بيّنت أرقام تم الكشف عنها مؤخرا تصاعد حدة ظاهرة عقوق الوالدين في الجزائر، حيث كشفت المديرة العامة للأسرة والتماسك الأسري بوزارة التضامن الوطني والأسرة وقضايا المرأة السيدة خديجة لعجال أن أكثر من ألفي مسن يعيشون ب(مراكز استقبال) في الجزائر، ما يعني أن ما لا يقل عن ألفي شيخ وعجوز قد تعرضوا للطرد من بيوتهم في بلادنا التي يُفترض أن يمنع الالتزام بأحكام الإسلام أبناءها من (إلقاء) أبنائهم في الشارع أو في مراكز استقبال العجزة التي تفيض بالوافدين عليها. وحسب المسؤولة ذاتها، فإنه (يتم التكفل ب2130 شخص مسن على مستوى 33 مركز استقبال يتواجد على المستوى الوطني)، ولعل بارقة الأمل الوحيدة في هذا الموضوع أنه تم في إطار إعادة إدماج هؤلاء الأشخاص إعادة 90 منهم إلى عائلاتهم سنة 2012، وأوكل 8 آخرين لعائلات طلبت التكفل بهؤلاء المسنين. وبخصوص مخطط العمل الذي سيصادق عليه أعضاء اللجنة الوطنية لحماية وضمان راحة المسنين أوضحت لعجال أن تطبيقه يستدعي إشراك عدة قطاعات لاسيما قطاع الصحة. وتشير الأرقام التي قدمها الديوان الوطني للإحصائيات سنة 2008 أن الجزائر تضم 2.531.000 شخص يفوق سنهم 60 سنة. ويبدو أن فئة كبار السن قد تحوّلت لدى بعض ضعاف النفوس إلى حمل ثقيل، وبدل مشاعر الاحترام والإحسان، تواجه هذه الفئة حالة عقوق خطيرة من طرف أقرب المقربين، الأبناء، رغم أنه من المعيب وجود دار للعجزة في بلد مسلم كالجزائر.. وتحصي الجزائر أكثر من 3 ملايين شخص مسن (ما فوق 60 سنة) أي ما يعادل 1ر8 بالمائة من العدد الإجمالي للسكان المقدر ب9ر37 مليون نسمة حسب ما أفاد به الديوان الوطني للإحصاء في بيان له. وأوضح البيان الصادر بمناسبة اليوم العالمي للأشخاص المسنين أن (عدد الأشخاص المسنين في الجزائر بلغ 3.048.000 شخصا في الفاتح جويلية 2012 وهو ما يمثل 1ر8 بالمائة من العدد الإجمالي للسكان). وأشار الديوان إلى أن عدد الأشخاص المسنين تضاعف إلى الثلث حيث كان يقدر سنة 1977 ب932.000 شخص أي 8ر5 بالمائة من العدد الإحمالي للسكان، مضيفا أن (هذا الارتفاع في العدد يعكس التغييرات الهيكلية العميقة التي تشهدها ديناميكية النمو الديمغرافي بالجزائر وارتفاع معدل الحياة الذي انتقل من 4ر53 إلى 7ر76 سنة بين 1970 و2012). ويعتبر الديوان أنه (من المبكر الحديث عن شيخوخة السكان في الجزائر على غرار الدول المتقدمة غير أن هذه الحصة مدعوة إلى الارتفاع). ومن المنتظر أن تبلغ نسبة الأشخاص المسنين مع آفاق 2030 أكثر من 14 بالمائة من العدد الإجمالي للسكان أي 7 مليون أشخاص حسب نفس المصدر. "..وبالوالدين إحساناً" الوالدان.. وما أدراك ما الوالدان.. الوالدان، اللذان هما سبب وجود الإنسان، ولهما عليه غاية الإحسان.. الوالد بالإنفاق.. والوالدة بالولادة والإشفاق.. ومن المؤسف والمخزي أن تحدث جرائم كثيرة في حق الوالدين والشيوخ والعجزة في بلاد يُفترض أن أبناءها يعلمون حكم بر الوالدين وهو أنه فرض واجب، وقد أجمعت الأمة على وجوب بر الوالدين وأن عقوقهما حرام ومن أكبر الكبائر.. أما قرأ العاقون والعاقات قول الله تعالى: (واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئاً وبالوالدين إحساناً). النساء:36 ألم يلاحظوا أن الله قد قرن توحيده وهو أهم شيء في الوجود بالإحسان للوالدين.. ليس ذلك فقط بل قرن شكره بشكرهما أيضاً.. قال تعالى: (أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ) لقمان:14 ومثلما للعقوق عواقب وخيمة جدا في الدنيا والآخرة، حتى قيل أن العاق يُقدم له سوء العقاب الإلهي في الحياة الدنيا قبل يوم الحساب، فإن لبر الوالدين ثواب عظيم، في الدنيا وفي الجنة، فعن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (دخلت الجنة فسمعت فيها قراءة قلت من هذا؟ فقالوا: حارثة بن النعمان)، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (كذلكم البر.. كذلكم البر)، وكان أبر الناس بأمه. رواه ابن وهب في الجامع وأحمد في المسند.