- أحضّر «كوفري» في التراث الكلاسيكي و المديح و السماع الصوفي، و ألبومي الجديد سيصدر قريبا. تحدثت مطربة الأغنية الأندلسية الفنانة نسيمة شعبان، في هذا الحوار الذي خصت به الجمهورية، عن ذكرياتها الجميلة بوهران، التي لا تزال تحتفظ بها في ذاكرتها، لاسيما لقائها الأول بالراحل الشاب حسني، كما أعربت عن فرحتها الكبيرة، بزيارة وهران خلال شهر رمضان المنصرم، لإحياء حفل فني بقاعة المغرب، و أيضا عن الأغنية الأندلسية، و اجتهادها المتواصل من أجل الحفاظ على هذا التراث الأصيل، كما كشفت نسيمة شعبان عن مشاريعها الفنية، لا سيما ألبومها الجديد الذي سيصدر قريبا. - الجمهورية : كيف كانت زيارتك الأخيرة لوهران، التي جاءت بعد غياب طويل؟ - نسيمة شعبان : كنت في منتهى السعادة و أنا أقف أمام جمهور وهران العزيز، فرحتي بهذه الزيارة كانت لا توصف، لا سيما و أنها كانت بمناسبة إحياء ليالي رمضان، حيث قدمت باقة متنوعة من التراث الأندلسي الأصيل، في المديح الديني، الذي ركزت عليه كثيرا في كل الحفلات التي أحييتها خلال الشهر الكريم، كما قدمت وصلات أخرى في الحوزي و الشعبي، و قد حرصت على أداء أغنية «حمامة» للفنان الكبير بلاوي الهواري، التي كانت عربون محبة لجمهور وهران. - ماذا تحتفظين في ذاكرتك من ذكريات لوهران؟ - في السابق كنت أزور وهران باستمرار، حيث عملت مع الفنان الكبير الراحل أحمد وهبي، و كانت الفنانة الراحلة صباح الصغيرة صديقتي، و كم من مرة استضفتها في بيتي بالعاصمة، كانت شابة موهوبة و خلوقة و خجولة، و أيضا الممثلة فضيلة حشماوي صديقتي، إنسانة رائعة، استضفتها أيضا في الحصة التي أنشطها على قناة النهار. أتذكر أنني جئت إلى وهران مطلع الثمانينيات، من أجل إحياء حفل بمسرح الهواء الطلق، رفقة الفنان الكبير شاعو عبد القادر، كان وقتها رئيس بلدية وهران الحالي السيد نور الدين بوخاتم مديرا للثقافة، قبل انطلاق الحفل طلب منا السيد بو خاتم، أن نمنح شابا فرصة الغناء في هذا الحفل، لأنه موهوبة متميزة و واعدة، كان هذا الشاب هو المرحوم الشاب حسني، رحبنا بالاقتراح طبعا بل و شجعناه على المواصلة، كانت أول مرة يقف فيها المرحوم حسني على خشبة المسرح و يغنى أمام الجمهور، أتذكر جيدا أنه كان شابا رائعا، مولوعا بالفن إلى أبعد الحدود، و يتمتع بموهبة كبيرة و صوت جميل، و بحماس غير عادي، هكذا تعرفت على الشاب حسني في بداية مساره الفني. - كيف ترين مدارس الموسيقى الأندلسية اليوم في الجزائر؟ - في السابق كانت المدارس الكبرى للموسيقى الأندلسية، تتمركز في الجزائر العاصمة و البليدة و تلمسان و قسنطينة و مستغانم، و عنابة، أما اليوم تكاد تكون منتشرة عبر كامل القطر الوطني، بما في ذلك منطقة القبائل، لاسيما أقبو و تيزي وزو، و في بجاية بفضل الفنان الكبير الراحل الصادق البجاوي، ثم جاءت مدرسة القليعة و الراشدية بشرشال، هناك انتشار واسع لهذا التراث الموسيقى، و هو أمر إيجابي للغاية. - ماذا يعني لك هذا التراث؟ - باعتباري باحثة في الموسيقى الأندلسية، فهو يمثل لي الإبداع الفني، رغم أنني محافظة إلى أبعد الحدود، على هذا التراث الفني الأصيل، أحب أن يبقى و أن تتناقله الأجيال على أصوله، لكن هذا لا يمنعني من الابداع خارج أطر التراث الأندلسي الكلاسيكي، و خارج الحوزي و المديح الديني، بطبيعة الحال وفق أسس علمية و دراسات و أبحاث، دون المساس بالروح و الأصل، لقد غنيت قصائد الأمير عبد القادر، و أشعار سيدي بومدين الغوث كلها، كما غنيت لأحمد العلاوي، و للكثير من الشعراء، ممن لم تغن أشعارهم من قبل، فضلا عن الموشحات القديمة، التي لا يمكن الاستغناء عنها أبدا. - كيف تحافظين عليه؟ - أنا أدرّس و أنقل خبرتي التي كرستها لعقود في الموسيقى الأندلسية، ألقن المناهج العلمية لهذا الفن الأصيل، أتمنى أن يكون هناك تواصل دائم بين الأجيال، خدمة للموسيقى الأندلسية و للثقافة الجزائرية، كما أن حصة «الوجه الآخر» التي أقدمها على قناة النهار، تصب في هذا المنحى، بمعنى نحن نسعى و نجتهد للمحافظة على هذا التراث، الذي غنيته في المسارح العالمية الكبرى، بكل الطرق و الوسائل، للارتقاء بالفن الجزائري. - هل من مشاريع في الأفق؟ - أكيد، أنا بصدد تحضير علبة أو ما يعرف ب «كوفري» في التراث الكلاسيكي و في المديح و السماع الصوفي، و أغاني جديدة من كلماتي و ألحاني، أحب كتابة المواضيع التي أحس بها و تحرك مشاعري، عن قريب سيصدر لي ألبوم جديد، يتضمن أغاني حول الحب و المنفى، منها قصائد لمصطفى لكبابطي، لقد إشتغلت على نصوص هذا الشاعر الكبير، و منها قصيدة، جميلة يمكن أن نعتبرها أول نشيد وطني ألف في تاريخ الجزائر، فهذا الشاعر الكبير كتب عندما نفاه المستعر إلى الاسكندرية، أجمل القصائد، و قد رأيت أنه من الواجب، أن أخرجها إلى النور، حتى لا تظل حبيسة الأدراج.