الشباب الطاقة المجددة والقوة النشطة والطموح والآمال والرغبة في احداث التغيير والفئة الاكثر في المجتمع وكل الانظار موجهة اليه لصناعة المستقبل وتحقيق الانتصار على الجهل والتخلف عن طريق تكوين الاجيال الناشئة علميا ومهنيا وسياسيا أيضا. لقد كان لشباب الجزائر الدور الكبير في تحرير الوطن من الاحتلال الفرنسي الغاشم واسترجاع الاستقلال والسيادة الوطنية وبناء الدولة الجزائرية القوية فقد عملت الحركة الوطنية على تكوين جيل من الشباب تكوينا سياسيا قويا وأنشأته على حب الوطن والتضحية من أجله بالنفس والمال فثورة أول نوفمبر 1954فجرها الشباب وكانوا قادتها ووقودها واستطاعوا بفضل وعيهم وتكوينهم السياسي المتين ان يهزموا فرنسا الاستعمارية عسكريا وسياسيا واعلاميا واضطروها للاعتراف باستقلال التي كانت تدعي كذبا انها جزء لا يتجزأ منها وتولوا قيادة الدولة الجزائرية فكان المسؤولون من الشباب بما في ذلك رئيس الجمهورية واستطاعوا تسيير الدولة واقامة مؤسساتها على اسس سليمة وحققوا انجازات معتبرة رغم الاخطاء عن قلة التجربة ونقص الاطارات والكفاءات والخيارات السياسية والاقتصادية وقد واصل حزب جبهة التحرير الوطني ابان النظام الاشتراكي تعبئة الجماهير وكان يعتني بالشباب وتجنيدهم في الحملات التطوعية والتجمعات الشعبية من طلبة الجامعة وغيرهم عن طريق اتحاد الطلبة الجزائريين والمنظمة الوطنية للشبيبة الجزائرية وشبيبة جبهة التحرير الوطني لكن الذي حدث ان الشباب الذين تقلدوا المسؤوليات قد اكتهلوا أو شاخوا لكن ظلوا متمسكين بمقاعدهم دون ان يمنحوا الفرصة لغيرهم من الشباب واكتفوا بترديد الوعود والحديث عن تسليم المشعل الذي يقبضون عليه بقوة ومع تعثر المشروع والازمة المالية والاقتصادية التي هزت البلاد ونغصت حياة المواطنين جاءت احداث الخامس أكتوبر 1988التي اطاحت بنظام الحزب الواحد وفتحت الباب امام التعددية الحزبية والاعلامية والنقابية بدور دستور23فبراير1989وعرفت الساحة السياسية نشاطا كبيرا وحماسا فياضا وظهرت عشرات الاحزاب السياسية والمنظمات الطلابية والنقابية والجمعيات والصحافة المستقلة واقبل الشباب على الانخراط في الاحزاب السياسية قبل ان ينقلب الوضع بتعليق المسار الانتخابي واستقالة الرئيس الشادلي بن جديد ودخول البلاد في العشرية السوداء الدامية بكل مآسيها والتي تجاوزناها بعد تضحيات كبيرة والاجراءات السياسية والقانونية المتخذة والمتمثلة في قانون الرحمة والوئام المدني والمصالحة الوطنية. أفكار حبيسة العالم الافتراضي واسترجعت البلاد امنها واستقرارها وتزامن ذلك مع ارتفاع في اسعار المحروقات لكن الممارسة السياسية ظلت حذرة ومراقبة من السلطة والتعديلات الدستورية والقانونية كانت لصالح السلطة والاحزاب الموالية لها والتضييق والاقصاء من نصيب المعارضة الخارجة عن الصف والانتخابات شابها التزوير والفساد المالي والسياسي الذي ظل ينمو في هدوء والتعدي على الدستور بفتح العهدات الانتخابية التي وصلت الى الرقم 5 وجاء الحراك الشعبي المبارك في 22فبراير2019رافضا للعهدة الخامسة وتكررت المسيرات في ايام الجمعة بمشاركة الملايين بشعارات وطنية في نظام وهدوء وساندها الجيش الوطني الشعبي وحماها مستجيبا لشعار ((جيش شعب خاوة خاوة )وامام ضغط الجماهير تم الغاء العهدة الخامسة والانتخابات الرئاسية وطالب المرحوم الفريق احمد قايد صالح رئيس اركان الجيش الوطني الشعبي ونائب وزير الدفاع وقتها من المجلس بتطبيق المادة 102من الدستور واجبر الرئيس السابق على الاستقالة وتولى رئيس البرلمان رئاسة الدولة وهنا بدأت الخلافات تبرز في صفوف الحراك فالاغلبية من المتظاهرين اقتنعوا بالحل الدستوري السياسي بتنظيم انتخابات رئاسية وانسحبوا من المسيرات بينما ظهرت اقلية تطالب بمرحلة انتقالية رافضة تنظيم انتخابات رئاسية وحاملة لشعارات مناهضة للمؤسسة العسكرية وقياداتها وعلى راسها المرحوم ق قايد صالح والمشكلة ان الشباب المتحمسون للحراك انسحبوا من الساحة السياسية لعدم وجود تأطير حزبي أو تمثيل فقد ظهرت بعض الوجه مدعية تمثيلها للحراك ثم اختفت وانتقلت المعركة الى مواقع التواصل الاجتماعي بين المعارضين للاجراءات والحلول المتخذة والمؤيدين لها مع تسجيل غياب كبير في الانتخابات الرئاسية والاستفتاء على الدستور وقد زادت جائحة كورونا كوفيد19الطين بلة كما يقال فتم منع التجمعات والمسيرات خوفا من العدوى وللحد من انتشار هذا الوباء الخطير وحتى الاحزاب السياسية تكتفي ببث خطاباتها عبر مواقع التواصل التواصل الاجتماعي ومن الصعوبة الالتقاء بالشباب كما أن الاحزاب السياسية تنشط في الحملات الانتخابية فقط ولا تهتم بجذب الشباب للانخراط فيها وتكوينهم لدعم صفوفها واعدادهم للقيادة وتحمل المسؤولية فسياسة التشبيب غائبة وقادة الاحزاب يفكرون في أنفسهم وممثلو المنظمات الطلابية منشغلون بالنقاط والمطعم وبعض الامتيازات الاخرى فالسياسة بمعناها التقليدي والتي تمارس في هياكل الحزب وفق برنامج سياسي وقواعد عمل وافكار غير موجودة لدى الشباب الذي يقضي وقته في الفيسبوك مدعيا أنه يمارس السياسة.