الضربات الأمريكية على المنشآت الإيرانية "منعطف خطير في المنطقة"    مناطق صناعية جزائرية عمانية لدعم الاستثمار والإنتاج الثنائي    دعم الوساطة المالية غير المصرفية بتطوير كفاءات التمويل    نعزّي أنفسنا وعائلة الفقيد وطاقم مولودية الجزائر    لا حل للملف النّووي الإيراني إلا النّهج السياسي والمفاوضات    حادث ملعب 5 جويلية: لجنة تابعة لوزارة الرياضة تتنقل إلى الملعب    "الجزائر عاصمة الثقافة الحسانية" لعام 2025: مخطوطات تاريخية ثمينة وكتب تبرز أصالة وثقافة الشعب الصحراوي    استزراع 3 آلاف من صغار سمك "التيلابيا"    الولايات المتحدة تزيد من حدة التوتر في الشرق الوسط    بداية مشجعة لموسم جني الطماطم الصناعية    الرئيس إبراهيمي يريد جمعية عامة هادئة ودون عتاب    الزمالك يصر على ضم عبد الرحمن دغموم    أولمبيك مرسيليا يقدم عرضا لدورتموند من أجل بن سبعيني    خزان مائي بألفي متر مكعب هذا الصيف    عنابة قطب سياحي واقتصادي بمعايير عصرية    سلطة الضبط تدين تصاعد الخطاب الإعلامي المضلّل ضد الجزائر    علامات ثقافية جزائرية ضمن قوائم الأفضل عربيّاً    فتح باب المشاركة إلى 20 أوت المقبل    قصة عابرة للصحراء تحمل قيم التعايش    الجزائر - روسيا.. بحث سبل التعاون في الشأن الديني    مناورات ميدانية لمكافحة الحرائق بسكيكدة وجيجل    البرلمان العربي يحذر من تداعيات التصعيد الجاري على أمن واستقرار الشرق الأوسط    السيد عطاف يجري بإسطنبول لقاء ثنائيا مع نظيره الباكستاني    افتتاح موسم الاصطياف 2025: والي ولاية الجزائر يدشن عدة مرافق    القصف الأمريكي لمنشآت نووية إيرانية : الوكالة الدولية للطاقة الذرية تعقد اجتماعا طارئا غدا الاثنين    حادث ملعب 5 جويلية: وفد وزاري يقف على الوضعية الصحية للمصابين    عروض الفنتازيا.. ملحمة الفروسية التي تحيي التراث وتمجد مشاهد بطولية من تاريخ الجزائر    العاب القوى: انطلاق البطولة الوطنية للمسابقات المركبة بالمضمار الخاص (ساتو) بالمركب الاولمبي    معرض الجزائر الدولي ال56 ينطلق غدا الاثنين, وسلطنة عمان ضيف شرف الطبعة    عطاف يجري بإسطنبول محادثات ثنائية مع نظيره الأردني    اتصالات: انطلاق عملية فتح الاظرفة الخاصة بالمزايدة لمنح رخص استغلال الجيل الخامس    وزير الثقافة والفنون يشرف من الجزائر العاصمة على اطلاق "ليلة المتاحف"    كأس الشهيد أحمد زبانة: تتويج ثنائي جيل مستقبل زهانة باللقب بمعسكر    افتتاح أشغال الملتقى الدولي حول التعارف الإنساني وأثره في إرساء العلاقات وتحقيق التعايش    حادث ملعب 5 جويلية: وفد وزاري يقف على الوضعية الصحية للمصابين    الجوية الجزائرية للشحن مُستعدة للتكيّف    توقيف مشعوذ بالجلفة    فرق الدي جي حاضرة في الأعراس الجزائرية    شايب يستعرض مختلف التدابير والإجراءات التحفيزية    بلايلي يكتب التاريخ    اتحاد العاصمة يغرق    استعراض رؤية الجزائر وتجربتها الرائدة    عطّاف يحذّر من حرب مفتوحة    بداري يشرف على اجتماع تنسيقي    هذا موعد انطلاق إنجاز الحوض الثالث