السيد عطاف يجري بإسطنبول لقاء ثنائيا مع نظيره الباكستاني    البرلمان العربي يحذر من تداعيات التصعيد الجاري على أمن واستقرار الشرق الأوسط    افتتاح موسم الاصطياف 2025: والي ولاية الجزائر يدشن عدة مرافق    اتصالات: انطلاق عملية فتح الاظرفة الخاصة بالمزايدة لمنح رخص استغلال الجيل الخامس    عطاف يجري بإسطنبول لقاء ثنائيا مع نظيره الأذربيجاني    القصف الأمريكي لمنشآت نووية إيرانية : الوكالة الدولية للطاقة الذرية تعقد اجتماعا طارئا غدا الاثنين    الهجوم الأمريكي على إيران: "لم يتم تسجيل أي علامات تلوث إشعاعي"    العاب القوى: انطلاق البطولة الوطنية للمسابقات المركبة بالمضمار الخاص (ساتو) بالمركب الاولمبي    معرض الجزائر الدولي ال56 ينطلق غدا الاثنين, وسلطنة عمان ضيف شرف الطبعة    البليدة.. خط نقل جديد يربط المدينة الجديدة لبوينان بالحراش    عنابة.. إعادة تشغيل خزانين للمياه بعد إعادة تأهيلهما    "مخطوطات تاريخية ثمينة وكتب تبرز أصالة وثقافة الشعب الصحراوي    وزير الثقافة والفنون يشرف من الجزائر العاصمة على اطلاق "ليلة المتاحف"    عطاف يجري بإسطنبول محادثات ثنائية مع نظيره الأردني    القصف الأمريكي للمنشآت النووية الإيرانية: الجزائر تعرب عن بالغ قلقها وشديد أسفها    افتتاح أشغال الملتقى الدولي حول التعارف الإنساني وأثره في إرساء العلاقات وتحقيق التعايش    حادث ملعب 5 جويلية: وفد وزاري يقف على الوضعية الصحية للمصابين    الجوية الجزائرية للشحن مُستعدة للتكيّف    بلايلي يكتب التاريخ    اتحاد العاصمة يغرق    بداري يشرف على اجتماع تنسيقي    شايب يستعرض مختلف التدابير والإجراءات التحفيزية    هذا موعد انطلاق إنجاز الحوض الثالث بالميناء    توقيف مشعوذ بالجلفة    فرق الدي جي حاضرة في الأعراس الجزائرية    رزيق يدعو إلى اكتساح السوق الإفريقية    استعراض رؤية الجزائر وتجربتها الرائدة    عطّاف يحذّر من حرب مفتوحة    قسنطينة: إقبال لافت للجمهور على التظاهرة الثقافية "ليلة المتاحف"    احذروا الغفلة عن محاسبة النفس والتسويف في التوبة    التلفزيون الجزائري يعرض فيلم الاغتيال    وفد وزاري يزور المصابين في حادث ملعب 5 جويلية    كيليا نمور تهدي الجزائر ذهبية ثانية    التعبئة الاجتماعية درع الجزائر في وجه المؤامرات    سحب العقار الفلاحي من المستثمرين المخلّين بالتزاماتهم    الرابطة الأولى موبيليس: مولودية الجزائر تتوج باللقب و نجم مقرة يرافق اتحاد بسكرة الى الرابطة الثانية    إجراءات عملية لإعادة بعث مشروع مصنع الإسمنت    توطيد التعاون الجزائري - المصري في المجال الديني    الكيان الصهيوني يواصل حصار غزّة وعزلها عن العالم    الجزائر تنضم إلى الاتحاد العربي للإعلام الإلكتروني    شكاوى المرضى في صلب عمل لجنة أخلاقيات الصحة    انتقاء تشكيلة البطولة العربية في موعد بوسعادة    طقوس فريدة تميّز المجتمع العنابي    ''التويزة".. فعل تضامني متجذر بين سكان الأوراس    مذابح ماي 1945 لم تكشف بعد عن كل أسرارها    أمراض الصيف خطيرة والتحلي بالوعي الصحي كفيل بتجنبها    مضوي يودّع الفريق ويشكر المجموعة على ما قدمته    الجماهير تختار محرز أفضل