أكد خبراء اقتصاديون أن زيارة الدولة التي قام بها صاحب الجلالة, السلطان هيثم بن طارق, سلطان عمان, إلى الجزائر, يومي الأحد و الإثنين الماضيين, أسست لشراكة اقتصادية استراتيجية واعدة بين البلدين, قائمة على مبدأ "رابح-رابح", ومرتكزة على تنويع الاقتصاد وتوسيع مجالات التعاون. وأكد الخبراء في تصريحات ل/واج أن الإعلان عن مشاريع مشتركة, والتأكيد على تعزيز المبادلات التجارية, وإنشاء صندوق مشترك للاستثمار, يعكس الإرادة السياسية لدى قيادتي البلدين للارتقاء بمستوى التعاون الثنائي. وفي هذا السياق, اعتبر الخبير في الشؤون الجيوسياسة والعلاقات الدولية, أرسلان شيخاوي, أن الزيارة التي قام بها سلطان عمان جاءت في سياق استراتيجية عمانية شاملة تهدف إلى تأمين مرحلة ما بعد النفط, وتنويع مصادر الدخل عبر تعزيز الشراكات الدولية, لا سيما مع بلدان تمتلك قدرات طبيعية وصناعية مثل الجزائر التي تمثل بوابة نحو إفريقيا. من جهتها, تعمل الجزائر على تعزيز الصناعة المحلية واستقطاب التكنولوجيا والاستثمار الأجنبي, كأولويات اقتصادية, وهو ما يتقاطع مع "رؤية عمان 2040" الهادفة إلى تطوير قطاعات مثل البتروكيمياء, السياحة, الطاقات المتجددة, الروبوتات والمناجم, حسب الخبير الذي أشار إلى أن تمسك سلطنة عمان بعقيدتها الدبلوماسية المتزنة يجعل منها شريكا موثوقا. إقرأ أيضا: الجزائر- سلطنة عمان: تعزيز علاقات التعاون والشراكة والارتقاء بها إلى آفاق رحبة من جهته, اعتبر الخبير الاقتصادي, هواري تيغرسي, أن التقارب السياسي بين الجزائر وسلطنة عمان من شأنه إعطاء دفعة قوية للشراكة الاقتصادية بين البلدين, وتعزيز مناخ الثقة الضروري لتوسيع الاستثمارات وتنويع الشركاء الاقتصاديين. كما أكد السيد تيغرسي على أهمية مخرجات هذه الزيارة, خاصة وأنها أفضت إلى إنشاء صندوق استثماري مشترك, وهو "ما يعد بداية فعلية لتجسيد شراكات حقيقية في قطاعات حيوية". وأشار إلى أن الاتفاقيات الموقعة بين الطرفين شملت تقريبا كل القطاعات, وهو ما يعكس إدراك الطرفين لفرص التكامل بين الاقتصادين, كما يعكس تنوع الثروات الجزائرية التي تؤهلها لاستقطاب استثمارات نوعية, لا سيما في ظل الامتيازات التي توفرها البيئة الاستثمارية الجديدة في البلاد. وستساهم هذه المشاريع في تنويع الاقتصاد الجزائري, خصوصا من خلال تطوير الصناعة التحويلية, بدل تصدير المواد الخام, نظرا للدور الذي تلعبه في خلق الثروة ومناصب الشغل, يضيف السيد تيغرسي. وثمن الخبير الاقتصادي, عبد المالك سراي, من جهته, مخرجات زيارة الدولة التي قادت سلطان عمان إلى الجزائر, مؤكدا أن البلدين يمتلكان منظومة اقتصادية ديناميكية, من شأنها الدفع بالشراكة الاقتصادية البينية نحو افاق واسعة. وأضاف أن المشاريع المتنوعة التي تم الاتفاق عليها ستسهم في تنويع القاعدة الاقتصادية الوطنية, لافتا إلى أن البلدين يتقاسمان العديد من أوجه التقارب, سواء على المستوى الثقافي أو السياسي أو الاقتصادي, وهو ما سيساعد على الارتقاء بالعلاقات بينهما. يذكر أن هذه الزيارة, التي جاءت بدعوة من رئيس الجمهورية, السيد عبد المجيد تبون, توجت بالتوقيع على عدة اتفاقيات شملت مجالات المناجم, المحروقات, الصناعات الصيدلانية, الصيد البحري, الفلاحة, العمل, التعليم والعدل. كما تم التوقيع على صحيفة شروط اتفاقية إنشاء صندوق استثماري مشترك بين وزارة المالية وجهاز الاستثمار العماني. وأكد البيان المشترك الذي توج الزيارة, عزم قائدي البلدين على مواصلة العمل لتعزيز علاقات التعاون والشراكة والارتقاء بها إلى افاق رحبة تعكس الإرادة التي تحدوهما. وفي مجال الاستثمار, عبر الجانبان عن "تشجيعهما للمشاريع الاستثمارية المشتركة للقطاعين العام والخاص, والتي ستضاف إلى سجل الشراكة الناجحة في إنتاج المخصبات والأسمدة والأمونياك واليوريا, بالمنطقة الصناعية بأرزيو, بقيمة 4ر2 مليار دولار. كما أشاد, في هذا الصدد, بالاتصالات الجارية لتجسيد مشاريع في مجال صناعة السيارات والطاقة والأدوية وغيرها وطالبا بالتعجيل بتجسيدها وضرورة استكشاف مجالات أخرى للشراكة والتعاون وتبادل المنافع والمصالح بين البلدين الشقيقين". وبخصوص المبادلات التجارية, "أسدى القائدان توجيهاتهما السامية لتكثيف الجهود المشتركة من أجل الرفع من حجمها وتطويرها باستغلال القدرات الاقتصادية والتجارية المتوفرة لدى البلدين", حسب البيان الختامي.