. ألا فاحرصوا -أعانني الله وإياكم-على حفظ صومكم من منقِصات أجره ومذهِبات ثوابه ومبطلات تحصيل خيراته وبركاته ولا يكن يوم صومكم ويوم فطركم سواء. كما قال جابر رضي الله عنه: إذا صمت فليصم سمعك وبصرك ولسانك عن الكذب والمحارم ودع أذى الجار وليكن عليك وقار وسكينة ولا تجعل يوم صومك ويوم فطرك سواء. وروى الإمام أحمد في كتابه المسند من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: رُبَّ صَائِم حَظُّهُ مِنْ صِيَامِهِ الْجُوعُ وَالْعَطَشُ وَرُبَّ قَائِم حَظُّهُ مِنْ قِيَامِهِ السَّهَرُ . نسأل الله جلّ في علاه أن يعيننا على حفظ صيامنا وقيامنا وسائر طاعاتنا وان لا يكلنا إلا أنفسنا طرفة عين..