حتى وإن اختلفت عادات وتقاليد الأسر عبر مختلف الولايات الوطنية من الشمال إلى الجنوب ومن الغرب إلى الشرق، إلا أنها تبقى موحدة في المضمون من خلال سعي الأسر إلى إحياء هذا اليوم المبارك بكل حب وتراحم بين المواطنين، وهو ماجعل هذا اليوم المبارك يحمل نكهة خاصة تميزه عن بقية الأيام في ظل تحضير بعض العائلات لكافة المستلزمات الخاصة به، إضافة إلى تنظيف ربات البيوت لمنازلهن وحرصهن على اقتناء أدوات منزلية جديدة وكذا عباءات لاستقبال ضيوفهن كما جرت عليه العادة ككل مرة. حيث تعرف المحلات إزدحاما كبيرا قبل أيام قليلة من قدوم العيد، ولعل أبرز ما يتميز به هذا اليوم هو ربط أواصر صلة الرحم التي حثنا ديننا الحبيب على الحفاظ عليها، إضافة إلى زيارة الأقارب وكذا مظاهر التضامن مع المحتاجين التي تتجلى بتوزيع جزء من الأضحية وتنظيم الولائم لجميع الأقارب على مأدبة واحدة.. هذه الأجواء تكاد تتشابه بأغلب الولايات، إلا أن تمسك أهالي الولايات بعاداتهم المتوارثة جعلها تختلف من ولاية إلى أخرى حيث تبرز من خلال الأطباق التقليدية التي تتباين باختلاف المناطق، أين تتفنن ربّات البيوت في تقديم الأفضل في هذا اليوم. ومن خلال جولة إلى أحد أحياء العاصمة رغبة منا في الاطلاع على التحضيرات الأولية التي باشرتها الأسر الجزائرية لاستقبال عيد الأضحى المبارك. كانت وجهتنا الأولى إلى حي باب الوادي، لنتعرف على عادات الاحتفال القديمة التي مازال يتمسك بها سكان تلك المنطقة، حيث استقبلتنا الحاجة أمينة ببيتها لتحدثنا عن مميزات هذا اليوم وكيف تجري العادة بمنزلها: (لا نزال نحافظ ونتمسك بعاداتنا القديمة للاحتفال بعيد الأضحى، حيث تباشر النساء عملهن في التحضير له منذ الأسبوع الأول قبل حلول العيد، من خلال تنظيف منازلهن وتزيينها بالورود، إضافة إلى شراء أواني وسكاكين قبل أيام من قدوم العيد، وتحضير حلويات متنوعة من أبرزها: الصامصة ومقروط العسل اللّذان يتصدران قائمة الحلويات في مثل هذه المناسبات. كما يعمل الرجال على شراء كبش العيد بحجم كبير وبقرون كنوع من التباهي أمام سكان المنطقة، لتقوم النساء بعد ذلك بوضع الحنة على رأس الخروف وكذا وضع البقية على أيدي الأطفال للتبرك بها)، كما تضيف المتحدثة ذاتها أن من ضمن التقاليد المتداولة هو طهي الأكلات التقليدية بطواجين مصنوعة من النحاس، كما يقوم الرجال بتلحيم وتشحيم السكاكين ويحضرون جميع المستلزمات الخاصة بذبح الأضحية لتقوم النسوة بعد ذلك بتنظيف (الدوارة وبوزلوف) و(تشويطه)، كما يقوم الرجال بتعليق زجرة الخروف ليجف من دمه في اليوم الموالي.. وعن الأكلات التقليدية التي تحرص نساء العاصمة على تحضيرها في أول أيام العيد، تضيف الحاجة أمينة على أنهن يقمن بتحضير الكبدة المشرملة المكونة من صلصة تتكون من توابل الكمون والفلفل دريس والثوم، ويوضع بها الفلفل حار، كما تقمن بتحضير طبق شطيطحة قلب ومخ الخروف، أما في العشاء فتحرص النسوة على تحضير طبق العصبان المحشي بالطحال والأرز بالصلصة إضافة إلى شطيطحة بوزلوف.. أما بخصوص اليوم الموالي فقد أخبرتنا المتحدثة ذاتها، أن سكان المنطقة بباب الوادي لا يستغنون عن شواء اللّحم على الجمر.. كما أشارت في نهاية حديثها، أن من ضمن العادات التي لاتزال متداولة بالمنطقة هو تذويق النساء ما تفننوا في تحضيره من أطباق لجاراتهن، كما يحرصن على توزيع قطع من اللحم على جيرانهم الذين لم تسمح لهم قدرتهم المادية على الذبح وكلهم فرح واستبشار بهذه الأيام المباركة التي تُعرف بالتراحم والمودّة بين المواطنين.