عرضت قاعة ابن زيدون برياض الفتح أمس وأول أمس، الوثائقي “وتخلق المدينة من رحم الورشة” بحضور المخرج جون أسالميار، والمنجز حول المهندس المعماري “أندري رافيرو” الذي قضى قسطا كبيرا من حياته في الجزائر في منطقة المزاب وغرداية تحديدا والجزائر العاصمة عموما، وهو وثائقي خارج مهرجان الجزائر الدولي للسينما الذي اختتم يوم الخميس. وهو أول فيلم من بين الأفلام الستة خارج المنافسة يعرض في مهرجان الجزائر الدولي للسينما، التي خصص لها يومان الجمعة والسبت. وجرى العرض أمام جمهور كبير، ألفوا الافلام وعرضها وبعضهم دفعهم الجو المطير لدخول القاعة، وأخرين منهم دفعهم الاهتمام بالمعمار والهندسة المعمارية العتيقة لحضور الفيلم. يقع الفيلم في 65 دقيقة ويتناول مسار هذا المهندس، أندري فاليرو (1919-2017)، الذي يعد من بين المرجعيات في الهندسة المعمارية المتداول لدى طلاب الجامعة وما تركه من طريقة في البناء. المخرج في الفيلم سلط الكاميرا على عدد من المهندسين المعماريين للحديث عن المعماري أندري الذي عرفوه أو قراو عنه، مثل حليم فايدي الذي تحدث عن اندري رافيرو الذي يجعل من الإنسان مركزا للمعمار، وتأثير المعمار على المكان وعلى المجتمع، وياسمين تركي المعروف عنها حبها وشغفها بالهندسة الترابية تحدثت هي ايضا عن اندري لكنها وجدت من المناسبة سانحة للحديث عن تدهور القصبة العتيقة بالجزائر العاصمة، كمال ريغي وهو معماري شاب قال عن ان الرجل كان اسطورة في مدرسته المعمارية التي كان ينتسب إليها. أحمد مرغوب وهو من ابناء منطقة المزاب، ذكر في الوثائقي، بأن الكثير من الأجانب زاروا المزاب ومروا وذهبوا كما هو الشأن لدى”كوربوزي” إلا أن اندري فاليرو استقر بالمنطقة واستلهم من روح وحساسية المنطقة. سارة ياحي المعمارية الشابة ترجع كل معارفها إلى هذا الرجل الذي تعلمت منه الكثير رغم كونه كان في ايامه الاخيرة، ترافق ابنته مايا رافيرو المتفرج، وهي تقتفي أثار والدها خصوصا وهي التي عاشت معه طفولتها الأولى إلى الأماكن التي شهدت أعماله وانجازاته، انطلاقا من منطقة المزاب التي كان شغوفا بنمط بناءاتها وهندستها المحلية الفريدة وعاش هناك وكون مجموعة من مهندرسين ضمن “ورشة الصحراء”. وتحكي كيف أن والدها استقر في بيت تقليدي بمنطقة المزاب حتى يعيش نفس حياة أهل المنطقة. من بين ما أنجز رافيرو في غرداية، مقر البريد والمواصلات بالمدينة، فيلا مرغوب و19 مجموعة سكنية، روى أحد البنائين التقليدين كيف كان يتعامل معهم المهندس المعماري أندري. كان اندري يهتم بالمساحات وسط البناء، وبفرج الهواء والاضاءة وهي نفس فلسفة البناء الاسلامي العربي، الذي لا يفصل البناء عن السماء والماء والهواء والإضاءة، المحيط. عاش أندري أيامه الأخيرة في اثينا في بيت يستلهم من البناء الشرقي، حيث الجلوس على الارض بعيدا عن الفخفخة الغربية المتكلفة. ومن جهة أخرى يعود الفضل إلى اندري فاليرو في تصنيف واحات المزاب ضمن التراث العالمي لدى اليونيسكو. ثم تسير ابنته مايا إلى الجزائر العاصمة حيث أقام والدها أندري وسكن بحي تيلملي الشهير واهتم بالقصبة، سيما من خلال شرح تقنيات بنائها، وتكمن فلسفته المعمارية البنائية لدى من عرفه على مبدأ “ورشة البناء هي من يخلق المدينة”. للرجل كتب منها “قصبة الجزائر” وتخلق الورشة المدينة” و”المزاب درس في المعمار”. المخرج جون أسالميار تكون في تلفزيون ميونيخ لسنتين، وارتبط ارتباطا وثيقا بالسينما الالمانية، تحصل بعدها على شهادة ليسانس في السينما بجامعة باريس 7، أخرج بعدها فيلم “على من يعتمد الظلم في استفحاله” برفقة بيار اندري بوتان في 1975، خاض تجربة في الصحافة والنشر وأنجز بعدها مواضيع متعددة لقناة أرتي من 1988، وأفلاما وثائقية كرسها للجزائر.يذكر أن اليوم الأول من أفلام خارج المنافسة عرف عرض ثلاثة أفلام أخرى هي “رسالة إلى أوباما” للمخرج الشاب محمد محمدي في 13 دقيقة، وهو يسرد معاناة وكفاح الشعب الصحراوي المحروم من أرضه واستقلاله، ويتناول مسألة اللاجئين الصحراويين في تندوف. “محمد باهاز” المعلم القناوي للمخرجة دومنيك لافيني، وثائقي في 45 دقيقة. “غريب في الجنة” للمخرج قيدو هندريكس وهو يعيش في هولندة فلم روائي طويل 77 دقيقة. “محرقة الظهرة” للمخرج عبد الرحمن مصطفى، فيلم يقع في 70 دقيقة، وتروي ما حدث في 19 جوان 1845 عندما طارد العقيد بليسي بأمر من الجنرال بيجو قبيلة أولاد رياح إلى كهف وملجأ في النمكارية، تم سد المنافذ وإشعال حريق أدى الى اختناق وهلاك الجميع، رجال ونساء وأطفال وماشية القوم، جريمة بقيت وصمة عار في تاريخ فرنسا الاستدمارية.