تراجع أداء الأحزاب السياسية بشكل لافت منذ بداية السنة الجارية، حيث سجل غياب عشرات التشكيلات الحزبية عن المشهد السياسي مباشرة بعد المنافسة الانتخابية لمحليات التاسع والعشرين نوفمبر من العام المنقضي،واقتصر تحريك النشاط السياسي فقط على الفعاليات الحزبية الست الكبرى، ممثلة في ثلاثي تكتل الجزائر الخضراء،حزب العمال وثنائي التحالف الرئاسي، أي الآفلان والارندي، فعدا هذه المجموعة المحدودة، تراءت أزيد من خمسون تشكيلة حزبية عن الساحة منذ الإعلان عن نتائج الانتخابات المحلية المرتبطة بتجديد المجالس الشعبية البلدية و الولائية،هذا الغياب الإرادي يطرح العديد من التساؤلات والاستفسارات على أمل أن ترد عليها الأحزاب التي عمدت التغييب نفسها عن الفعل السياسي في الوقت الذي كان يفترض أن تتحرك الطبقة السياسية بمختلف توجهاتها لإبداء مواقفها بشان تردي الوضع الاجتماعي وتفاقم غليان الطبقة العمالية في اغلب القطاعات خاصة عقب ارتفاع بشكل غير مسبوق لأسعار المواد الاستهلاكية الأساسية وكذا الزيادات التي لامبررلها في قطاع النقل بكل مستوياته، الحضري، شبه الحضري ومابين الولايات،وقد استهدفت هذه الزيادات التي استقبل بها الشعب العام الجديد الذي انقض من عمره شهر ونصف الفئة العاملة والمحرومة ومن هذا المنظور يتساءل المواطنون عن اختفاء عشرات الحزبي أو صمتها بخصوص تدني الجانب الاجتماعي الذي لا يدعو للارتياح بعدان كانت تتهافت عليهم قبل الموعد الانتخابي لمحليات نوفمبر الفارط لإقناعهم على المشاركة وتزكية منتخبيها مقابل وعود وهمية واغراءات وتبرعات في اغلب الأحيان سعيا منها أي الأحزاب الغائبة عن الساحة و وجودها مقتصرا فقط لدى مصالح وزارة الداخلية،وهو ما يقطع الشك باليقين إن هذا العدد الهائل من الأطياف السياسية الهدف من تواجدها المناسباتي ينحصر في العمل على الوصول إلى منبع الثروة واقتسام الغنيمة وتحقيق أغراضها الضيقة،ولا علاقة لتأسيسها بتعزيز الساحة السياسية وتنويع وتحسين أدائها المتصل بترقية المسار الديمقراطي الذي لايزال مبتورا ولم يصل درجة النضج المنشودة بعد رغم التسهيلات التي أقرتها الدولة بغية تعزيز ا لتعددية والإبقاء عليها لإحداث نقلة نوعية في الممارسة الديمقراطية إلا أن هذه الأخيرة يبدو من خلال تغييب عشرات الفعاليات الحزبية نفسها بطريقة مقصودة عن الساحة،لن تصل هدفها بمجموعة صغيرة من الأحزاب النشيطة دون كلل أو ملل إذا لم تساهم في إنعاشها الأحزاب الغائبة تلقائيا عن المشهد السياسي. م. بوالوارت