تعد معركة "جبل اسطمبول" في ولاية معسكر، التي وقعت في 10 أوت 1958، من أهم المعارك التي ميّزت أحداث ثورة التحرير المجيدة بالمنطقة، بالنّظر للخسائر الكبيرة التي أحدثتها في صفوف قوات الاستعمار الفرنسي. واستنادا إلى المديرية الولائية للمجاهدين وذوي الحقوق التي بحوزتها وثائق تاريخية تضم شهادات مجاهدين، فإن مكان هذه المعركة يقع بمنطقة "جبل اسطمبول" ببلدية القيطنة التي تعتبر مسقط رأس الأمير عبد القادر، مؤسس الدولة الجزائرية الحديثة. وتعود وقائع هذه المعركة إلى قيام قوات الجيش الاستعماري الفرنسي بعمليات تفتيش واسعة النّطاق على مواقع جيش التحرير الوطني بمنطقة "جبل اسطمبول"، مستعملة طائرات استطلاعية وكذا جنود مظليين لتصل في حدود الساعة الخامسة صباحا من يوم 10 أوت 1958، إلى مكان تمركز المجاهدين في ذات المنطقة. وتفطّن المجاهدون الذين كانوا متمركزين بمركز الكتيبة التابع للمنطقة السادسة للولاية الخامسة التاريخية على مستوى منطقة "جبل اسطمبول" بوجود عدد كبير من قوات جيش الاحتلال الفرنسي، ليبدأ الاشتباك بين الطرفين ويتفاجأ جنود الاحتلال بإطلاق نار مكثّف من طرف المجاهدين على الطائرة الاستطلاعية. وقد اشتد القتال بين المجاهدين وقوات الجيش الاستعماري الفرنسي التي قامت طائراتها الحربية بقصف مكان تواجد مجاهدي كتيبة جيش التحرير الوطني بالجهة، مستعينة بذلك بقنابل النابالم المحرمة دوليا. وبالرغم من القصف الجوي ومدفعية قوات الاحتلال الفرنسي إلا أن مجاهدي الكتيبة استطاعوا الصمود والمقاومة وإرغام جيش الاستعمار على التراجع إلى مواقع بعيدة عن منطقة "جبل اسطنبول". ودامت هذه المعركة أزيد من ثماني ساعات تكبّد خلالها العدو الفرنسي خسائر كبيرة تمثلت في هلاك 160 جندي وعدد كبير من الجرحى وإسقاط طائرة حربية وتدمير أزيد من 20 شاحنة تحمل الجنود والمعدات الحربية. وفي صفوف جيش التحرير الوطني فقد سقط في ميدان الشرف 45 مجاهدا أغلبهم جراء قذائف النابالم المحظورة دوليا. وفي هذا السياق، أشار الباحث في تاريخ الحركة الوطنية والثورة التحريرية المجيدة بالمنطقة، مختار بلقاسم حجايل، في تصريح لوكالة الأنباء، بأن معركة "جبل اسطمبول" تعد من المعارك الاستراتيجية التي خاضها مجاهدو جيش التحرير الوطني على مستوى المنطقة السادسة للولاية الخامسة التاريخية، بالنّظر لتمكنها من فك الحصار الذي كان مضروبا من طرف جيش الاحتلال الفرنسي على كتائب المنطقتين الخامسة والرابعة بذات الولاية التاريخية، مضيفا أن هذه المعركة أثبتت الحنكة العسكرية الكبيرة التي كان يتحلّى بها قادة كتائب جيش التحرير الوطني بالمنطقة في صد هجومات قوات الجيش الاستعماري الفرنسي. وتحيي مديرية المجاهدين وذوي الحقوق بمعية المتحف الولائي للمجاهد ذكرى هذه المعركة التاريخية كل سنة، بإقامة أنشطة عديدة منها معارض تاريخية ومحاضرات وعرض أشرطة وثائقية تسلّط الضوء على تاريخ هذه المعركة.