نقيب الصحفين المصريين ''مكرم محمد أحمد''، أصدر مؤخرا ''فرمانا'' غريبا يقول فيه إنه يحرم خروج الناس لملاقاة الدكتور محمد البرادعي، رئيس الوكالة الدولية للطاقة النووية سابقا والمرشح المحتمل للرئاسة في مواجهة آل مبارك الذين ورثوا الحكم هناك، وهو الفرمان الذي جعل بعض الأصوات تجزم بأن صاحبنا حول نقابة الصحفيين إلى ملحقة تابعة لوزارة الداخلية! الأصل في منع التظاهرات بمقتضى حكم الطوارئ . كما هو حاصل في عدد كبير من الدول العربية أن يتم دون تبليغ، فكل شيء معلوم بموجب القانون الذي يقمع الحريات، ولايعذر أحد بجهله! وعندما تعود نقابة للصحفيين كان يفترض أن تكون في مقدمة المدافعين عن الحريات العامة وعن حق الناس في التعبير عن تطلعاتهم بطرق سلمية وديمقراطية، في هذا الوقت إلى هذا الأسلوب بالذات، فإن ذلك يعيد الصحافة المصرية بما تحمله من تاريخ طويل ومزيف وأسماء ثقيلة جدا إلى نقطة الصفر، فهذا النوع من الدعوات مثلا أدتها بامتياز بعض صحف الفرانكفون تحديدا حينما دعت في بداية التسعينات مع انتصار الحزب المحظور في الانتخابات إلى توقيف المسار الانتخابي وزمرت لذلك وطبلت، مما فهمه البعض آنذاك بأنه دعوة لشم رائحة الدم! ومعنى هذا أن الصحافة في مصر التي أنجبت أمثال الأحمدين قنديل وبهاء الدين وحسنين هيكل، عادت الى الوراء عشرين سنة أخرى في مهمة قذرة لاتستجيب إلا لشروط الحكم غير الراشد وتوريث السلطة، والتعامل مع المصريين الجدد كما سماهم أحدهم والمفارقة العامة في هذا المسعى الذي يشمل معظم البلاد العربية التي تحكمها أنظمة غير ديمقراطية أنها تتناقض مع نفسها ضمن المحيط الجواري الإقليمي أو الدولي نفسه. كما تشهد على ذلك الحالة التركية التي ساد العسكر في حكمها فعسكر السياسة والاقتصاد والتجارة، ولم تسلم منه حتى الخارجية وهذا بمقتضى مادة واحدة في الدستور تحمل رقم 301 وتنص على تجريم كل من يهين ''المواطن التركي'' أي الذي يحكم!