يعد مسجد كتشاوة التاريخي في قلب العاصمة الجزائرية أحد المعالم التراثية في حي "القصبة" العتيق، وتولّت الوكالة التركية للتعاون والتنسيق (تيكا)، أعمال ترميم الجامع والتي استمرت نحو ثلاثة أعوام، بالتعاون مع مؤسسات وعلماء آثار جزائريين، لإعادة المسجد إلى العمل بعد أن أوصدت أبوابه عام 2007 في أعقاب زلزال باب الوادي. وسمح اتفاق ترميم المسجد بالاستفادة من خبرة تركيا في مجال ترميم المساجد، فضلا عن تدريب كوادر جزائرية في مجال الترميم، ليستعيد مسجد "كتشاوة" مكانته كتحفة عمرانية تاريخية. وتكفلت الوكالة التركية بجميع مراحل ترميم المسجد تحت إشراف وزارة السكن والعمران والمدينة وأشرف على أعمال الرسم والكتابة الخطاط التركي حسين قوطلو، الحائز على جائزة الرئاسة التركية للثقافة والفن عام 2016. ويعود مسجد "كتشاوة" إلى سنة 1792، خلال فترة تبعية الجزائر للدولة العثمانية، بناه حسن باشا وترجع التسمية إلى الكلمة التركية التي تعني باللغة العربية "العنزة"، حيث أطلق الاسم على المسجد نسبة إلى السوق القائمة في الساحة المقابلة للمسجد، والتي تحول اسمها لاحقا إلى "ساحة الشهداء". واستُخدم المسجد التاريخي كمستودع للسلاح، ومسكن لرؤساء الأساقفة إبان الاحتلال الفرنسي حتى تدميره عام 1844، وبعد تدميره، أنشئت مكانه كاتدرائية، بقيت مفتوحة حتى استقلال الجزائر سنة 1962، لتتم لاحقًا إعادته إلى أصله كمسجد، وحينها تحوّل إلى أحد رموز استقلال البلاد، وأقيمت فيه أول صلاة في الجمعة الأولى التي تلت الاستقلال في 5 جويلية 1962. وحسب أرقام وزارة الشؤون الدينية، ورثت الجزائر قبل الاحتلال الفرنسي ما يقارب 300 مسجد، تحول معظمها إلى كنائس، ولم يبق منها بعد الاستقلال سوى 13 مسجدا ذات معمار عثماني. جامع كتشاوة يمثل تحفة معمارية تركية فريدة من نوعها، وللعلم أن القصبة بناياتها كلها تعود للعهد العثماني في الجزائر. ويحظى مسجد كتشاوة، إضافة للجامع الكبير باستقبال العلماء الكبار الوافدين إلى الجزائر من مختلف ربوع العالم الإسلامي، حيث تقام دروس يحضرها الآلاف من المصلين ورغم مرور الزمن لا يزال هذا المسجد يحافظ على تاريخه ويصارع تقلبات الزمن حيث يتواجد في الواجهة البحرية للعاصمة، فالداخل إلى حي القصبة يتراءى له من بعيد الجامع الذي يتوسط ساحة الشهداء التي أصبحت اليوم سوقا تجاريا مفتوحا على كل المنتوجات المحلية الصنع.