مما يروى عن الأمير عبد القادر , أنه في أول يوم من مبايعته أميرا للجهاد ضد المستعمر الفرنسي , اجتهد بعض حاشيته , لإعادة تهيئة بيته بالشكل الذي يليق بمقام الأمراء في ذلك العهد , فغيروا ديكور و أثاث غرفته الشخصية بما يلزم من زرابي و أرائك و طنافس و مصاطب و ما إلى ذلك من فاخر الأثاث في ذلك الوقت , و لم يكتفوا بذلك و إنما فعلوا نفس الشيء مع زوجته التي غيروا مظهرها بما البسوها من زينة النساء , ثيابا و جواهر ... و المفاجأة , أن الأمير الذي عاد إلى بيته بعد يوم شاق , ما إن دخل غرفته حتى ولى خارجا منها , متسائلا ماذا فعلتم بغرفتي ؟ هذه ليست غرفتي !, و هذه ليست زوجتي ! و لم يعد إليهما ؛ الزوجة والغرفة ؛ إلا بعد أن أعيدتا إلى سابق عهدهما , و ليس هذا بغريب على أمير افتخر ببيت الشعر و فضله على بيت الحضر أو الحجر ... و مما يروى في نفس السياق عن الراحل هواري بومدين , أنه في إحدى جولاته التفتيشية عبر مكاتب جبهة التحرير الوطني في الخارج إبان الثورة , دخل إلى قاعة الانتظار بأحدها قبل مجيء المسؤول , و لما جاء هذا الأخير راح يستفسره , و يعرض عليه "قهوة أو شايا " ؟ غير أن الراحل رد عليه "استقلتم و اصبحتم تشربون القهوة و الشاي" , قبل أن يضيف ملاحظته مشيرا إلى كرسي أمامه , عندكم هنا شخص يقضي وقته جالسا , لأن الكرسي المشار إليه قد اهترأ (تآكل)جلده من كثرة الجلوس عليه؟ و هذا أيضا ليس غريبا على من عاش بسيطا و مات بسيطا لم يورث عقارا و لا دينارا ... ليت جميع من تولى منصبا في الدولة , اقتدى بزعماء الجزائر , قولا و عملا و تواضعا , لأن ما ينفق حاليا على تجهيز المكاتب و الإقامات الوظيفية , يكفي لإحياء كل الأرض الصالحة للزراعة في بلادنا .