بالميناء    احذروا الغفلة عن محاسبة النفس والتسويف في التوبة    رزيق يدعو إلى اكتساح السوق الإفريقية    وفد وزاري يزور المصابين في حادث ملعب 5 جويلية    الرابطة الأولى موبيليس: مولودية الجزائر تتوج باللقب و نجم مقرة يرافق اتحاد بسكرة الى الرابطة الثانية    شكاوى المرضى في صلب عمل لجنة أخلاقيات الصحة    افتتاح تظاهرة "الجزائر عاصمة الثقافة الحسانية" بالعاصمة    التعبئة العامّة.. خطوة لا بد منها    تحضيرات مسبقة لموسم حج 2026    انطلاق الحملة الوطنية لتدعيم تلقيح الأطفال    حملة وطنية لتدعيم عملية تلقيح الأطفال الأقل من 6 سنوات ابتداء من الأحد المقبل    فتاوى : الهبة لبعض الأولاد دون البعض    فعل الخيرات .. زكريا عليه السلام نموذجا    هذه أسباب زيادة الخير والبركة في البيت    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



في الخطاب والكلمات المتهافتة
نشر في الجزائر نيوز يوم 29 - 03 - 2011

أمام الوضع يصبح لسان الحال كما عبر منذ 34 سنة الشاعر الراحل نزار قباني قائلا: (وكان جهازي العصبي معطلا، بحيث لم يكن قادرا على التقاط الموجات السرية التي تبث عليها إذاعات الحطيئة·· والفرزدق·· وبقية أفراد فرقة ''الردح'' العربية··) قال نزار هذا الكلام في وقت لم تكن فيه الوسائل الإعلامية الحالية، لم تكن الفضائيات التي تجاوزت عربيا السبعمائة ولم تكن الشبكة العنكبوتية ولا الهواتف النقالة بأجيالها المتوالدة بتقنيات مذهلة·· فماذا كان نزار سيقول لو تابع معنا ما يتدفق راهنا؟
الكلمات أصبحت لا تتقاطع والألوان تداخلت ففقدت تسمياتها ومسمياتها والروائح تشابكت لتضيع الرائحة وينفجر الأنف··
ضياع فظيع يغشى مداهما، مداهمة الهد لعمارات الباطن، هدا يهندس الخراب والخراب ممتد رماده والرماد يحضن الجمر والجمر يؤجج الحرائق التي تدفع للجري ظمئا نحونبع يتباعد حتى يستحيل·
تساقطت الشعارات التي لم تساو سعر الحبر الذي كتبت به، تهافتت المقولات والأطروحات، تبددت التيارات والحركات·· ضاعت القضايا التي كانت تجعل للحياة طعما وللممارسة نكهة وللكلام وزنا وللمعاناة معنى·
فظيع أن يقضي المرء حياته بلا معنى وأن تنقضي صفحاته في هذه الحياة بلا طعم·
يفيض الشارع غضبا، يكتب الغضب بيانات التغيير انتشالا لكرامة دفنت واستحضارا لحياة تبددت·· يفيض الشارع تتزعزع السرايا فتصرخ أبواقها ويصعب عليها تسمية الغضب، لأن التسمية اعتراف بالسقوط·· وللالتفاف تتوالى تخريجات تسد المداخل، فالحاكم الطاغية وزبانياته يكررون الكلمات ذاتها: القاعدة، المخابرات الأجنبية، إيران،·· وأضاف القذافي المخدرات، ويضيفون الجزيرة·· كلمات فزاعات لم تعد تقنع أحدا·
سد المداخل فجّر الاختناقات فكتبت أجسادا تحترق، حرق البوعزيزي جسده فتمدد الحريق ليشب في بلدة سيدي بوزيد ثم يمتد ليعمّ تونس حتى يهرب الطاغية، ويمتد الحريق ليصل مصر فيخلع الطاغية ويتواصل المد ليعمّ العرب من المحيط إلى الخليج·
الكلمات لا تتقاطع، تنقطع ولا تقطع بانجاز قطيعة حقيقية مع التردي، لا تؤشر لتبلور آفاقا لأنها كلمات درداء، كالمفاتيح التي ضاعت أسنانها فصارت تخشخش ولا تفتح·
