من بين قرارات الوزارة الأولى المعلن عنها الأربعاء جعل امتحان شهادة التعليم المتوسط للسنة الدراسية الحالية , اختياريا و ليس إجباريا. و الواقع أن اتخاذ مثل هذا القرار كان ضروريا للحد من تفشي وباء كورونا من جهة , و كذا التقليص المعتبر لتكاليف إجراء مثل هذه الامتحانات مما يستجيب للحد الأدنى من اقتراحات أطراف المنظومات التربوية و الجامعية و التكوينية التي تقلصت بشكل يلخصها في الدعوة إلى "إنقاذ ما يمكن إنقاذه" من العام الدراسي , أي الحرص على إجراء امتحان البكالوريا خلال شهر سبتمبر قبل الدخول المدرسي الجديد. غير أن هذه الوضع غير المتوقع , ينبغي أن يستثمر لإيجاد الحلول البديلة مستقبلا , لأنه لا ينبغي أن تستمر هذه المنظومات الحيوية في المشوار الدراسي لتلاميذنا و طلبتنا في العمل تحت ضغوط الأزمات الظرفية , و لعل الدرس المستفاد في الأزمة الصحية الراهنة , هو الحاجة إلى مراجعة قائمة الامتحانات الرسمية , إذ ما الداعي إلى مواصلة إجراء امتحانات بدأت تطرح بشأنها تساؤلات عن جدواها التربوية أو الاجتماعية , مثل شهادة التعليم المتوسط و شهادة نهاية التعليم الابتدائي ؟ . و يجد مثل هذا التساؤل تبريره في كون امتحان نهاية مرحلة التعليم الابتدائي على وجه الخصوص, باستثناء الأثر النفسي على الممتحنين و تعويدهم على أجواء الامتحان , ليس له أي تأثير على المشوار الدراسي للتلميذ , مادام جميع التلاميذ تقريبا ينتقلون إلى التعليم المتوسط بما فيهم الراسبون في الامتحان المذكور كما أن هذا الامتحان رغم كل تكاليفه لا يؤكَّد ماديا بشهادة تثبت النجاح فيه , و لا يعتد به في مجال التوظيف , فَلِمَ الاستمرار في استنزاف المال العام في تنظيم امتحان وجوده و عدمه سواء ؟ من الناحية العملية و التربوية و القانونية تعتبر مرحلتا التعليم الابتدائي و التعليم المتوسط , مرحلة واحدة للتعليم الإجباري , و بالتالي يمكن الاقتصار على امتحان واحد في نهايتها يتوج بشهادة تحظى بالاحترام في المجتمع و خاصة في مجال التوظيف. و من شأن مثل هذا الإجراء التصحيحي , اقتصاد ميزانيات ضخمة تخصص لمثل هذه الامتحانات التي يمكن الاستغناء عنها دون التأثير على المشوار الدراسي للتلاميذ.