بين نهاية المقاومة الشعبية والثورة التحريرية، في القرن العشرين، انخرط شباب مدينة قسنطينة كغيرهم من الجزائريين في العديد من التشكيلات الحزبية والثقافية، ما جعل التنافس الفكري يزداد لدى الجيل الصاعد بغض النظر عن اختلاف توجهاتهم سواء كان من التيار الاندماجي أو الإصلاحي أو الشيوعي.. وتزامنا مع هذه الفترة، برزت في مدينة قسنطينة جمعيات ثقافية كان لها الفضل في تكوين وجوه فنية كثيرة في ميدان التمثيل والموسيقى. ولعل من أبرز تلك الجمعيات، جمعية محبي الفن، الشباب الفني، الهلال التمثيلي، النهضة، المزهر القسنطيني، فرقة البدر، فرقة طلوع الفجر، فرقة النجمة القطبية وفرقة نصر الدين ديني. ومن بين أهم الشخصيات الفنية التي سجلت حضورها القوي مع تلك الجمعيات على ركح مدينة قسنطينة، نجد بن مالك عمار، طواش محمد الصالح، شعيب الشريف، وشن محمد المدعو (قاسي القسنطيني)، بن الشيخ الفقون حسان، هذا الاخير الذي ساهم بدوره في تطوير المسرح العربي بمدينة قسنطينة من خلال آدائه المتميز، طريقة اقتباسه للأعمال الفنية، الكتابة والاخراج المسرحيين بالإضافة لتكوينه لجيل مرحلة ما بعد الاستقلال. هوتلميذ شارك في نشاطات تمثيلية كان ينظمها الأستاذ أحمد بوشمال مدير مدرسة السلام بالمسرح البلدي لمدينة قسنطينة، والتي كان تحضرها شخصيات من جمعية العلماء المسلمين الجزائريين على غرار العلامة الشيخ عبد الحميد بن باديس، احمد بن السقني، بن مغسولة احمد، الدكتور بن جلول، بن شريف، مامي اسماعين من جريدة النجاح.. وأغلب العروض عبارة عن أعمال ذات صلة بالتاريخ الاسلامي مثل مسرحية «بلال بن رباح» ذات تسعة مشاهد والتي كتبها أحد أعضاء جمعية العلماء المسلمين الجزائريين، محمد العيد آل خليفة السويقة.. قصّة حياة بعد مولده بمدينة الصخر العتيق قسنطينة بحي السويقة في 10 مارس 1930. تعلم في كل من مدرسة التربية والتعليم ومدرسة السلام، لتدريس القرآن واللّغة العربية والتي تحصل فيها على شهادة الأهلية، سنة 1947، كما تعلم الفرنسية بمدرسة اراقو والتي نال فيها الشهادة الدراسية. وهو تلميذ شارك في نشاطات تمثيلية كان ينظمها الأستاذ أحمد بوشمال مدير مدرسة السلام بالمسرح البلدي لمدينة قسنطينة، والتي كانت تحضرها شخصيات من جمعية العلماء المسلمين الجزائريين على غرار العلامة الشيخ عبد الحميد بن باديس، احمد بن السقني، بن مغسولة احمد، الدكتور بن جلول، بن شريف، مامي اسماعين من جريدة النجاح.. وأغلب العروض عبارة عن أعمال ذات صلة بالتاريخ الاسلامي مثل مسرحية «بلال بن رباح» ذات تسعة مشاهد والتي كتبها أحد أعضاء جمعية العلماء المسلمين الجزائريين، محمد العيد آل خليفة. ومن هنا عشق بن الشيخ الفقون المسرح والتمثيل وسنه لا يتجاوز الستة عشرة سنة، حين انخرط في جمعية الهلال التمثيلي القسنطيني والتي تعد