مضى أكثر من شهرين على تحرّك الشارع الجزائري مطالبا بتغيّرات سياسية جذرية ، تبدأ بذهاب النظام الحالي بكل وجوهه و استرداد الحكم باسم الشعب و لصالحه ، بعد سنوات من سوء تسيّر الحياة السياسة و مصادرة الحريات و السطو على انجازات المجموعة الوطنية ، الذي انجرت عنه عديد الأزمات في قطاعات شتّى ، و أمام عدم الاستجابة الكاملة لمطالب الحَراك الشعبي في البلاد التي بدأت بذهاب الرئيس بوتفليقة و لم تصل بعد إلى تنحي الوزير الأوّل ورئيس الدولة المؤقت حسب ما تطالب به المسيرات المتجدّدة كلّ يوم جمعة ، يواصل الجزائريون احتجاجاتهم بأشكال مختلفة ما يؤكد أنّ عمر الأزمة الجزائرية التي وجدت نفسها أمام فراغات دستورية و طبقة سياسية هشّة. و لا تزال حكومة الوزير الأول نور الدين بدوي تواجه عقبات في إقناع المعارضة الرسمية والمتظاهرين على حد سواء بصواب قراراتها التي جاءت من أجل انعاش عديد القطاعات لاسيما على الصعيد الاجتماعي مع تقديم مبادرات حل و التي يعتبرها العديد مجرد حقن تبريد . و ما يؤكد استمرار الأزمة في البلاد وقوف الحكومة الحالية المرفوضة من قبل الحَراك الشعبي عاجزة أمام حركة الاحتجاج الذي لم تستطع تلجيمه رغم المحاولات ليظل سقف المطالب الشعبية في ارتفاع و دون تنازل . أكثر من ذلك ، و من المؤشرات التي تثبِّت الأزمة الجزائرية رفض الحَراك الشعبي للاستحقاق الرئاسي المزمع تنظيمه في بداية شهر جويلية باعتبار ذات الاستحقاق تسيّره نفس وجوه النظام المطلوب رحيله ، و بالتالي نتائجه محسومة و مضمونة سلفا لاسم قد يراهن عليه النظام كما جرت العادة . أكثر من ذلك و من مؤشرات بقاء الأزمة اللغط الحاصل في توصيف الأزمة ذاتها ، بين الدستوري أو السياسي و دخول المؤسسة العسكرية على الخط رامية بكل ثقلها في الساحة و كذلك الحل ، و يحتدم النقاش في التعريف بالأزمة و مخرجاتها ففريق يتجه نحو الدستور لاستنباط الحل و هو الدستور الذي أكّد جلّ القانونيين أنّ ثغراته كثيرة و لا يمكن الاعتماد عليه سوى إذا فتح باب الاجتهاد السياسي ، و هو ذات الاجتهاد الذي قد تعتريه عديد التأويلات سواء من طرف الطبقة السياسية أو الحَراك الشعبي . أمّ التوصيف سياسي للأزمة فيؤكد أنّ البلاد ليست أمام فراغ مؤسساتي باعتبار رئاسة الجمهورية «شغّلة» و كذلك البرلمان و السلطات المتبقية و بالتالي الكرة في مرمى الطبقة السياسية سلطة و أحزابا، و منتظر أن تقدّم اقتراحاتها في ندوة جامعة، ندوة لم يحقق تنظيمها اجماعا لتباين الآراء و المواقف . و يرى فريق آخر أنّ الحلّ و كيف ما كان صارت تقوده المؤسسة العسكرية (و هو ما يثبت هشاشة المشهد السياسي في البلاد) في حين و عرفيا على المؤسسة العسكرية تأطير الحل لا تقديمه و تنفيذه ، مادامت المسيرات الداعية إلى دمقرطة البلاد تنادي دوما بالتزام المؤسسة العسكرية حدودها الدستورية . ف. ش