قررت السلطات المصرية غلق مكتب القناة الفضائية »الجزيرة« بالقاهرة، على خلفية تغطيتها لأحداث التي اندلعت بمصر الثلاثاء الماضي للمطالبة برحيل نظام حسني مبارك، الغريب في أمر هذا القرار، أن الإعلان عنه صدر عن أنس الفقي، وزير الإعلام في الحكومة المقالة، التي كان يرأسها السيد نظيف، والتي تقدمت باستقالتها بطلب من الرئيس حسني مبارك بهدف إمتصاص غضب الشارع المصري. وجه الغرابة، أن هذا القرار الذي يمسّ بحق جوهري للمواطن المصري بوجه خاص، والعربي بوجه عام وحتى الدولي، صدر عن وزير في حكومة تصريف أعمال ليس إلا، بعد تكليف اللواء أحمد شفيق بتشكيل حكومة جديدة، وهو ما يجعل منع »الجزيرة« من ممارسة نشاطها والتشويش عليها وتعطيل بثها على »النايل سات«، في هذه الحالة بالذات، مجانبا للصواب وفاقدا للشرعية في ذات الوقت، ويمثل مصادرة حق الملايين من المشاهدين في الوطن العربي والعالم في الإعلام والإطلاع على ما يجري. كما أن مثل هذا القرار يفنّد ما يتشدّق به النظام المصري وأبواقه خصوصا، في الحزب الوطني الحاكم، الذي يزعم وجود مساحات فضاء للتعبير والتظاهر، يتمتع بها الشعب المصري. ولا نعتقد أن غلق مكتب »الجزيرة« بالقاهرة سيحجب مهما فعلت السلطات المصرية عن المواطن العربي أينما كان وعن العالم، حقيقة ما يجري حاليا بمصر والأوضاع السائدة فيها، أو يمنع الشعب المصري الشقيق من الخروج إلى الشارع من أجل التظاهر ومواصلة حركته الاحتجاجية لسبب بسيط وهو: أن مسار مسلسل الغضب الذي انطلق بقوّة في الشارع المصري في بدايته، وبالتالي لا يمكن توقيفه قبل أن يصل إلى مبتغاه بما يستجيب لتطلعات الشعب، بدليل أن الاحتجاجات عادت أمس وسط القاهرة بمشاركة مشايخ من الأزهر وقضاة. كما نعتقد أن إقالة الحكومة لتعويضها بأخرى وتعيين لأول مرة منذ ثلاثين عاما نائبا لرئيس الجمهورية بما يعني نسف فكرة التوريث من الأساس هي بمثابة مسكنات يحاول بها النظام المصري تهدئة الشارع وكبح عجلة التغيير الذي طال انتظاره، وهو المطلب الأساسي للشارع المصري. ويبدو أن الأمور في هذا البلد، تتجه إلى ما لا يرضي النظام بدليل صدور بيان عن المعارضة يتضمن تعيين محمد البرادعي رئيسا لحكومة إنتقالية.