من أقدم الجمعيات المسرحية في مدينة قسنطينة. ثم التحق بفرقة محمد الصالح طواش، سنة 1948 حيث كانت جلّ الادوار المسندة إليه أدوار رئيسية. وأبرز أعمال محمد الصالح طواش في تلك الفترة، «صدر الحق» من ثلاثة فصول لقيت رواجا كبير لذا جمهور المسرح خاصة في مدينة وهران وشرق المملكة المغربية، «عنتر وعبلة»، عمل مسرحي شارك فيه أكبر فناني مدينة قسنطينة أمثال، بوريو صالح، بن مالك عبد المالك، زين عبد المجيد الى جانب مطرب المالوف محمد الطاهر الفرقاني. في نفس الفترة شارك مع فرقة المسرح البلدي القسنطيني في عدة أعمال، وتعد أول فرقة للمسرح العربي بمسرح قسنطينة يعتمدها الاستعمار الفرنسي بشرق البلاد وكان يترأسها محمد دردور. هذا الأخير فسح المجال للشاب بن الشيخ الفقون حسان بتقمص الأدوار الأولى في بعض أعمال فرقة «طلوع الفجر» لمحمد دردور. وفي سنة 1950، التحق بالمسرح الفرنسي أين واصل تعليمه مؤسسا بعدها في 4 جوان من سنة 1951 فرقة الأمل المسرحي للموسيقى والتمثيل، مع ثلة من شباب مدرسة السلام ومدرسة الكتانية أمثال، الحاج مخناش محمد كمدير فني، بلميلي الحواس، مرواني رابح، رحايلية صالح، شعباني صالح، رحموني محمد الصالح وغابولي علي. وأول عمل مسرحي لهذه الفرقة كان سنة 1951 تحت عنوان «جنايات شباب» لبن الشيخ الفقون حسان. سنة 1952 قدم بن الشيخ الفقون حسان عدة أعمال مسرحية حظيت بإقبال مميز من طرف الجمهور القسنطيني بصفة خاصة والشرق الجزائري بصفة عامة. خاصة بعد التحاق أبرز مجموعة من الفنانين القسنطينيين لفرقة الأمل المسرحي أمثال، عاشق يوسف عبد الرحمان كممثل ومؤلف، محمد وشن المدعو (قاسي القسنطيني)، طواش محمد الصالح، حسان بالحاج، حمودي بوزيد وغيرهم لتقاسم أدوار عدة أعمال مسرحية مثل، «الزواج لمحتّم» من ثلاثة فصول لعاشق يوسف عبد الرحمان، «عمي علي الطماع» من ثلاثة فصول، لبن الشيخ الفقون حسان و»مسل من طينك» رواية أخلاقية من ثلاثة فصول لمحمد الصغير. 1953 قدم بن الشيخ الفقون حسان مع أعضاء فرقة الأمل المسرحي، «الندم الأبدي»، «زوجة اليوم»، وهي مسرحية شعرية ذات ثلاثة فصول بقلم عاشق يوسف عبد الرحمان، بالإضافة الى «غليف» و»مولات الدار». «الحشايشي والخليفة»، «جلاد بغداد» و»جنايات شباب».. أعمال خالدة قبل اندلاع الثورة التحريرية الجزائرية قدم بن الشيخ الفقون حسان أعمال فنية معتبرة على غرار الرواية الفكاهية «مكيدة تلميذ» بقلم العربي بن صحيح، ومسرحية تاريخية من أربعة فصول، كتبها شريف شعيب بعنوان: «الحشايشي والخليفة» ولنفس الكاتب عمل فني آخر من أربعة فصول تحت عنوان: «جلاد بغداد»، بالإضافة الى عمل درامي كبير بقلم بن الشيخ الفقون حسان من أربعة فصول تحت عنوان: «جنايات شباب». وفي سنة 1963، أعاد بن الشيخ الفقون حسان تأسيس فرقة الأمل المسرحي من جديد مع صديقه