نظّم المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي يوما دراسيا حول ندرة الموارد المائية في الجزائر، للأهمية التي يتمتّع بها هذا المورد الحيوي وما يمتلكه من علاقة قوية ومباشرة بالأمن القومي، ما يجعل الجميع مسؤولين كل من موقعه، ومطالبين بالقيام بالدور اللازم من أجل المحافظة على هذا المورد. أشار رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، رضا تير، على هامش اليوم الدراسي حول ندرة المياه، الذي تمّ تنظيمه في إطار سلسلة اللقاءات التي شرع المجلس في إقامتها خلال هذه السنة، على شكل ندوات تتطرق إلى بعض الظواهر السلوكية الموجودة في مجتمعنا، والتي لها انعكاس كبير على الجانب الاقتصادي والبيئي في بلادنا، إلى أن الدراسة الاقتصادية لملف الانتقال من دعم السلع والخدمات إلى دعم مداخيل الفئات الهشة لا تزال متواصلة على مستوى المجلس، حيث سيتم عرضها لاحقا على الجلسة العلنية لهذا الأخير، ثم على الجهات المختصة من أجل تنفيذ مخرجات القرارات المتوصل إليها. حول التغيير في التسعيرة المتعلقة بالمياه أو بخدمات أخرى، أجاب تير، أنه بعد الانتهاء من الدراسة الاقتصادية الشاملة لهذا الملف مع الحكومة، ستعلن النتائج في غضون الأربعة أشهر المقبلة، مبررا رفع التسعيرة بالحاجة التي يفرضها تجديد التراث الصناعي من سدود، آلات ومعدات، يجب تجديدها بعد انتهاء مدة حياة كل منها، ويكون ذلك بالاعتماد وتعبئة كل موارد السوق دون اللجوء إلى الخزينة العمومية. وفي سياق آخر، أضاف رئيس المجلس أنّ رئيس الجمهورية كان قد أصدر جملة من التوجيهات والقرارات خلال لقاء مجلس الوزراء بتاريخ 3 من شهر ماي الفارط لتعزيز موارد المياه من خلال إنشاء محطات جديدة للتحلية مع مراعاة سرعة الانجاز والاختيار الاستراتيجي لموقعها، بالإضافة إلى تفعيل كل خطوط المحطات الموجودة، وهذا لتدعيم احتياطي المياه، الى جانب التأكيد على ترشيد استغلال تلك المحطات عبر إنشاء وكالة وطنية تختص بالإشراف على تسيير محطات تحلية مياه البحر ببلادنا، بهدف الحد من الاستغلال المفرط والعشوائي للمياه الجوفية لاسيما تلك الموجودة بالمناطق السهلية، كما هو الحال بالنسبة لسهل متيجة مثلا، والتي يجب تخصيص مياهها حصريا للري الفلاحي لا غير. وبالنّسبة لظاهرة تبذير المياه وسبل محاربتها، أضاف أن التطرق إلى الأسباب الحقيقية المفسّرة لهذه السّلوكيات يعد الخطوة الأولى التي يجب القيام بها من أجل صياغة حلول ناجعة وفعالة تأخذ بعين الاعتبار الأبعاد الاجتماعية والنفسية التي يتميز بها مجتمعنا، حيث أنّ صناعة القرار العمومي في مختلف مجالات الحياة وعلى وجه الخصوص تلك المتعلقة بالانشغالات اليومية للمواطن، يجب أن لا تغفل عن هذه الأبعاد حتى تكون قرارات ذات جدوى في الحد من الظّواهر التي لها تأثير عكسي على الجانب الاقتصادي للفرد والدولة على حد سواء. فموضوع ترشيد استهلاك المياه، يعد أولوية وطنية لما له من ارتباط قوي بالحياة اليومية بالمواطن، خاصة إذا ما علمنا أنّ حجم الدعم الذي تخصّصه الدولة سنويا لغرض توفير الكميات الضرورية للمياه المخصّصة للمواطن أو تلك المخصّصة لقطاعات أخرى، في مقدّمتها قطاع الفلاحة، يتجاوز في الكثير من الأحيان 60 بالمئة إلى 70 بالمئة من السّعر الحقيقي لتكلفة المياه.