لا يرغب جو بايدن أن يرى طيب رجب أردوغان رئيسا يحكم تركيا، فهو يكنُّ له عداءً متناميا منذ سنوات، ويعِدُّ العدة من أجل ألا يراه في عهدة جديدة، ترافق عهدته الرئاسية. لا يشك أحدٌ في نهج متشدد سيأخذ به بايدين المتأهب لدخول البيت الأبيض، في سياسة عزل الرئيس أردوغان، عبر كل أشكال دعم المعارضة، وتعزيز حضورها بأدوات القوة المؤثرة. موقفٌ أمريكي مؤثر سينعكس على الوضع الداخلي التركي، لا يحسبه بايدن تدخلا في الشؤون الداخلية، طالما يحقق له رغبة إحداث متغيرات سياسية خطط لها من قبل، بدءا بتأليب الرأي العام الداخلي والعالمي ضد أردوغان، ونعته بأوصاف لا تقرها المبادئ الدبلوماسية في تنظيم العلاقات الدولية، وقال عنه مهددا: "إنه مستبدّ.. إنه رئيس تركيا وأكثر من ذلك بكثير.. عليه أن يدفع ثمن أفعاله". يتصرف بايدن باستعلاء كبير تجاه تركيا، ولم يُعر اعتبارا لسيادة بلد مستقلّ، فأثناء زياراته الرسمية المتعددة إلى تركيا كان يخرق البروتوكول الرسمي في تنظيم لقاءاته مع رموز المعارضة والشخصيات الرافضة لسلطة أردوغان، ويبحث معها إمكانيات نجاح "الانقلاب" المطلوب. لم يقطع بايدن تواصله مع المعارضة التركية، ويرى فيها القوة القادرة على قيادة تغيير جذري في تركيا، وفق ما يراه في خطته المعلنة: "يمكننا دعمُ تلك العناصر التي لا تزال موجودة في تركيا، وتشجيعهم على مواجهة أردوغان وهزيمته.. ليس عن طريق الانقلاب، ولكن من خلال العملية الانتخابية". يدرك بايدن إن إحداث انقلاب ب"شرعية دستورية" في تركيا، لا يتحقق بترتيب أدوات داخلية فقط، في إطار محيط إقليمي ودولي يؤثر ويتأثر بما ستؤول إليه الأوضاع في بلد محوري، وهذا ما دعاه إلى تأكيد حاجة: "الولاياتالمتحدةالأمريكية إلى العمل بجدية أكبر مع الحلفاء لعزل أفعال أردوغان في المنطقة، لاسيما في شرق المتوسط". العداء لرئيس حزب العدالة والتنمية "الإسلامي" لا يضعه بايدن في خانة العداء للإسلام، مستشهدا بما يعتقده أردوغان نفسه "بايدن ليس معاديا للإسلام"، لكن نهج "الإسلام السياسي" المنقلب على علمانية "دولة كمال أتاتورك" لم يرق لتطلعات الحزب الديمقراطي الأمريكي "الليبرالي – اليساري". قد يخوض "الإسلام السياسي" معركة وجود في عهد الرئيس بايدن، قاعدة انطلاقها المركز الحاكم في أنقرة ستمتد إلى آسيا الوسطى، والشرق الأدنى، لا تفرق جبهاته المعادية بين أردوغان وغريمه القوي فتح الله غولن، فعزل "الإيديولوجية العقائدية" عن أنظمة الحكم، أولوياتٌ في سياسات البيت الأبيض بتأثيثه السياسي الجديد. خطط لم يُخفِ بايدن تفاصيلها، والرئيس أردوغان لم يقل كلمته بعد، فبين ليبرالية بايدن واعتدال أردوغان في إسلام سياسي، يشتدُّ الصراع في مرحلة بدأت ملامحُها بالظهور في مشهد سياسي جديد، قد يؤدي إلى متغيراتٍ كبرى في منطقة الشرق الأوسط، لا تحكمها نظمٌ "إيديولوجية عقائدية" أعدّت واشنطن العدة لعزلها.