عاشق يوسف عبد الرحمان. واستطاع تكوين ممثلين قدموا للمسرح الجزائري أحسن وأروع الأعمال الفنية على غرار، حسان بن زراري، رشيد زيغمي، بشير بن محمد، علاوة جروة وهبي (صحفي وناقد مسرحي)، دحمان بن السقني.. ————كما اقتبس بن الشيخ الفقون حسان أيضا عدة روايات من بينها «البخيل» للكاتب الشهير جون بابتيستبوكلان الملقب موليير. وفي سنة 1954 كانت له مشاركة كبيرة في مسرحية «عطيل» من أربعة فصول لوليام شكسبير من اقتباس توفيق المدني، واخراج مصطفى كاتب الى جانب أكبر الممثلين التابعين لمسرح الجزائر بالعاصمة، نذكر منهم على سبيل المثال، الممثلة الكبيرة كلثوم التي تقمصت دور(ديدمونة)، علال المحب (عطيل)، مصطفى كاتب (إياجو)، فريدة صابونجي (إميليا) وبن الشيخ لفقون حسان (كاسيو). ومع قيام الثورة التحريرية كان من المنخرطين في المنظمة السرية وألقي عليه القبض وأدخل السجن سنة 1957 واطلق سراحه سنة 1962. بعد الاستقلال.. وفي سنة 1963، أعاد بن الشيخ الفقون حسان تأسيس فرقة الأمل المسرحي من جديد مع صديقه عاشق يوسف عبد الرحمان. استطاع تكوين ممثلين قدموا للمسرح الجزائري أحسن وأروع الأعمال الفنية على غرار، حسان بن زراري، رشيد زيغمي، بشير بن محمد، علاوة جروة وهبي (صحفي وناقد مسرحي)، دحمان بن السقني.. وقدّمت فرقة الأمل المسرحي خلال تلك الفترة عدة أعمال فنية بامتياز منها، «الخيانة العظمى»، «السلطان الحائر»، «كبش العيد».. تم تعيين بن الشيخ لفقون حسان كأستاذ للقسم التمثيلي بمعهد الفنون البلدي القسنطيني. كما شارك في عدة أفلام تلفزيونية منها سلسلة «أعصاب وأوتار» للمخرج حازرلي، أفلام للمخرج عمار محسن وحصص بإذاعة قسنطينة الجهوية. وكرم في عدة محافل وطنية. وكان لبن الشيخ لفقون حسان حضور كبير في برامج تلفزيونية لشهر رمضان من محطة قسنطينة بأعمال مثل «بنت خويا بنت ختي»، «بوقريطة»، «الصيدلي»، «من حفر زرداب»، «اللطف من أمي وأبوك»، «غنيفد والزرزور» و»ورقة اليانصيب». وفي الإذاعة، «غليف»، «علاء الدين»، «واجب الصديق» و»صائمون»، أغلب هاته الاعمال بقلم كل من شاقر محمد، بن الموفق محمد وبوشريط محمد. تم تعيين بن الشيخ لفقون حسان أستاذا للقسم التمثيلي بمعهد الفنون البلدي القسنطيني. كما شارك في عدة أفلام تلفزيونية منها سلسلة «أعصاب وأوتار» للمخرج حازرلي، أفلام للمخرج عمار محسن وكذا حصص بإذاعة قسنطينة الجهوية. وكرم في عدة محافل وطنية. في 1 جانفي 1985، كرم بن الشيخ لفقون حسان من قبل رئيس الجمهورية بوسام المقاوم أثناء حرب التحرير الوطني، كذلك من قبل المهرجان الوطني للمسرح المحترف بالجزائر العاصمة، سنة 2009، ونادي المزهر المسرحي لمسرح قسنطينة، سنة 2016، قبل وفاته ببضعة أشهر حيث وافته المنية في 24 مارس 2016 بقسنطينة، تاركا وراءه رصيدا كبيرا في ميدان الفن الرابع.