بعد مرور سنتين على الزلزال الذي ضرب إقليم الحوز وسط المغرب وخلف آلاف الضحايا وخسائر بشرية ومادية جسيمة، لا تزال معاناة السكان مستمرة في ظل الارتباك وغياب حلول جذرية ضرورية لمعاناتهم اليومية، في وقت تواصل الجهات المسؤولة تقديم أرقام ومعطيات رسمية لا تعكس حقيقة الوضع الميداني، بحسب مراقبين، مما يزيد من إحباط الضحايا. وفي هذا السياق، عقدت كل من "التنسيقية الوطنية لضحايا زلزال الحوز" و"الائتلاف المدني من أجل الجبل"، مؤتمرا صحافيا، صباح الاثنين في الرباط، طالبت خلاله بالتسوية الفورية لملفات الأسر المقصية والمحرومة من التعويضات، وتعميم التعويض على جميع الضحايا الذين فقدوا منازلهم كليا أو جزئيا، مع توفير سكن لائق للأسر التي ما تزال تقطن في الخيام، ووقف محاولات تفكيكها قبل إيجاد البديل، بالإضافة إلى فتح تحقيق نزيه ومستقل في الخروقات والتلاعبات التي شابت ملفات التعويض، عبر لجنة مستقلة. وفي تصريح له خلال المؤتمر الصحافي، قال منتصر إثري، عضو "تنسيقية ضحايا الزلزال"، إن الأرقام الرسمية غير دقيقة وغير صحيحة، معتبرا أن "التسويق الإعلامي بعيد عن الواقع"، ومؤكدا أن المسؤولين حولوا ملف ضحايا الزلزال إلى قضية تقنية، عوض التعامل معه باعتباره ملفا إنسانيا. ورغم التصريحات الرسمية التي تشير إلى أن أشغال إعادة إعمار المناطق المنكوبة بلغت أكثر من 90 في المئة، فإن مقاطع فيديو حديثة انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي تُظهر استمرار وجود عدد من الخيام المنصوبة، والتي لا تزال تأوي أسرا وأطفالا، في وقت تشهد فيه المناطق الجبلية أمطارا غزيرة وعواصف رعدية قوية. وعقب المؤتمر الصحافي، نظمت "التنسيقية الوطنية لضحايا زلزال الحوز" وقفة احتجاجية أمام البرلمان في العاصمة الرباط، للتذكير بمعاناة المتضررين والتنديد بسياسة الإقصاء والتهميش التي طالت آلاف الأسر منذ وقوع الزلزال. ورفع المحتجون شعارات تنتقد الوضع القائم وتطالب بمعالجة جذرية للملف، مؤكدين أن الجهات المسؤولة لا تزال تقدم أرقاما ومعطيات رسمية لا تعكس الواقع الميداني، بينما تُحرم آلاف الأسر من التعويضات المالية المخصصة لإعادة بناء منازلهم، في خرق لما ورد في بلاغات الديوان الملكي. وفي هذا السياق، نددت التنسيقية ب"تجاهل العشرات من الوقفات الاحتجاجية والمراسلات والتظلمات والشكايات التي وجهت للجهات المعنية خلال العامين الماضيين"، مشيرة إلى أن العديد من الأسر تعرضت للتهجير نحو المدن بعد حرمانها من التعويضات، ما ضاعف من مآسيها الاجتماعية والاقتصادية. وأشارت التنسيقية إلى أن "استمرار تقديم أرقام ومعطيات لا تعكس الواقع الحقيقي يفاقم فقدان الثقة بين المتضررين والسلطات، ويحرم عشرات الآلاف من الدعم المخصص للهدم الكلي، مع الاكتفاء بالدعم الجزئي"، وهو ما اضطر الأسر إلى الاقتراض والكفاح من أجل استكمال بناء منازلها التي بُنيت من الخارج دون استكمال التجهيزات الداخلية الضرورية للسكن الكريم. وفي السياق، قالت فاطنة التامني، البرلمانية عن حزب "فدرالية اليسار الديمقراطي" المعارض، إن المئات من الأسر لا تزال تقطن في خيام مهترئة تفتقر لأبسط شروط الكرامة الإنسانية، في وقت لم يكتمل تأهيل عدد من المؤسسات التعليمية، كما حُرمت العديد من الأسر من التعويضات الكاملة التي وُعدت بها، في خرق صريح لما ورد في وعود رسمية سابقة. ووجهت النائبة البرلمانية سؤالا إلى رئيس الحكومة حول الإجراءات العاجلة التي تعتزم الحكومة اتخاذها لتسوية ملفات الأسر المقصية، وتعويض جميع المتضررين بشكل عادل وشفاف، وتوفير سكن لائق للذين ما زالوا يعيشون في الخيام، وفتح تحقيق مستقل حول الخروقات التي شابت تدبير الملف، ضمانا للكرامة الإنسانية والعدالة الاجتماعية. وأكدت التامني أن هذا الواقع تسبب في تزايد الاحتقان الاجتماعي، بعدما تحولت ملفات المتضررين إلى مجرد أرقام تُستعمل في التصريحات الحكومية والإعلامية، دون أن تعكس حقيقة الوضع المأساوي الذي يعيشه المواطنون على الأرض. وأضافت أن محاولات التهجير وإقصاء العديد من الأسر من الدعم والتعويض زادت من حجم المأساة، وأدت إلى تهجير بعض العائلات نحو المدن، مما ضاعف من معاناتها الاجتماعية والاقتصادية.