لاري كينغ.. ظاهرة إعلامية جديرة بالدراسة، ليس لأنه ظل يعمل حتى هذه السن المتقدمة أو لأنه لم يتمكن من الابتعاد عن الأضواء والكاميرات، وإنما لأنه استطاع أن يصنع اسما ويصبح نجما ببرنامج بعيد عن ميدان التحليل السياسي أو عن مراسلي الأخبار الميدانية ، إنها ظاهرة نادرة الحدوث وماركة مسجلة في عالم الاستعراض باسم لورانس هارفي زيغر الشهير ب«لاري كينغ". ولد لورانس ليبل هارفي زيغر في حي بروكلين بمدينة نيويورك، توفي والده بأزمة قلبية مفاجئة عندما كان لاري في التاسعة من عمره واضطرت والدته للعيش على المعونات لتربيته وشقيقه الأصغر. في العشرينيات من عمره، كان لاري يعمل بالإيصال وفقد الأمل في أن يحقق حلمه بدخول مجال الإعلام، ثم التقى بمذيع تليفزيوني كان يوصل له أحد الطرود، ونصحه بالذهاب إلى ميامي بولاية فلوريدا، حيث كانت سوقا ناميا في مجال الإعلام في الخمسينيات وتوجد فيها فرص للأشخاص من قليلي الخبرة بعكس نيويورك. بالفعل سافر إلى ميامي وبعد طول بحث، لم يجد سوى وظيفة عامل نظافة في إحدى الشبكات الإذاعية والتليفزيونية عرفت حينها باسم "WIOD"، ثم جاءته فرصة ذهبية لأن يحقق حلمه بالجلوس أمام ميكروفون الإذاعة أخيرا بعد استقالة أحد مذيعيها فجأة، عُين لاري مكانه، وفي أول سبتمبر1957 قام بأول بث له في التاسعة صباحا، حيث عمل منسق موسيقي (دي جي) للفترة الصباحية، بالإضافة لعمله لاحقا في نشرات الأخبار وتقديم البرامج. وقتها نصحه مدير المحطة بتغيير اسمه من لاري زيغر إلى لاري كينغ، لأن زيغر كان له مدلول عرقي وصعب الحفظ أو التذكر. بعد ثلاث سنوات من التغطية الإخبارية والعمل الإذاعي المتنوع، قدم لاري أول برنامج حواري مرئي في التليفزيون التابع للشبكة ذاتها، يتناول مواضيع ساخنة في تلك الفترة، وبدأ يصنع اسمه ومجده الشخصي في التليفزيون المحلي. يظل المرء يعمل حتى آخر نفس في حياته.. مقولة يؤكدها الإعلامي الأميركي الشهير ومقدم البرامج التليفزيونية المعروف لاري كينغ.. فبرغم اقترابه من سن الثمانين وتقاعده في 2010، بتركه برنامجه اليومي "مع لاري كينغ على الهواء مباشرة" بعد 25 عاما من العمل المتواصل، لم يستطع أسطورة التليفزيون وسيد الميكروفون وأشهر محاور، أن يتقاعد حقا، ويتوقف عن العمل ويبتعد عن الكاميرات، فقام أولا بإنشاء قناة خاصة على الانترنت تبث برنامجه بشكل يومي تحت عنوان "لاري كينغ الآن"، ليتجدد نجاحه ويحصل على عقد بتقديم برنامجه على قناة "روسيا اليوم"، الناطقة بالانجليزية ويشاهدها 630 مليون شخص حول العالم.