تمكن فيروس كوفيد-19، الذي غير مجرى الحياة في العالم برمته، ولا أحد يعلم متى سينتهي هذا الكابوس، الذي جمد الحركة على وجه الأرض، وفرض على الدول حظر التجول، واجبرها على العيش في عزل صحي رغما عنها منذ عدة أسابيع ... من النيل من كل القطاعات المهمة والحساسة، الاقتصادية منها والاجتماعية وكذا قطاع النقل، التي ضربت كلها في العمق، بسبب الخسائر الكبيرة التي تكبدتها جراء وباء كورونا، الذي أحداث أيضا شللا تاما في القطاع السياحي، الخاسر الأكبر في هذه الأزمة الصحية غير المسبوقة، حيث تلاشت السياحة تماما من المشهد، وهي بذلك تعيش أسوأ مرحلة لها في تاريخها على الاطلاق. مما لا شك فيه أن السياحة ستتغير في مرحلة ما بعد كورونا، باعتباره القطاع الوحيد الذي سيحتاج مزيدا من الوقت حتى يتعافى وينتعش، لأن متاعبه ستتواصل حتى بعد القضاء على الفيروس، ذلك أن الاقبال على الوجهات السياحية سيكون محتشما ما بعد كورونا، ولن يرتفع أو يتضاعف، بمعنى لن يعود كما كان عليه قبل ظهور هذا الفيروس، حتى بعد عبور هذه الأزمة، لاعتبارات عدة، لعل أهمها هو أن الكثير من الدول التي تعتبر قبلة سياحية واقتصادية بامتياز، لن تفتح حدودها البرية ولن ترفع حظر السفر إليها إلا تدريجيا، وعليه فإن عودة الأمور إلى طبيعتها لن يكون إلا مع حلول السنة المقبلة، ولعل ما يعزز هذا الاحتمال، هو أن الكل تأثر نفسيا بهذه الجائحة، التي حصدت مئات الآلاف من الأرواح، ولن يتخلصوا من هاجس كورونا إلا على المدى المتوسط وربما البعيد، وهي الحالة التي ستعمّق أكيد أزمة السياحة وتضاعف خسائرها، طالما أن السفر مؤجل إلى وقت غير معلوم. بالنسبة للجزائر فإن الأمر يختلف، كون هذا القطاع ليس مزدهرا عندنا، مقارنة بالدول التي تعد وجهة سياحية بامتياز، لكن رغم ذلك فإن المؤسسات الفندقية والمركبات السياحية وعلى قلتها، والتي عادة ما كانت تشهد اقبالا كبيرا من قبل جاليتنا المقيمة في الخارج، ستتكبد خاسر فادحة، وعليه فإن موسم الاصطياف هذه السنة، سيكون استثنائيا، حيث لن يشهد الاقبال الذي تعود على تسجيله في السنوات الماضية، في حين سيكون هذا الموسم كارثيا أكيد في العديد من دول العالم، التي تشهد توافدا للسياح على مدار السنة، لاسيما فرنسا وبريطانيا وإيطاليا وإسبانيا وألمانيا وسويسرا وغيرها من البلدان الأوروبية والعربية والأسيوية وكذا الأمريكية، أما افريقيا، فإن تونس التي تعد الوجهة الأولى خلال الصيف، فيرى خبراؤها أن الموسم السياحي في تونس انتهى تماما، وأن عودة السياح إليها، لن تكون بالسرعة المطلوبة بل وتحتاج وقتا طويلا، وتهيئة الظروف لإنعاش هذا القطاع خلال مرحلة ما بعد الجائحة، فكل التوقعات تشير إلى أن خسائرها ستكون أكبر بكثير من تلك المسجلة في 2015 ، جراء الاعتداءات الارهابية التي شهدتها تونس، وعليه فقد بات بلوغ 9.4 مليين سائح التي سجلتها في 2019 ، بمداخيل قدرت بنحو 2 مليار دولار، بعيدة كل البعد عن هذه الأرقام في زمن كورونا، فالعديد من المؤسسات الفندقية والمركبات السياحية المنتشرة عبر ربوع تونس، ستضطر إلى غلق أبوابها في غياب السياح، ونفس السيناريو سيشهده أيضا المغرب خلال هذه السنة التي ستكون على ما يبدو سنة بيضاء على السياحة العالمية.