انضمام الجزائر إلى الأيبا: مكسب جديد للدبلوماسية البرلمانية    عطاف يمثل الجزائر في الشق رفيع المستوى للجمعية العامة للأمم المتحدة    الجزائر توقع على اتفاقية الأمم المتحدة لحماية التنوع البيولوجي البحري    حصيلة الحماية المدنية: 4 وفيات و483 جريحاً في حوادث مرور خلال 48 ساعة    انتخاب الجزائر عضوا بمجلس الاستثمار البريدي    هذه أولى توجيهات بوعمامة..    جلاوي يترأس اجتماعا لمتابعة أشغال المشروع    الجزائر تنظم حدثا حول التجارب النووية الفرنسية بالجنوب    الكيان الإرهابي يهدّد باستخدام قوة غير مسبوقة في غزّة    طموح جزائري لاستعادة المجد القارّي    رسمياً.. نجل زيدان مؤهّل لتمثيل الجزائر    الجزائر ترفض دعوى مالي أمام محكمة العدل    شرطة غرداية تسطّر جملة من الإجراءات    توحيد برامج التكفّل بالمصابين بالتوحّد    وزارة التضامن تطلق برنامج الأسرة المنتجة    فيلم نية يتألق    شؤون دينية: بلمهدي يزور لجنة مراجعة وتدقيق نسخ المصحف الشريف    تضامن وطني : توحيد نمط التكفل على مستوى مؤسسات استقبال الطفولة الصغيرة    غوتيريش يؤكد على ضرورة الوقف الفوري لإطلاق النار وإنهاء "المذبحة" في غزة    البرلمان العربي يرحب بتقرير لجنة التحقيق الدولية بشأن الإبادة الجماعية في غزة    الخارجية الفلسطينية ترحب بقرار البرتغال الاعتراف بدولة فلسطين    المعرض العالمي بأوساكا : تواصل فعاليات الأبواب المفتوحة حول الاستراتيجية الوطنية لتطوير الطاقات المتجددة والهيدروجين    بوغالي يترأس اجتماعاً    "لن نستسلم.. والجزائر لن تتخلى أبدا عن الفلسطينيين"    إنجاح الدخول المدرسي والجامعي والتكفّل بالمواطنين    الجزائر حاضرة بستة مصارعين في موعد ليما    سجاتي على بعد خطوة من الذهب    لقاء مع صنّاع المحتوى والمهتمين بالفضاء الرقمي    التجند لإنجاح المهرجان الدولي للسياحة الصحراوية بتيممون    مدارس تطلب شهادة الميلاد رغم إلغائها    مسودة قرار يطالب ترامب بالاعتراف بدولة فلسطين    شكوى ضد النظام المغربي لتواطئه في إبادة الشعب الفلسطيني    تسريع وتيرة إنجاز مشاريع الموارد المائية    برنامج خاص بالصحة المدرسية    القبض على سارقي محتويات مسكن    وزارة العدل تنظم ورشة تكوينية حول العملات المشفرة    التحضير لاجتماع اللجنة الاقتصادية الجزئرية - المجرية    المطالبة باسترجاع وشراء المخطوطات الجزائرية الموجودة بالخارج    التعامل مع التراث كعنصر استراتيجي للتنمية    ألعاب القوى/ بطولة العالم (الوثب الثلاثي): ياسر تريكي يحرز المركز الرابع في النهائي    عماد هلالي: مخرج أفلام قصيرة يحرص على تقديم محتوى توعوي هادف    إطلاق خدمة "تصديق" لتسهيل إجراءات اعتماد الوثائق الموجهة للاستعمال بالخارج    الجزائر تحتضن أولى جلسات التراث الثقافي في الوطن العربي بمشاركة الألكسو    ألعاب القوى مونديال- 2025: الجزائري جمال سجاتي يتأهل إلى نهائي سباق ال800 متر    "مغامرات إفتراضية", مسرحية جديدة لتحسيس الأطفال حول مخاطر العالم الافتراضي    كرة القدم/ترتيب الفيفا: المنتخب الجزائري في المركز ال38 عالميا    إقرار جملة من الإجراءات لضمان "خدمة نموذجية" للمريض    مهرجان عنابة يكرّم لخضر حمينة ويخاطب المستقبل    التناقض يضرب مشوار حسام عوار مع اتحاد جدة    تحية إلى صانعي الرجال وقائدي الأجيال..    يعكس التزام الدولة بضمان الأمن الدوائي الوطني    تمكين المواطنين من نتائج ملموسة في المجال الصحي    صناعة صيدلانية : تنصيب أعضاء جهاز الرصد واليقظة لوفرة المواد الصيدلانية    أبو أيوب الأنصاري.. قصة رجل من الجنة    الإمام رمز للاجتماع والوحدة والألفة    تحوّل استراتيجي في مسار الأمن الصحّي    من أسماء الله الحسنى (المَلِك)    }يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ {    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حملة شعبية لإيقاف إنجاز إقامة جامعية بقلب المسيلة
عرّابوها يطالبون بصرح ثقافي يتوسط عاصمة الحضنة
نشر في الشروق اليومي يوم 09 - 07 - 2014

ناشد سكان مدينة المسيلة، الأربعاء، عبد الله بن منصور والي الولاية لإيقاف إنجاز إقامة جامعية وسط التجمعات السكانية بعاصمة الولاية، وطالب عرّابو حملة نجحت في جمع مئات التواقيع، بإنجاز قصر ودار الثقافة ومساحة خضراء بأرضية معهد الري سابقا بدلا من إنجاز كلية وإقامة جامعية بهذه الأرضية التي تقدر مساحتها ب 5 هكتارات وتحتوي على عديد الأشجار والمساحات الخضراء.
