بدا الملك محمد السادس مريضا جدا ومرتبكا، وهو يحاول نطق كلمات بسيطة، اختارها له البلاط الملكي بعناية بمناسبة عيد العرش، فبعد أن حاول تبرير الأزمات الاجتماعية المتلاحقة التي يعانيها الشعب المغربي نتيجة الأزمة الاقتصادية الناتجة عن انتشار جائحة كورونا، تحدث عن علاقة المغرب بالجزائر، في إطار خطة جديدة تستهدف وضع السم في العسل مثلما وصفها بعض المتتبعين. وقال محمد الخامس: "أشدد مرة أخرى، بأن الحدود، التي تفرق بين الشعبين الشقيقين، المغربي والجزائري، لن تكون أبدا، حدودا تغلق أجواء التواصل والتفاهم بينهما، بل نريدها أن تكون جسورا، تحمل بين يديها مستقبل المغرب والجزائر، وأن تعطي المثال للشعوب المغاربية الأخرى". وواصل محمد السادس عزفه على "حبل العواطف" بعد توقيعه على اتفاقية التعاون العسكري مع الكيان الصهيوني: "وبهذه المناسبة، أهيب بالمغاربة، لمواصلة التحلي بقيم الأخوة والتضامن، وحسن الجوار، التي تربطنا بأشقائنا الجزائريين؛ الذين نؤكد لهم بأنهم سيجدون دائما، المغرب والمغاربة إلى جانبهم، في كل الظروف والأحوال." واتهم المتحدث أطرافا لم يسمها "بإشعال نار الفتنة بين الشعبين الشقيقين"، وتابع: "إن ما يقال عن العلاقات المغربية الجزائرية، غير معقول ويحز في النفس. ونحن لم ولن نسمح لأي أحد، بالإساءة إلى أشقائنا وجيراننا." وأثار حديث الملك محمد السادس عن "تطلعه للعمل مع الرئاسة الجزائرية" الكثير من التساؤلات، على اعتبار أن خطابه لم يكن واقعيا، بل اتسم بالمناورة، ذلك أن المغرب ولسنين طويلة كان سببا مباشرا في تشنج العلاقات الثنائية بين البلدين، وآخرها إعلانه التطبيع مع الكيان الصهيوني وتوقيع اتفاقية تعاون عسكري بينهما، إضافة إلى تورطه في قتل عدد من العمال الجزائريين في المنطقة الواقعة بين الجمهورية العربية الصحراوية وموريتانيا. ويؤكد المتتبعون أن أيام محمد السادس باتت معدودة، وأن رسائله "العاطفية المسمومة" تجاه الجزائر مردها تأكد محيطه من وصول حالة الاحتقان الشعبي مستوى من الغليان يستحيل معه اللجوء إلى عمليات القمع والرجوع إلى النظام الملكي، حيث يتوقع هؤلاء انهيار العرش الملكي وإقامة نظام جمهوري بالمغرب بما يتوافق مع تطلعات المغاربة. وأشار آخرون أن ضغوط الإعلام الجزائري عجّلت بإخراج الملك محمد السادس وهو في تلك الحالة الصحية الخطيرة، بعد غياب لأزيد من شهرين بفرنسا، حيث استنزفت مخابرات عبد اللطيف الحموشي المدعومة صهيونيا كافة الخطط لربح الوقت ولم تجد سوى إظهار الملك بتلك الحالة الحرجة للخروج من من الضغوط المتزايدة. الدبلوماسي السابق، رحابي: خطاب لا يفتح آفاقا للعلاقات مع الجزائر قال الوزير والدبلوماسي السابق، عبد العزيز رحابي، إن تصريحات العاهل المغربي، محمد السادس، بشأن الجزائر لا يمكن أن تمثل حدثا دبلوماسيا ولا تفتح آفاقا للعلاقات بين البلدين. وأكد رحابي في منشور له على صفحته الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، إن تصريحات محمد السادس بمناسبة عيد العرش حول الجزائر لا تختلف عن تلك التي دأب على تضمينها في خطبه المتعاقبة في السنوات الأخيرة، مضيفا أن خطبه تحمل الجزائر مسؤولية تعثر البناء المغاربي وسوء العلاقات الثنائية مع الإصرار على إظهار المغرب بمظهر الضحية والمستعد للحوار رغم ذلك. وأشار الدبلوماسي السابق إلى أن الواقع يكذب هذا الإدعاء ويثبت زيفه، مؤكدا أن المغرب الرسمي يشن حملة تستهدف تشويه صورة الجزائر وشيطنتها والإصرار على تقديمها كحليف للقوى والجماعات "المعادية للغرب" مع "دبلوماسية معادية للمصالح الأمريكية والأوروبية" ليظهر المغرب في صورة "الحليف الأضمن للغرب". وأضاف المتحدث أن المخزن قاد حملة ضد موقف الجزائر من الحرب في أوكرانيا مع الحرص على إثارة الريبة حول هذا الموقف، مضيفا: " المغرب يعمل الآن على توريط الجزائر في التوترات بين إيران ودول الخليج وإسرائيل بينما لا تتحمل بلادنا أي مسؤولية كانت تجاه هذه التوترات". وتابع: "ينتهج جارنا الغربي على المستوى الثنائي إستراتيجية معاداة صريحة للجزائر من خلال السعي إلى تشويه وتزوير تاريخنا العريق والغني والتهجم الممنهج، من خلال شبكات التواصل الاجتماعي على المؤسسة الرئاسية في نفس الوقت الذي يعتبرها طرف حوار مميز ويشن في الآن نفسه حربا ممنهجة ضد الجيش الجزائري وقيادته". واعتبر رحابي أن هذا الخطاب لا يمكن أن يمثل حدثًا دبلوماسيًا ولا يفتح آفاقًا لعلاقات حسن الجوار بالنظر إلى أن الظروف التي أدت إلى تدهور علاقات البلدين لا تزال قائمة وحرص العاهل المغربي على عدم ذكرها. وأردف: "تقتضي التقاليد والأعراف الدولية بأن تكون حسن النوايا وعروض الحوار مسبوقًة بإجراءات مناسبة وتدابير نوعية على قدر مع ما هو معلن".