الكلمات الغائبة هي كلمات تكون كما ذكر الفيلسوف ديفيد هيوم عن الفيلسوف الحقيقي الذي يرصد التناقضات ويلّم بها، ليبلور طرحا غير متناقض· الغياب يتضاعف بالثرثرة والضجيج، فالبراميل الفارغة هي التي تحدث الضجيج، الغياب يتضاعف بالأضواء التي يحجب ضوءها النور فحدة الوضوح تفرز الالتباس·
الكلمات تتوالى حاملة بتناقضاتها ما يسكنها، كلمات أسيرة النسق المغلق، أسيرة الموتى وأسيرة الأطياف والأصداء· كلمات مستنسخة، كلمات تتوسل توفيقا تلفيقيا، كلمات نشاز تختل بافتقادها الايقاع·
كلمات هي أسيرة نسق، نسق الغلق، نسق يتشكل بتراكم يتوالى بتركيب بين حثالتين، حثالة تراث وحثالة حداثة بتعبير برهان غليون ، تركيبا شكل الحداثة المعطوبة التي توقف عندها المرحوم عمار بلحسن، وأفرز الأصولية الارتدادية بسؤر الحمية التي تتاوزى مع ما وصفه القرآن الكريم بالحمية الجاهلية·
الكلمات تنتمي إلى جملة ثقافية تحمل كما يقول عبد الله الغذام: (أبعادها الخاصة في تعدد الدلالات وفي قابليتها للتأويل وفي خضوع التأويل لضواغط نسقية وأيديولوجية حسب حال المؤول وقدراته العلمية وتوجهاته الفكرية وهواه النفسي)· والجملة الثقافية متصلة بالخطاب والخطاب يعكس البنية والشبكة العلائقية· وتفكيك الخطاب هو تفكيك للبنية ولشبكة العلاقات، واستكناه لمنحنيات التحولات· وبالعودة إلى الاشتغالات التي قام بها ميشال فوكونجد ما يعضد التعاطي المتيح لبنينة الوعي بالمنظومات التي ينتظم بها المجتمع·
ولقد توقف عبد السلام بن عبد العالي عند ما يختص بالخطاب فأشار إلى خصائص خطاب السؤال الذي هو خطاب فكر وخصائص خطاب الجواب الذي هو خطاب رأي، خطاب السؤال هوا خطاب المستقبل''لأنه كما يذكر''يفصح عن فراغ ونقص وعوز''وهوا مولد للأفكار''،''يعطي للسلب مكانة وللشك قيمة وللنقد أهمية''،''قليل الاقتباسات، نادر المراجع وحتى إن هو أحالك إلى مرجع فليحاول الابتعاد عنه، والاختلاف معه''،''خطاب الغرابة واليتم''،''خطاب الحركة والترحال''· أما خطاب الجواب فهو خطاب''الامتلاء والاكتمال''، و''زمانه زمان الانغلاق والتعلق بالماضي، لذا فهوخطاب التقليد''،''مردد للأراء''،''خطاب العقيدة والإيمان والتقبل، القناعة والإقناع· خطاب النقل''،''خطاب اقتباسات لكنها ليست اقتباسات من يريد الفحص ويبتغي النقد والتمحيص، بل اقتباسات من غير مراجع، اقتباسات المجهول· يقال كذا وكذا··''خطاب شعارات وعبارات مكرورة''،''هو دوما خطاب مؤسسة'' ''يؤسس تيارات عقائدية وعائلات فكرية''،''خطاب ألفة واستقرار، خطاب مواقف تقف في مواقف بعينها''·
الخطاب الآن بالصور والكلمات تتدفق بصور مصاحبة والصور تتركب كالكلمات بصياغات تراوغ وتتراقص بكوكتيل من الإيقاعات، تتعدد زوايا التصوير وتتداخل المشاهد، وتجتاح منجزات تكنولوجيات الاتصال والإعلام المجال، اجتياحا منفصلا عن فكر متوازي وتظل الهيمنة للأشياء، مؤشرة لنفسية المراهقة التي تجمد عندها نمونا كما حلل المرحوم مالك بن نبي··


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.