في إفادات تلقاها "الشروق أون لاين"، شدّدت فعاليات منطقة الحضنة على حتمية تدخل عاجل من لدن المسؤول الأول عن الولاية، لحسم المشروع إياه إيجابا بما يضمن تفعيل المسيلة التي تتوافر على دروب واسعة الدور، وتنفرد بموروث ثقافي متنوع، بيد أنّه في خضم حركة التصنيع المكثفة وغير المدروسة، تتعرض المسيلة العذراء إلى انتهاك متواصل، ينتظر وقفة حازمة من وزارة الثقافة الجزائرية وكافة الغيورين على رصيد فكري جمالي يئنّ تحت سياط اللامبالاة والعبث.
عاصمة الحضنة التي أنجبت المخرج العالمي لخضر حمينه صاحب رائعة "وقائع سنين الجمر"، تفتقر بشكل عجيب لهياكل ثقافية فلا وجود لقاعة للحفلات أو فضاء للعروض ، وحتى المحاضرات واللقاءات الرسمية باتت يتيمة، وعليه يهيب عرّابو الحملة بالمسؤولين لعدم اجترار أخطاء سابقة حينما جرى إنجاز دار للثقافة بالحي الإداري، وإنجاز الكلية والإقامة الجامعية بالقطب الجامعي الجديد حتى يتم تبديد الاختناق المروري بعاصمة الولاية.
مملكة نوميديا الشرقية تئنّ
قال مشتغلون بالأبحاث الأثرية، إنّ عديد المواقع الأثرية في ولاية المسيلة باتت مهددة بخطر الزوال، وتعود غالبية هذه المواقع إلى نحو عشرة آلاف عام، وأتى هذا التبدد الأثري غير المسبوق نتيجة عدم الاهتمام وتسيّد ثقافة النسيان والإهمال على نحو يقلق الشارع المحلي إزاء مستقبل أهم معالم المدينة.
ويشتكي أبناء المنطقة من شحّ الكتابات التاريخية حول المسيلة، ما جعل الأخيرة تقع بين مطرقة التغييب وسندان التبعثر، علما أنّ ثمة خارطة يعود تاريخها إلى عام 1911 وضعها المؤرخ الشهير "ستيفان غزال "، وكان يمكن الاستعانة بها لرصف مواقع " المسيلة "، الآخذة في الاندثار تباعا.
واللافت، أنّ تاريخ المسيلة على عراقته وما ينطوي عليه محطات استراتيجية، لا يزال بحاجة إلى كشف النقاب عنه بشكل واف، مع الإشارة إلى أنّ روايات تاريخية موثقة تتحدث عن المسيلة كحصن منيع استولى عليها الملك ماسينيسا ما بين سنة 200 و193 قبل الميلاد، واحتمى بها الملك يوغرطا هربا من ملاحقة الرومان له سنة 106 قبل الميلاد، كما كانت المسيلة في العهد الأمازيغي تدعى : مملكة نوميديا الشرقية (مازيلة) في إطار دولة أمازيغية كبرى في شمال أفريقيا تمتد من قرطاجة التونسية شرقا إلى نهر ملوية غربا.
