هل الانسحاب الراغبين في خوض الانتخابات الرئاسية في الجزائر يحلّ قضية أم يزيد في تقليص فرص التغيير الهادئ كما يصبو إليه الشعب ، الذي كلّما علّق الآمال على الأحزاب أو الشخصيات المستقلة في ترشح حر يخرج من « المغامرة « خالي الوفاض ؟ ألم تكن انتخابات 18 أفريل المقبل الفرصة التاريخية لتنفد الطبقةُ السياسية و تكسر جدارة التردد و بالتالي الوصول إلى ما تصبو إليه مجتمعة مع جماهيرها ؟ و تحقيق ما سطّرته من أهداف شعبية ؟ أمّ أنّ أهدافها تبدأ و تنتهي في اعتلاء كرسي الحكم ؟ اعتلاء لا يبدأ بترشح ولا ينتهي بانتخاب و فوز بل يبدأ بتكوين قواعد، والنضال معها و لأجلها عديد السنوات، وبالتالي صناعة القاعدة الصلبة لمعارضة تتغذّى ويقوى عودها من قوّة مَن يساندونها. المعارضة عندنا سلبية، تؤمن بالهدف المنشود و تتخلّى عن طرق الوصول ، طرق مسافاتها طويلة وجهدها جهيد، سلبية عندما يعلن المنتمون إليها و المتحدثون باسمها أنّهم ضمنيا سيركبون موجة التغيير ويزيد حماسهم عندما تسمع خطاباتهم، وبالتالي المشاركة السياسية و الوصول إلى الانتخابيات و لكن ينزلون ركّابهم في منتصف الطريق ويعودون أدراجهم إلى حيث مكاتبهم معلنين انكماشا سياسيا يغذي ويقيم عليهم الدليل في أنّهم لا يعرفون ما يريدون حقا كمعارضة أو الانتساب إليها.. إنّ التخلي عن الفرصة السياسية التي تمنحها الانتخابات هو تخلّ عن مبادئ يكون الراغبون في الترشح المنسحبون قد دافعوا من أجلها عديد السنين أو لا توجد إلّا في مخيّلتهم باعتبار المؤمن بأفكاره يدافع عنها ويتحمّل شوائب ونائبات المشهد السياسي . أنّ المثل الشعبي يقول : خذ وطالب، أمّا الاستكانة السياسية بالانزواء وتتبّع ما يجري وما قد يجري فذلك انطواء سياسي . فالانتخابات لا تجرى كل شهر و الشعب ينتظرها سنوات ليعبر بالطريقة الديمقراطية عن مطالبه وما يصبو إليه. قديما كان أحزاب والمترشحون ينسحبون من الانتخابات بحجة المعرفة المسبقة بأنّ ثمة تزوير واليوم انسحبت بعد تأكدها أنّ رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة المنتهية ولايته أعلن ترشحه للانتخابات من أجل الظفر بعهدة جديدة ، فالمغامرة بالنسبة للمرشحين انتهت قبل أن تبدأ رغم أنّ الانتخابات فرصة سياسية للتغيير والفصل للشعب في الاختيار(...) إنّ الانسحاب اقرار بتكريس الهزيمة و نعرف أنّ انتخابات 2019 كان يرى فيها الشعب فرصة حقيقة للتغيير فلماذا أولئك المرشحون يوصلون الجماهير إلى بئر الماء و يعودون بهم عطشى ؟