قصبة تنس العتيقة منبع عرف سيدي معمر وتؤرخ لأقدم مسجد بالجزائر لحظة تخطيك عتبة أبراج المراقبة لقصبة تنس العتيقة تكتشف الحياة المعيشية لسكانها الأولين الذين شيدوا عمارة لازالت لحد الآن قائمة ضمن بيوت متراصة وأزقة جد ضيقة يتوسطها مسجد يعد ثالث أقدم مسجد بالجزائر يسمى مسجد سيدي معيزة . تقع قصبة تنس العتيقة بالمدخل الجنوبي للمدينة وتدلك إشارة توجيهية إلى المكان الذي يقع في ربوة تشرف من الأعلى على التوسع العمراني الذي شهدته هذه الأخيرة في السنوات القليلة الماضية، كما يمكنك مشاهدة السفن و القوارب العابرة على مسافات بعيدة . ونحن نتجول داخل أزقة القصبة المطلية باللون الأبيض ذات بنايات بأحجام وأبواب صغيرة ،تستشعر للحظات ذلك الزمن الجميل وتكتشف الحياة المعيشية للسكان الذين استوطنوا المكان ولازالت بعض العائلات تتوارث مختلف العادات و التقاليد كما يقول عمي معمر 74 سنة الذي اتخذ اسمه من عرف سيدي معمر وهو أحد الأولياء الصالحين الذي ذاع صيته في كل أرجاء ولاية الشلف وامتد إلى مناطق مجاورة ، حيث يصرون على تطبيق شروطه في أعراسهم خاصة في دفع المهر المحدد ب4 دورو مخافة ما يسمى «بالتابعة». و يشعر حسب الحاجة حليمة ابنة قصبة تنس أتباع الطريقة "المعامرية "بالالتزام المعنوي اتجاه عرف سيدي معمر بدون تقصير بغية كما قالت لتسيير أمور الزواج وعدم المبالغة في المهور خصوصا في هذا "الزمان "أين يجد الشاب صعوبات كبيرة في ضمان عش زوجية ،فعرف سيدي معمر لله الحمد تضيف محدثتنا الطريق الأنسب لعقد القران لكن بشروط تتعلق بإتباع عاداته وتقاليده والتقييد بشروطه . وأنت تسيير عبر الأزقة الضيقة التي تسمح للمشاة فقط بعبورها يتراءى لك مسجد كبير يتوسط قصبة تنس يسمى مسجد سيدي معيزة المحاذي أيضا لمسجد "لآلا عزيزة" ،حيث يعد ثالث أقدم مسجد بالجزائر لازال محافظا على هندسته المعمارية الشبيهة حسب الباحثين بالمسجد الكبير بدمشق وقرطبة و القيروان . وبني مسجد سيدي معيزة في القرن الرابع الهجري في عهد المعز لدين الله الفاطمي و شاركت في بنائه قبيلة مغراوة و هي قبيلة عربية الأصل تمركزت بعد دخولها الشمال الإفريقي بأعالى سهل وادي الشلف و بالضبط ببني راشد- دائرة وادي الفضة حاليا - و عليه فإن مسجد تنس العتيقة مر على بنائه عشرة10 قرون تولى حسب الروايات المتواترة بالمنطقة الشيخ سيدي عبد الله التنسي و جاء بعده الشيخ سيدي أحمد أبو معزة المعروف اليوم بسيدي معيزة و أصله من القلعة بمعسكر. لا يزال المسجد محافظا على هندسته وشكله المعماري رغم مرور عشرة قرون كاملة تقام فيه الصلوات الخمس نظرا لحرص أهل المنطقة على ترميمه بصفة دورية ويشبه إلى حد كبير جامع القيروان من حيث أعمدته 39 الأسطوانية التي تعلوها تيجان عتيقة ذات أشكال ومقاييس مختلفة، وبفضل انتظام وتناسق أقواسه وأكتاف عقوده المربعة والمستطيلة يحتضن هذا المسجد كما أشار "قيم المسجد "أقدم محراب ذو إطار أفقي كما هو الحال في مسجد قرطبة ،منارة سيدي معيزة مربعة الشكل شأنها شأن معظم منارات المغرب العربي ويبلغ عرضها 04 أمتار و بارتفاع 19 مترا. بمجرد انسحابك من محيط القصبة المحروسة بأسوار وأبراج عالية مجهزة بمدافع تقليدية صغيرة ،يقف خيالك عن السباحة في عوالم الماضي للتكيف مع واقعك المعاش .