وتعاقب على حكم المسيلة في عهد الحكم البربري عدة أمراء بينهم" ستردير بن رومي" وكان أميرا على قبيلة أوروبة، "كسيلة بن لزم" الذي تولى أيضا إمارة قبيلة أوروبة، وفي بداية الاحتلال الروماني للبلدة أطلق على المسيلة اسم (زابي) لأول مرة وقد تحدثت عنها (رحلة أنطونا) و(الوثيقة الكرتوغرافية) المؤرخة في القرن الثالث الميلادي والمسماة ب(جدول بيتينجر)، وكذلك قوائم الأسقفية، وبين أواخر العهد الروماني وبداية العهد البيزنطي، شهدت المنطقة حروبا دينية اصطدمت فيها القوتان (الدوناتستية) و(الكاثوليكية)، وكذا المعارك التي قامت بين بربر الحضنة والأوراس من جانب ضد قوات الاحتلال الوندالي من الجانب الآخر، حيث خربت في تلك الفترة ما جعل البيزنطيين يعاودون الكرة لبنائها من جديد في عهد الإمبراطور البيزنطي (جستينيان الأول ) بإشراف قائده الجنرال سولومان .
وجرى فتح المسيلة على يد "عقبة بن نافع الفهري" الذي هزم الرومان على ضفاف وادي المسيلة، وعُرفت المسيلة في المخطوطات العربية القديمة بأسماء عديدة منها :أربة أوربة أزبة عدنة - عزبة عربة، وفي العهد الفاطمي اختطها أبو القاسم محمد القائم سنة 315 للهجرة، حيث نسبها إليه وسماها:المحمدية، وولى عليها (جعفر بن علي ابن حمدون) أميرا، فأصبحت المسيلة تُعرف بإمارة ابن حمدون، وأمّ بلاط أميرها الشاعر المعروف ابن هاني الأندلسي المعروف بمتنبي المغرب.
ولعلّ من بين الشواهد الأثرية المهمة في مدينة المسيلة، هناك قلعة بني حماد الجزائرية، التي احتفلت العام الماضي بمرور ألف عام على تأسيسها، حيث شيّدت أركانها عام 1007 م، ويختزن هذا المعلم الفريد، عشرة قرون من الرصيد الحضاري الإسلامي ومرايا التاريخ في منطقة المغرب، منذ حوّل القائد الشهير "حماد بن بلكين" القلعة المذكورة إلى عاصمة سياسية وإدارية لدولة الحمّاديين، بموجب الاتفاق الذي أبرمه مع "باديس بن المنصور بن بلكين بن مناد الصنهاجي" سنة 395 هجرية / 1004 ميلادية، وأنضجت أولى ثماره ثلاث سنوات من بعد مع ميلاد منارة القلعة كثاني دولة مركزية تتأسس في المغرب الأوسط.
وتقع قلعة بني حماد في سفوح جبال بلدة المعاضيد، وصنّفتها منظمة اليونسكو ضمن نفائس التراث الإنساني، وتعرّضت على مدار تاريخها الطويل إلى أحداث جسام، منذ الاصطدام الذي حصل في الزمن القديم بين الأمازيغ والعرب الهلاليين، مرورا بموجة التدمير الذي لحق قطاعا مهما من هياكلها في القرنين الخامس والسادس الهجريين، وصولا بما طالها القرن الماضي بسبب الاحتلال الفرنسي للجزائر، بيد أنّ القلعة ظلت صامدة متشامخة واستوعبت قوافل من العلماء والفقهاء والشعراء والمتصوفين، وأقام بها في مختلف الفترات مزيجا من السكان المحليين وكذا من وفدوا إليها من الدول المغاربية المجاورة، ما مكنّها بحسب جمهور الباحثين والمؤرخين إلى التموقع كعاصمة لحواضر الشمال الإفريقي، وملتقى لمختلف تجليات الحياة الثقافية والنتاج الفكري، حتى أنّ الشاعر "ابن هاني الأندلسي" امتدحها، وردّد قولته المأثورة:" قلعة بني حماد.. جنة الله في أرضه".
لكن بقاء تاريخ الحماديين في عداد المسكوت عنه، أفضى إلى تغييب الأفاريز الدينية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية للقلعة، وحرمان المتطلعين إلى استنشاق عبق تاريخها المنكوء خلف مقابر وساحات وأنقاض وطلاليات القلعة.
واللافت أنّ ما خلّفه عدد من الكتّاب الفرنسيين أمثال "لوسيان جولفان" و"جورج مارسي" اقتصر على الطابع العمراني الأثري لمساجد وقصور ومنتزهات القلعة، دون الولوج إلى مكتنزاتها وما كانت تتوّج به مجالسها ومساجلاتها، ولعلّ ما زاد الطين بلّة هو ضياع أعمال مؤرخي الدولة الحماديين.
وتنفرد مدينة المسيلة أيضا بقصر الأمراء البديع الذي يتكون من ثلاثة أجنحة للإقامة تربطها قاعات وحدائق ونظام رائع لتوزيع المياه.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.