للشاعر العراقي علي الشلاه ديوان شعري عنوانه من أغرب العناوين، وهذا العنوان هو "ليت المعرّي كان أعمى". والمعري هو أحمد بن عبد الله بن سليمان المعري، نسبة على بلدة "معرة النعمان بسوريا، ولد في 973م، وتوفاه الله في 1057، ابتلاه الله – عز وجل- في طفولته بفقد حبيبتيه، فغلب على نفسيته "التشاؤم"، إلى درجة قوله: "غير مجد في ملّتي واعتقادي نوح باك ولا ترنّم شادي" وانتهى إلى أن سمى نفسه "رهين المحبسين"، أي "العمى" وانعزاله في بيته.. وهو من فحول الأدب العربي، وقد ترك دواوين وكتبا، ومن كتبه "رسالة الغفران" التي يذهب بعض النقاد إلى أن الشاعر "دانتي" استلهمها في كتابه "الكوميديا الإلهية". لقد كان المعري "الأعمى" أحدّ بصرا من كثير من ذوي العيون الذين ينظرون ولكن لا يبصرون، وقد "عرى" المعري هؤلاء الصم العمي من "عرب" زمانه، وعدد مثالبهم ومعايبهم، ولكن حيل بينهم وبين قلوبهم فعاشوا يأكلون ويتمتعون كما تأكل الأنعام، وهم أضلّ من الأنعام.. أما البردّوني الذي لو كنت شاعرا لدوّنت عنه ديوانا تحت عنوان "ليت البردّوني كان أعمى"، فهو الشاعر اليمني "عبد الله البردّوني نسبة على بلدة "بردّون" التابعة لمحافظة صنعاء، التي خلّدها بيت من الشعر هو: ماذا أحدّث عن صنعاء يا أبتي مليحة عاشقاها السّل والجرب ولد عبد الله البردّوني في سنة 1929، وتوفاه الله في سنة 1999، وقد كان أحد شعراء اليمن في هذا العصر. ولم يكن من شعراء "الخد والقدّ"، بل كان شاعرا ملتزما بهموم وطنه اليمن، وقضايا قومه العرب، الذين أعقبوا "خلفا هم اليوم لا عرب ولا عجم" كما يقول الرصافي.. إن أعراب الأمس الذين قالوا "آمنا" و"لمّا يدخل الإيمان في قلوبهم" لم يلدوا إلا هؤلاء "الأعاريب" الذين ارتضوا لأنفسهم أن يكونوا "مطايا" لغيرهم، و"أدلة أذلة" لأعداء دينهم من الهندوس والنصارى واليهود، وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا. قال أحد الأدباء "من لم يقرأ التاريخ يظل طفلا"، وقد كثر "الأطفال"، غير الأبرياء، في وطننا العربي ومن مميزات "الأطفال" أنهم لا يميزون بين الأمور المادية، بله القضايا العقلية والمعنوية، ومن هؤلاء الأطفال هؤلاء "الأعاريب" الذين يسارعون في أعداء أمتهم من اليهود والنصارى استرضاء لهم، ولن يرضوا عنهم.. وفي هؤلاء العربان قال البردوني مخاطبا أبا تمام: ماذا ترى يا أبا تمام هل كذبت أحسابنا، أم تناسى عرقه الذهب عروبة اليوم أخرى لا ينمّ على وجودها اسم، ولا لون، ولا لقب رحم الله جمال الدين الأفغاني الذي تركها كلمة خالدة هي: "إن هذا الشرق لا يحيى بالسياسة، ولكن بالمقاومة"، وحيى الله وصالحوا الأمة فضيلة الإمام أحمد الخليلي مفتي عُمان، الذي أبى عليه عرقه الشريف ودينه الحنيف أن يكون شيطانا أخرس. وخزيا وعارا على كل خائن لدينه وقومه، ومفرط في حق جزره المحتلة، ولن ترضى عنكم اليهود ولا النصارى إلى أن تشرق الشمس من مغربها.