دخل الجزائريون التاريخ من بابه الواسع مجددا بعدما سجلوا أسماءهم بحروف من ذهب خلال ثورة نوفمبر الخالدة سنة 1954، وأسمع أحفاد الشهداء كلمتهم للعالم أجمع بمسيرات سلمية خالصة مائة بالمائة أصبحت «ماركة جزائرية مسجلة». جعلت العديد من المواقع الإخبارية والقنوات العالمية خاصة منها الفرنسية تقارن بين المظاهرات التي تشهدها الجزائر منذ تاريخ ال22 من فيفري الفارط وتلك التي تعرفها فرنسا أو ما أصطلح على تسميتها باحتجاجات «السترات الصفراء»، خاصة تلك المتعلقة بتاريخ ال16 من مارس الجاري والتي كانت العاصمة باريس مسرحا لها، حيث رافقتها أعمال عنف وتخريب و نهب للمحلات، وحاولت بعض القنوات الفرنسية المقارنة بين ما يجري في الجزائر وما تعرفه فرنسا منذ أكثر من 4 أشهر , حيث سلطت الضوء على الفرق بين مظاهر الاحتجاج في الشارع الفرنسي و الشارع الجزائري في صورة حملت كل التناقضات، وأسقطت تلك الفكرة التي كانت تصنف الجزائريين في صف الجاهلين بمبادئ التظاهر والاحتجاج. وسلطت قناة «تي.أف.أن» العمومية الضوء على ما عرفته العاصمة الفرنسية باريس أمس الأول ,حيث بثت صورا للمظاهرات التي تعرفها الجزائر واصفة إياها ب «السلمية» وقارنتها بأربعة أشهر من حركة السترات الصفراء في فرنسا ضد السياسة الضريبية والاجتماعية للرئيس الفرنسي «إيمانويل ماكرون»، قابلتها أربعة أسابيع من الحراك الشعبي لملايين الجزائريين ضد ترشح الرئيس بوتفليقة لعهدة خامسة ، مع فارق كبير في شكل ومظاهر و مستوى الاحتجاج.فيما أكدت قناة «سي 8» الفرنسية أن شوارع العاصمة الفرنسية التي امتلأت بالفوضى والعنف والاشتباكات مع قوات الأمن من أجل مطالب اجتماعية اختفت تماما في شوارع الجزائر منذ يوم 22 فيفري عبر كامل التراب الوطني واصفة مظاهرات الجزائريين بالسلمية والحضارية الراقية الرافعة لشعارات التغيير الشامل. وكانت العديد من القنوات والمواقع العالمية قد وقفت على حقيقة جسدها الجزائريون على أرض الواقع، حيوا من خلالها النضج السياسي الذي وصل إليه الشعب الجزائري الذي أصبح مثالا للوعي في الداخل و الخارج، ووصفت مواقع إخبارية عالمية عربية، أوروبية وأمريكية على شاكلة «رويترز» أورونيوز» ، الجزيرة « و «سي .بي.سي« وال»بي.بي.سي» الجزائريين بالشعب المتحضر الذي أخذ العبرة واستوعب درس العشرية السوداء بشكل جيد,مسقطا بذلك الأحكام المسبقة التي ظلت تصف الجزائريين بالتخلف والفرنسيين بالتحضر والرقي والحضارة المتشبعين بمبادئ الثورة الفرنسية. بل وأكدت أنه حتى الشعارات التي يرددها الجزائريون خلال مسيراتهم واحتجاجاتهم تؤكد وعيهم السياسي الكبير مثل «خاوة…خاوة»، «جيش…شعب شرطة…خاوة خاوة» وهي الشعارات التي كانت السمة الأبرز خلال المسيرات السلمية التي انطلقت شهر فيفري الفارط في مختلف ولايات الجزائر والتي حطمت كل الأرقام القياسية ودخلت موسوعة «غينيس» العالمية.