يضع الفنان سيف الإسلام شربال في متناول عشاق الفنون التشكيلية تشكيلة إبداعية تتنوع ما بين المنحوتات الفنية واللوحات التشكيلية، وهي خلطته الفنية التي تعتير نافذة جسدية وروحية، تشكل شخوصه وصورة من تلك الذاكرة التي يسكنها الوجع والأمل في لمسة عميقة يشكل بها مسرحه الخاص. تجربته في ميدان الريشة والألوان رغم امتهانه المحاماة، تثبته في المسار الصحيح وحفزت مخيلته على التحليق إلى عوالم أحلامه العميقة التي دفعته إلى الابتكار الذاتي، جعل من الحياة والطبيعة مفردات غنية بالمواضيع والألوان الدافئة التي طالما كانت مصدر إلهامه. شخوص أعماله يشكلون صورة من تلك الذاكرة بحركات من البساطة والعفوية، أضفت على لوحاته لمسة عميقة يشكل بها مسرحه الخاص المتمثل في بياض قماش اللوحة أين يحرك تلك الشخوص حسب تراكمات أحاسيسه ومشاعره واستخدامه لهذا المنحنى يتناسب ومواضيعه التي استمدت أحداثها من الحياة الا نسانية وما يميزها من تحولات سياسية، اجتماعية، ثقافية. ولعل الثورة التحريرية أخذت حصة الأسد في تشكيلته الجديدة، لتسرد كفاح وبطولات رجال ونساء الجزائر، نجمة، إفريقيا، الأرض، الحرية هي بعض من عناوين أعماله التي زينت رواق باية التي جسدها احتفالا بالذكرى ال 50لإستقلال الجزائر سنة 2012، والتي تعبر عن صرخته التشكيلية الصامتة وهي عوالم محاطة بالخصوصية ومن الصعب الولوج إليها او الاحتكاك بها الا من يتسلح بذائقة جمالية عالية. فسيف الاسلام شربال يأخذنا برفق لنشاهد ونتعرف عن قرب ومن دون حرج على عوالم ومساحات لونية قاتمة محورها الرئيسي الانسان. أشكال يستلهمها الفنان من الطبيعة في ابسط حلتها، وذلك من خلال توظيفه للخشب، الحديد، أوراق الأشجار، الأزهار، قصاصات الأوراق، المسامير وغيرها. ويقول متحدثنا عن أعماله الاخيرة : "هي مجموعة جهد متواصل لسنوات وهي تشكل متنوعة تحمل مواضيع وتقنيات، انجزت من خلالها ما يدور بدواخل النفس والذاكرة، لأحتفي بطريقتي بأبطال الجزائر الأبرار، وقد تثير الأواني ووجوه الشخوص الحزينة التي تجسد في صمت قاتل شتى الانفعالات والأحاسيس لدى الواقف امام أعمالي والمتأمل لها. وقد ينزعج الآخرون اكثر من كسر لبعض قواعد فن التصوير الأكاديمي ، للإبحار في مخيلتي لتقديم بصمتي، فأنا فنان عصامي اعمل على التجديد، واعبر عن الصرخة التي ترافق الانسان منذ ولادته بطريقتي الخاصة."قبل ان يكون سيف الاسلام شربال فنانا تشكيليا وشاعرا حالما فهو محامي عمل في القضايا الكبرى، من مواليد 1961 ببجاية ينحدرمن عائلة احترفت القانون بالوراثة، نسق بين عمله وشغفه وولعه بالفنون، الفضاء الذي يمنح له الراحة والإبداع، يقول بانه صديق الطبيعة وان كنّا نحلم وعيوننا مغلقة، نبدع وقلبنا مفتوح، فالإبداع عنده عملية جراحية بقلب مفتوح، لن تتم الا بصدق. فهو ايضا فنانا تشخيصيا، يهتم بتفاصيل الحياة اليومية أينما كانت، ليجسد في لوحاته التي يميزها الحجم الكبير الذي يخصصه سيف الاسلام للابتكار والإفراج على هواجسه ليواصل رسالته الى المتلقي، الذي قد يكون مرة مولوعا بالكلمات الصادقة مثلما كان في ديوانه الموسوم "المرأة" او لوحة تشكيلية تحمل ابجديات الفن التجريدي والسريالي في أغلب الأحيان. وفي هذا الصدد أكد لنا بقوله "أنا فنان صديق الطبيعة، تربطني علاقة جد عميقة بالأرض ، التي اعبر عنها في لوحاتي باللون البني، والبحر الذي أجسده من خلال استعمالي للون الأزرق بكل تدرجاته". وعن بدايته التشكيلية قال "لم ادخل مدرسة الفنون الجميلة الا انني حاولت تأسيس اتحاد فني خاص بي منذ 1980نجحت الحمد لله في عرض أعمالي لأول مرة بقاعة "محمد راسم"، ثم شاركت في المعرض الدولي التشكيلي سنة 1987ثم في 1988، حيث عرضت أكثر من 20 لوحة بالمركز الثقافي بالعاصمة وقاعة ابن خلدون آنذاك" ويستعد سيف الاسلام شربال لتنظيم معرض فني قريبا اين انتهى من رسم لوحتين تجسد أولهما روح النضال بين الأجيال وضرورة التلاحم في الحياة والثانية تجسد الصراع بين الخير والشر، كما ان منظمة اليونسكو قامت بإنجاز روبوتاج حو ل العديد من الفنانين من بينهم الفنان سيف الاسلام شربال.