لاعب في دوري أبطال آسيا    افتتاح تظاهرة "الجزائر عاصمة الثقافة الحسانية" بالعاصمة    مجلس وزراء خارجية منظمة التعاون الإسلامي: عطاف يشارك في جلسة الافتتاح    التعبئة العامّة.. خطوة لا بد منها    تحضيرات مسبقة لموسم حج 2026    انطلاق الحملة الوطنية لتدعيم تلقيح الأطفال    انطلاق مهرجان "روسيكادا" السينمائي الأول بسكيكدة    حملة وطنية لتدعيم عملية تلقيح الأطفال الأقل من 6 سنوات ابتداء من الأحد المقبل    فتاوى : الهبة لبعض الأولاد دون البعض    فعل الخيرات .. زكريا عليه السلام نموذجا    هذه أسباب زيادة الخير والبركة في البيت    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ما يحتاجه العراق للابتعاد عن الهاوية
نشر في الجزائر نيوز يوم 08 - 05 - 2013

أوضاع العراق اليوم تشبه الأحداث التي قادت إلى ما يشبه الحرب الأهلية عام 2006.. هكذا يقول رايان كروكر السفير الأميركي الأسبق لدى العراق في مقال نشرته صحيفة “واشنطن بوست" قبل أيام. وبغض النظر عن مدى مسؤولية أميركا عن تلك الأحداث وعما آلت إليه الأوضاع في العراق، فإن كثيرين يتفقون مع ما قاله الرجل، ويرون أن العراق يقف بالفعل على حافة هاوية إذا انزلق إليها فإنه سيواجه أوضاعا ربما تكون أسوأ مما فات، لا سيما في ظل النفخ المستمر في الطائفية، والتعقيدات الإقليمية، وتشابكات الأزمة السورية، ومحاولة عناصر “القاعدة" إيجاد موطئ قدم يمتد ما بين العراق وسوريا ويتغذى من تردي الأوضاع فيهما.
انتخابات مجالس المحافظات الأخيرة وما صاحبها من مواجهات وتفجيرات، كشفت وربما عمقت الأزمة الراهنة في العراق. فالمشاركة لم تتجاوز 50 في المائة، وتدنت إلى نحو 33 في المائة في بغداد، مما يعكس عزوفا من الناخبين في ظل الأوضاع السياسية المتوترة، والانقسامات داخل الحكومة وحولها، والانتقادات الموجهة لرئيس الوزراء نوري المالكي من خصومه ومن حلفائه السابقين بأنه ينفرد بالقرارات ويعطي انطباعا بأنه يريد أن يؤسس لديكتاتورية جديدة، وأن سياساته تعمق الانقسامات الطائفية. كذلك فإن قرار تأجيل الانتخابات في المحافظتين السنيتين الأكبر، الأنبار ونينوى، كان بمثابة صب المزيد من الزيت على نار الطائفية، وجعل البعض يتهم رئيس الوزراء بأنه عمد إلى التشدد والتسخين بتجاهله لمطالب المتظاهرين والمعتصمين طويلا، وبلجوئه إلى استخدام القوة المفرطة مع المحتجين في الفلوجة ثم في الحويجة مما أدى إلى مقتل العشرات من المتظاهرين الذين كان من بينهم صبية كما ذكرت تقارير منظمات دولية، كما قتل عدد من العسكريين.
المالكي قال إنه صبر على المحتجين والمعتصمين وتحملهم طويلا، وإنهم لو كانوا في بلد عربي آخر “لقصفوا بالطائرات"، وهو كلام غريب فضلا عن كونه غير دقيق بالنظر إلى أن الرجل لم يقصر في استخدام العنف ضد المتظاهرين، وواجه الاحتجاجات ضده بالقمع منذ مظاهرات بغداد قبل عامين وحتى اعتصام الحويجة. وإذا كان بكلامه هذا يغمز من قناة سوريا، فإنه أحد الداعمين للنظام الذي يقصف شعبه بالطائرات، أما إذا كان يريد أن يخفف من وقع استخدامه للجيش في مواجهة المحتجين فلن يشفع له أن متظاهريه يموتون بالرصاص بينما يموت جيرانهم بقذائف الطائرات أو المدافع.
