لا تكن شخصا جديرا بالرثاء رسالة إليك أيها المعلم.. إن التعليم موجود منذ بداية الخلق ولا يمكن لإنسان أن يعرف طريقه دون أن يتعلّم والمعلّم هو أمل كل وطن حرّ كما قال الشاعر: لولا المعلّم ما قرأت كتاباً يوماً * ولا كتب الحروف يراعى فبفضله جزت الفضاء محلقاً * وبعلمه شق الظلام شعاعي ولأن التعليم مهمَّة سامية ووظيفة عالية ومهنة غالية والمعلم فيما هو قائم به ليس مجرّد وظيفة -أيِّ وظيفة- تُؤدَّى ومقابل أجرة ماليّة تُعطَى فالمعلّم في ديننا هو الوريث الشرعي لميراث الأنبياء عليهم الصلاة والسلام.. فهذه رسالة إليك أيها المعلم لأنك مسؤول عن طلابك كمسؤولية الأنبياء إلى أممهم فلا تكن شخصا جديرا بالرثاء ولا جسرا يعبر عليك الناس إلى الغايات البعيدة وأنت لا تبرح مكانك لا تكن كما قال اخوك محمود غنيم: فمن كان يرثي قلبه لمعذب * فاجدر شخض بالرثاء المعلّم على كتفيه يبلغ المجد غيره * فما هو إلا للتسلّق سلّم إنك لست كذلك إنك شخص يستحق التبجيل والاحترام لأن مهمّتك صنع الأجيال المتعاقبة الممتدّة مع الزمن كما تتناسل البذور الطيبة على مدى الزمن. فاعرف قيمتك واعرف قيمة هؤلاء الذين بين يديك والذين بعثت إليهم وبعثوا إليك إنك مسؤول عنهم مسؤولية الأنبياء إلى أممهم.. ولم لا؟ ومحراب العلم أشبه بمحراب العبادة. ورحم الله أمير الشعراء أحمد شوقي حين قال في بيته المشهور الذي هو مطلع قصيدة من عيون الشعر العربي الحديث: قم للمعلم وفِّهِ التبجيلا * كاد المعلم أن يكون رسولا فأنت -أيها المعلم- رسولٌ بالمعنى المجازي لأنك تحمل رسالة العلم والأخلاق وكل من يحمل هذه الرسالة فهو رسول بهذا المعنى يحمل رسالة العلم وأمانة الأجيال على عاتقه.. إنك مؤتمن على عقيدة وعقول وقلوب وأخلاق أبناء الأمة أعنى بالتربية والتعليم تقوّم السلوك وتعدل المنهج لدى تلاميذك في أي مرحلة تعليمية عيونهم معقودة بشخصك إن أحسنت احسنوا وان أسأت تعثرت مسيرتهم الأخلاقية والتربوية قال شوقي: وإذا المعلّمُ ساءَ لحظَ بصيرة * جاءتْ على يدِهِ البصائرُ حُولا وإذا أتى الإرشادُ من سببِ الهوى * ومن الغرور ِ فسَمِّهِ التضليلا وإذا أصيبَ القومُ في أخلاقِهمْ * فأقمْ عليهم مأتماً وعويلا ألا ما أعظم مسؤوليتك أيها الصديق الكريم.. فليكن لك من الهمّة والعزيمة ما يبقيك على طريق المرسلين حتى النهاية. فاستعن بالله ولا تعجز عسى الله أن يرِينا وإياك في أبنائنا وبناتنا ما تقرّ به الأعين وتنشرح به الصدور وتبتهج به الأنفس فلقد كنت ولا زلت وسوف تبقى حتى يرث الله الأرض ومن عليها شمعة مضيئة ونجماً متلألأ في فضاء العلم ومخارجه ووجهة يعتز بها ويعتمد عليها بعد الله في تعليم أبنائنا وفق منهجية علمية راقية تخدم مصالح الأمة وتحفظ شأنها.. بوركت جهودك وبورك عطاؤك المثمر موسم دراسي موفق وعطاء متدفّق وحلم محقق إن شاء الله..