المالكي سعى أيضا إلى ربط الاحتجاجات الداخلية بالتأثيرات الخارجية والقول إن ما يحدث مرتبط “ببعض السياسات الطائفية في المنطقة"، وهو بذلك لا يرى أن سياساته مسؤولة عن تردي الأوضاع في العراق، ولا عن زيادة الاستقطاب على أسس طائفية. لكن الواقع أنه رغم تحذيراته المتكررة من الطائفية ومن دعوات التقسيم ومحاولات تمزيق العراق، فإن سياساته تسهم في هذا الأمر. فحكومته قامت على المحاصصة والتحالفات الطائفية، وسياساته أسهمت في تعميق الشقة مع غالبية سنة العراق، بل وفي خلافات مع بعض حلفائه من الشيعة وخصوصا مع من يرون أهمية بناء شراكة مسؤولة تجنب العراق ويلات الحروب الطائفية والمزيد من الدماء. كذلك كان لافتا أن رؤية المالكي للمظاهرات والاعتصامات الأخيرة تناغمت مع الرؤية الإيرانية التي صنفت هذه الأحداث على أنها ضمن تأثيرات “التجاذبات الإقليمية". في هذا الإطار نقلت عدة تقارير إخبارية أن وزير الأمن الإيراني حيدر مصلحي عندما زار بغداد الشهر الماضي حرص خلال لقاءاته مع قيادات الأحزاب الشيعية على التحذير من مخطط “إشغال جبهة المقاومة بالخلافات والأزمات الداخلية"، داعيا هذه القيادات إلى أهمية رص الصفوف والتنبه للمخططات التي تستهدف العراق أو سوريا. المالكي كان أكثر وضوحا عندما حذر مرة في مقابلة مع وكالة “أسوشييتدبرس" للأنباء من أنه لو انتصرت المعارضة السورية “فستكون هناك حرب أهلية في لبنان، وانقسام في الأردن، وحرب طائفية في العراق". تحليل هذا الكلام وتفكيك شفراته يعني أن المالكي يرى أن سقوط نظام الأسد وصعود نظام سني في سوريا سيقود إلى تعزيز سنة العراق وبالتالي إلى حرب طائفية، حسب تعبيره. مثل هذا الكلام لا يحل أزمة العراق بل يعقدها، ويضعها بالكامل في خانة التجاذبات والتحالفات الطائفية والإقليمية.
أزمة العراق وإن تأثرت اليوم بتشابكات أحداث سوريا، إلا أنها بالتأكيد ليست ناجمة عن هذه الأحداث، بل سبقتها بسنوات. والمالكي الذي تجاهل مطالب وشكاوى سنة العراق من التهميش والإقصاء أسهم في تغذية التوترات الطائفية في بلاده، مثلما أنه فشل في بناء “دولة القانون" التي وعد بها واتخذها شعارا واسما لتكتله السياسي، ولم ينجح بالتالي في تثبيت الأمن والحرية والاستقرار، ولا في تحقيق الرخاء للعراقيين. فقد انشغل بالمناورات السياسية وسعى للهيمنة ووضع كل الأجهزة الأمنية والعسكرية تحت إشرافه، بدلا من أن يكرس جهوده لبناء السلم الأهلي وتوسيع المشاركة السياسية ومواجهة أي محاولات للتفريق بين العراقيين على أسس طائفية. والأدهى من ذلك أنه ينبري اليوم للدفاع عن النظام السوري ذاته الذي كان يتهمه في السابق بتصدير الإرهاب إلى العراق.
العراق الذي دفع تكلفة هائلة على كل الأصعدة على مدى السنوات العشر الماضية، لا يحتاج إلى النفخ فيما يؤجج التوترات والانقسامات الطائفية، وهو في غنى عن الانجرار إلى تجاذبات خارجية تزيد من مشكلاته الداخلية. فالطريقة التي تعاملت بها الحكومة مع الأحداث الأخيرة ومع شكاوى السنة، جعلت الدعوات ترتفع لإعلان إقليم سني وهو خيار لا يحل أزمة بل يصب في توجهات التقسيم، علما بأن السنة رفضوا هذا التوجه في السابق عندما انطلقت دعوات لإعلان إقليم شيعي في الجنوب، لكن بعضهم يتبنى هذه الدعوة اليوم من منطلق الإحباط والإحساس بالتهميش.
العراق اليوم في أمس الحاجة إلى قيادة سياسية تسمو فوق الحسابات الشخصية والمكاسب الآنية، من أجل إعادة بناء الوطن وتعزيز وحدته وتماسكه، بالانفتاح على كل مكونات المجتمع ومواجهة كل ما يسهم في تأجيج الطائفية. فالبديل هو انزلاق البلد نحو الحرب الأهلية والتفتت.
نقلا عن صحيفة “الشرق الأوسط" الدولية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.